لم يكن انتصار نابولي بقيادة مدربه أنطونيو كونتي في ملعبه على يوفنتوس بهدفين لهدف في الجولة الثانية والعشرين، مجرد انتصار آخر يضاف إلى سجل فريق الجنوب الإيطالي الساعي لاسترداد لقب "السكوديتو"، الذي خسره في الموسم الفائت لصالح الإنتر، بل بدا أشبه برسالة حقيقية تظهر نوايا الفريق تحت قيادة مدربه المحنّك، بشأن التشبث بالصدارة وعدم إظهار أي بوادر يمكنها أن تبطئ سرعة قطار الفريق نحو منصة التتويج، في شهر أيار/ مايو المقبل.
وبالرغم من أنه تأخر بالنتيجة بهدف في شوط المباراة الأول، إلا أنّ لاعبي نابولي استحضروا روح أسطورتهم الأرجنتينية دييغو أرماندو مارادونا، الذي يحمل الملعب اسمه، ليقلبوا النتيجة إلى انتصار بهدفين، ويكبّدوا فريق "السيدة العجوز" الهزيمة الأولى هذا الموسم في الدوري الإيطالي بعد 21 مباراة، ليكرّس نابولي تفوقه الواضح في السنوات الأخيرة فوق أرضية ميدانه على ضيفه، بعد أن ألحق به الهزيمة السادسة على التوالي، في أطول سلسلة بتاريخ المواجهات التي جمعت الفريقين.
حلم كونتي
وحقّق فريق "البارتينوبي" الانتصار السابع على التوالي، في أطول سلسلة لفريق في الدوريات الخمس الكبرى، ليرفع رصيده إلى 53 نقطة، بزيادة 18 نقطة كاملة عمّا حققه الفريق حتى الجولة ذاتها من الموسم الماضي، وهو ما يظهر مدى التطور الذي عرفه الفريق مع قدوم مدربه الحالي أنطونيو كونتي الذي يتطلع لأن يكون أول مدرب في تاريخ الدوري الإيطالي يحقق اللقب مع ثلاثة أندية مختلفة، بعد أن فاز باللقب ثلاثة مواسم متتالية مع اليوفي ما بين 2012 و2014، ومن ثم مع إنتر ميلان في موسم 2020-2021.
وفي حال تمكن كونتي من قيادة نابولي نحو الفوز بلقب الدوري، فإنه سيصنع مجدًا شخصيًّا آخر له، إذ سيرتقي إلى المركز الثالث في قائمة أكثر المدربين تتويجًا باللقب، إلى جانب مارتشيلو ليبي وفابيو كابيلو برصيد خمسة ألقاب، علمًا أنّ هذه القائمة يتصدرها جيوفاني تراباتوني بسبعة ألقاب، يليه ماسيمليانو أليغري بستة.
معاناة في الميركاتو
صعوبات كثيرة عانى منها أنطونيو كونتي كمدير فني لفريق نابولي، في سوق الانتقالات الصيفية والشتوية على حد سواء لهذا الموسم، إذ إنه لم يتحصل على ضالته، وهو المهاجم البلجيكي روميلو لوكاكو من تشيلسي الإنجليزي مقابل 30 مليون يورو إلا بعد انطلاق الموسم بأسبوعين، وتحديدًا في التاسع والعشرين من شهر أغسطس/ آب الماضي، ليتم الاستغناء عن هداف الفريق النيجيري فكتور أوسيمين على سبيل الإعارة إلى غلطة سراي التركي، في فترة التوقف الدولية لشهر سبتمبر.
بالمقابل، فإنّ إدارة نابولي لم تتمكن من الوقوف في وجه الإغراءات المالية التي تقدم بها نادي العاصمة الفرنسية، باريس سان جيرمان، في الميركاتو الشتوي من أجل ضم النجم الجورجي كفاراتسخيليا مقابل 70 مليون يورو، وهو ما أفقد كونتي ورقة من أبرز وأهم أوراقه التي يعتمد عليها بشكل أساسي، وهو ما تظهره الأرقام، حيث شارك "كفارا" في 17 مباراة خلال مرحلة الذهاب، وسجل خمسة أهداف وصنع ثلاثة أخرى.
ميزة في صالح نابولي على حساب الإنتر
الملامح الحالية لجدول الترتيب، تظهر أنّ الصراع على "السكوديتو" للموسم الحالي سيكون ما بين نابولي والإنتر حامل اللقب، حتى وإن بدا أتالانتا قريبًا من حيث عدد النقاط، لكن الفريق السماوي يتمتع بميزة التفرغ لبطولة الدوري، حيث إنه ليس مشغولًا بأي مشاركة أوروبية بعد حلوله عاشرًا في الموسم الفائت برصيد 53 نقطة (وهو نفس الرصيد الذي حققه بعد 22 جولة من الموسم الحالي)، وكذلك خروجه من الدور ثمن النهائي لمسابقة كأس إيطاليا على يد فيورنتينا.
ويعني ذلك أنّ نابولي سيحظى بميزة لعب مباراة واحدة فقط في الأسبوع، على عكس ملاحقيه المباشرين (إنتر وأتالانتا) اللذين ما يزالان في كل المنافسات، بما فيها دوري أبطال أوروبا، ولديهما روزنامة مزدحمة للغاية، خلال الأسابيع المقبلة التي تسبق فترة التوقف الدولي الأخيرة لهذا الموسم في شهر مارس/ آذار.
اقرأ المزيد
ولعل مباراة القمة التي ستجمع نابولي بفريق "الأفاعي" في ملعب دييغو مارادونا خلال الجولة السابعة والعشرين، مطلع الشهر المقبل، ستكون شبه حاسمة بالنسبة للصراع على لقب الموسم الحالي، وخاصة إذا ما نجح الفريق الجنوبي في تجاوز المطبّين الكبيرين في الأولمبيكو، عندما سيشد الرحال لمواجهة كل من روما وجاره لاتسيو قبل استضافته للانتر، علمًا أنّ تشبث رجال المدرب كونتي بصدارة الترتيب، حتى ذلك الحين ستعزز كثيرًا من فرصهم في التتويج بلقب الدوري للمرة الرابعة في التاريخ، بعد أعوام 1987 و1990 و2023، إذ إنّ نابولي لن يواجه فرقًا كبيرة يمكنها إزعاجه في النصف الثاني من مرحلة الإياب، باستثناء ميلان وفيورنتينا، مع الإشارة إلى أنّ كلتا المباراتين ستُقامان على أرض نابولي وبين جماهيره.
