يستعد المغرب لتحقيق خطوة كبيرة في قطاع الطاقة، مع الإعلان عن قرب إنتاج الغاز الطبيعي المسال لأول مرة في تاريخه، انطلاقًا من مشروع حقل “تندرارة” في شرق المملكة.
وتعمل شركة “ساوند إنرجي” البريطانية على إنهاء بناء محطة لتسييل الغاز الطبيعي المستخرج من الحقل، تمهيدًا لبدء الإنتاج التجاري بحلول نهاية العام الجاري.
انطلاق تجارب الإنتاج الصيف المقبل
أكد “غراهام ليون”، الرئيس التنفيذي لشركة “ساوند إنرجي”، أن تجارب الإنتاج من محطة “تندرارة” ستنطلق في الصيف المقبل، مع التوجه نحو الإنتاج التجاري بحلول الخريف، بطاقة مبدئية تصل إلى 10 ملايين قدم مكعب يوميًا، أي ما يعادل حوالي 0.3 مليون متر مكعب. ومن المتوقع أن تتضاعف هذه الكمية لاحقًا لتصل إلى 40 مليون قدم مكعب يوميًا، مع تطوير حقول إضافية.
حقل “تندرارة”: محطة مفصلية لخفض الواردات
يُعد حقل “تندرارة” أكبر مشروع غازي بري في المغرب، ويمتد على مساحة 133.5 كيلومتر مربع. يُتوقع أن يسهم المشروع في تقليل اعتماد المملكة على واردات الغاز الطبيعي، التي تُقدّر بنحو مليار متر مكعب سنويًا. حاليًا، ينتج المغرب أقل من 100 مليون متر مكعب سنويًا من حقول صغيرة غرب البلاد، ما يضطره إلى استيراد الغاز عبر خط أنابيب يربطه بإسبانيا.
المشروع الذي يحمل آمالاً كبيرة لتحقيق الاستقلالية الطاقية، سيوفر الغاز اللازم لتشغيل محطات توليد الكهرباء، وتجفيف الفوسفات، وصناعة الحديد والسيراميك، وهو ما سيخفف الضغط عن الاقتصاد الوطني.
شراكات استراتيجية واستثمارات ضخمة
كجزء من استراتيجية تطوير المشروع، وقّعت شركة “ساوند إنرجي” اتفاقًا لبيع الغاز الطبيعي المسال لشركة “أفريقيا غاز”، التابعة لمجموعة “أكوا” المغربية.
وتضمنت استثمارات الشركة البريطانية في الحقل، منذ دخولها المغرب، ما يزيد عن 160 مليون دولار.
وفي عام 2022، باعت “ساوند إنرجي” حصة 55% من امتياز “تندرارة” لشركة “مناجم” المغربية مقابل 45 مليون دولار، مع احتفاظها بحصة 20% من المشروع. كما تساهم الدولة المغربية عبر المكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن بنسبة 25%.
إلى جانب ذلك، يتم إنشاء خط أنبوب بطول 120 كيلومترًا وباستثمار يصل إلى 400 مليون دولار، يربط “تندرارة” بخط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي.
وكان المغرب قد بدأ استخدام هذا الأنبوب بشكل عكسي لاستيراد الغاز من إسبانيا، بعد توقف الإمدادات الجزائرية نتيجة الأزمة السياسية بين البلدين.
خطط مستقبلية واعدة
تتوقع الشركة البريطانية زيادة إنتاج الغاز الطبيعي في السنوات المقبلة، مع خطط لحفر آبار استكشافية جديدة باستثمارات تصل إلى 25 مليون دولار.
كما أعلنت عن نيتها استكشاف الهيدروجين الأبيض الطبيعي في طبقات الصخور الجيولوجية بالمغرب.
رؤية طموحة للريادة الطاقية
يمثل مشروع “تندرارة” علامة فارقة في مسار المغرب لتعزيز مكانته في قطاع الطاقة، واستغلال موارده الطبيعية بشكل مستدام.
ومن خلال تطوير البنية التحتية ودعم الشراكات الاستراتيجية، يبدو أن المملكة على أعتاب مرحلة جديدة من الاكتفاء الذاتي الطاقي، وربما دخول أسواق الطاقة العالمية كمصدر مستقبلي للغاز الطبيعي.