عقب تسليم حركة "حماس" ثلاثة من الرهائن الإسرائيليين اليوم (السبت) إلى الصليب الأحمر الدولي ضمن الدفعة الرابعة من المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، تفرج إسرائيل عن (183) أسيراً فلسطينياً، بينهم (54) أسيراً من ذوي الأحكام العالية، و(18) أسرى محكومين بالسجن مدى الحياة (ذوي المؤبدات)، و(111) أسيرا من أبناء قطاع غزة الذين تم اعتقالهم بعد 7 أكتوبر 2023 ، ليصل بذلك إجمالي المفرج عنهم من "أسرى المؤبدات" إلى 171 أسيرا منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي.
وفي اطار اتفاق وقف اطلاق النار وتبادل الأسرى الذي تم التوصل إليه بوساطة مصرية قطرية أمريكية، تشمل قائمة الأسرى الفلسطينيين المنوي الافراج عنهم على مدار 42 يوما ضمن المرحلة الأولى من الاتفاق (296) أسيرا من أسرى المؤبدات.
وكانت سلطات الاحتلال أفرجت عن (121) من أسرى المؤبدات ضمن الدفعة الثانية من المرحلة الأولى للاتفاق يوم السبت الماضي، وخلال الدفعة الثالثة في 30 يناير الماضي، أفرجت عن (32) أسيرا أخرين.
وتم ابعاد (87) أسيرا منهم الى الخارج، بواقع (70) أسيرا في الدفعة الثانية و(17) أسيرا ضمن الدفعة الثالثة، و7 أسرى في الدفعة الرابعة المقررة اليوم.
يقول عبدالناصر فروانة رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين (حكومية) في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم (السبت): "قضية الأسرى مكون اساسي من مكونات القضية الفلسطينية..والثابت أن حكم المؤبد يصدر بحق المعتقلين الذين أدينوا بتنفيذ أو المشاركة في التنفيذ أو حتى المساهمة والمساعدة بشكل ثانوي في تنفيذ عمليات ضد الاحتلال في اطار المقاومة المشروعة وفقا للقانون الدولي ".
وأضاف فروانة :السجن المؤبد "مدى الحياة"، هي العقوبة الأقسى التي تفرضها المحاكم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين والعرب الذين تصنفهم إسرائيل بالأسرى الأمنيين... لم تكتف هذه المحاكم باصدار حكم المؤبد لمرة واحدة، وإنما تصدر أكثر من حكم بالمؤبد بحق الشخص الواحد على التهمة ذاتها ، وهي أحكام قد تصل الى المؤبد عشرات المرات كما في حالة الأسير عبد الله البرغوثي الذي حكم بـ67 مؤبدا.
وتتهم إسرائيل عبدالله البرغوثي بالمسؤولية عن قتل 66 إسرائيليًا، وجرح أكثر من 500 آخرين.وكان قد اعتقل عام 2003، وحُكم عليه بالسجن المؤبد 67 مرة ليُصبح صاحب أعلى حكم في السجون الإسرائيلية.
وبحسب فروانة: فإن هناك حالات صدر فيها أحكام بالسجن المؤبد ضد أسرى قاموا بعمليات مقاومة لم توقع قتلى في صفوف الإسرائيليين، وذلك بهدف الردع والانتقام من الأسير وعائلته التي ستعاني هي الأخرى جراء هذا الحكم".
وحول أعداد أسرى المؤبدات، يوضح فروانة - وهو أسير محرر وخبير بارز في شؤون الأسرى الفلسطينيين - أن عدد الأسرى الذين يقضون أحكاما بالسجن المؤبد (مدى الحياة)، لمرة واحدة او لعدة مرات بلغ قبل السابع من أكتوبر2023، قرابة (600) أسير من كافة المناطق الفلسطينية (القدس والضفة الغربية والقدس والمناطق المحتلة عام 1948 أو ما يُطلق عليهم "عرب الداخل" (من حملة الجنسية الإسرائيلية).
وأضاف :"الكثير من أسرى المؤبدات مضى على اعتقالهم عشرات السنين بشكل متواصل، وكان من بينهم (19) معتقلا منذ ما قبل اتفاق "اوسلو" الموقع عام 1993 ، أقل واحد منهم مضى على اعتقاله 31 سنة وأكثرهم وأقدم أسرى المؤبدات والأسرى عموما اعتقل منذ 40 سنة على التوالي.
وأردف: المؤلم ان أسرى المؤبدات، وهم كُثر، يجهلون تاريخ الافراج عنهم، وكذلك عوائلهم، بعكس الأسرى المحكوم بفترة زمنية محددة حتى ولو كانت حكم 30 سنة او 40 سنة ، كما هي حالة الأسير السابق "كريم يونس" الذي أفرج عنه في يناير 2023 بعد قضاء مدة محكوميته البالغة 40 سنة، والذي تلاه بأيام ابن عمه "ماهر يونس" ، حيث أمضى كل واحد منهما فترة حكمه كاملة وخرج من السجن، وغيرهما الكثير".
وقال المختص في شئون الأسرى عبدالناصر فروانة: "حكم السجن المؤبد مؤلم وقاس للأسير وذويه، ومئات من أسرى المؤبدات مضى على اعتقالهم سنوات طويلة، ولم يكن لهم أمل بالحرية إلا في اطار صفقات التبادل أو في اطار الاتفاقيات السياسية والتي نجحت هي الأخرى في أوقات سابقة في تحرير الكثير منهم، لكن تبقى كلمة الحسم لصفقات التبادل التي تستطيع أن تفرض شروطها وتُجبر اسرائيل على إطلاق سراح هؤاء الأسرى الذين طالما رفضت الافراج عنهم ضمن الاتفاقيات أو التفاهمات السياسية أو في اطار الجهود والمطالبات الحقوقية والقانونية.
وأضاف: إسرائيل تعاقبهم بشدة وتسعى للانتقام منهم وردعهم وردع الآخرين وتفرض محاكمها عليهم أحكاما خيالية ولم تراعِ تقدم أعمارهم وكبر سنهم وظروفهم الصحية وتصر على بقائهم في السجن في ظل هذه الظروف الصعبة لعشرات السنين مما أدى الى استشهاد الكثير منهم واحتفاظها بجثامين بعضهم..وهذا الأمر يدفع الفصائل الفلسطينية الى اللجوء الى خيار القوة والتمسك بخيار صفقات التبادل من أجل الافراج عنهم من غياهب السجون والمعتقلات".
ويعد الأسير محمد الطوس (أقدم معتقل فلسطيني) من أبرز "أسرى المؤبدات" الذين أفرج عنهم في صفقة التبادل الحالية بين إسرائيل وحماس .
وكان "الطوس" الذي يبلغ من العمر 69 عاما، معتقلا منذ عام 1985، وينتمي إلى حركة «فتح»، وقد حُكم عليه بالسجن مدى الحياة، وأمضى 40 عاماً بشكل متواصل في السجون الإسرائيلية.
ويؤكد فروانة أن كل التجاوزات والممارسات القمعية بحق الأسرى الفلسطينيين تتطلب وضع حد لحكم المؤبد وتحديده بفترة زمنية محددة، كما يستدعي العمل على اغلاق ملف أسرى المؤبدات والأسرى ذوي الأحكام العالية.
وحول أوضاع الأسرى القدامى وأسرى المؤبدات، يقول فروانة :"سنوات تمضي وأعمار تُقضى خلف القضبان، وكثير منهم كبروا وهرموا واشتعل الرأس شيبا ، وبينهم من فقد حياته داخل زنزانته قبل أن ينعم بالحرية المنشودة".
وأضاف: كثير من أسرى المؤبدات أمضوا في السجن من سنوات عمرهم أكثر مما أمضوه خارج السجن، وبينهم من ترك أبناءه أطفالاً ، ليلتقي بهم شباناً داخل السجن ، وهم من ذاقوا مرارة السجون وألم القيد وقسوة التعذيب بأشكاله الجسدية والنفسية ، وهم من عاصروا أجيالا وأجيالا ، فاستقبلوا آلاف الأسرى الجدد ، وودعوا أمثالهم ، فيما أجسادهم لا تزال مقيدة بين جدران السجون".
ووجه المختص في شئون الأسرى حديثه للرأي العام العربي والعالمي قائلا:أيها الناس اقرأوا قصص أسرى المؤبدات والأسرى القدامى وحكاياتهم ثلاث مرات، مرة لتتعرفوا على معاملة الاحتلال الإسرائيلي وسجانيه مع الأسرى الفلسطينيين، ومرة أخرى لتعرفوا كم هي معاناتهم ومعاناة ذويهم مؤلمة وقاسية، واقرأوها مرة ثالثة لتدركوا كم هم بحاجة الى دعمكم ومساندتكم في ضمان حريتهم كمقدمة لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة".
وأضاف:ما زلنا ننتظر الافراج عن الدفعات اللاحقة ضمن المرحلة الأولى وصولا الى الافراج عن جميع أسرى المؤبدات ضمن المرحلة الثانية واغلاق هذا الملف، وهذا أملنا ببدء مرحلة جديدة لا نرى فيها مؤبدات او قدامى في السجون وصولا الى الافراج عن كافة الأسرى والمعتقلين من سجون الاحتلال واحلال الامن والسلام العادل في المنطقة والذي يبدأ بانهاء الاحتلال، فلا حياة في ظل الاحتلال ولا حرية مع وجود الاحتلال".
وختم فروانة قائلا: نعول كثيرا على دور الوسطاء في الافراج عن الأسرى ونعلق آمالا كبيرة على ما يمكن أن تحمله المرحلة المقبلة.
ويتكون اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي تم برعاية مصرية قطرية أمريكية ودخل حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي من 3 مراحل مدة كل منها 42 يوما، تشمل المرحلة الأولى - في الشق المتعلق بتبادل الأسرى - ، الإفراج تدريجيا عن 33 إسرائيليا محتجزا بغزة سواء الأحياء أو جثامين الأموات ، مقابل قرابة ألفي أسير فلسطيني.
وتتعلق المرحلة الثانية من الاتفاق بعودة الهدوء المستدام التام، وتبادل أعداد أخرى من الأسرى والمحتجزين.. فيما تركز المرحلة الثالثة على تبادل جثامين ورفات الموتى الموجودة لدى الطرفين.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.