رُغم الرفض المصري الواضح والصريح، لمقترح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تهجير الفلسطينيين من أرضهم سواء بشكل مؤقت أو طويل الأجل، عاود الرئيس الأمريكي الحديث في ذات القضية، وقال للصحفيين في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض أمس الجمعة إن الأردن ومصر سيستقبلان سكانًا من غزة، مضيفًا: "ستفعلان ذلك (مصر والأردن).. فنحن نساعدهما وستقبلان بالأمر".
الكاتب الصحفي، المتخصص في الشؤون الأمريكية، خالد داود، يقول لـ"الرئيس نيوز": "الموقف المصري الرافض لتهجير الفلسطينيين من أرضهم سواء بشكل مؤقت أو طويل الأجل، مشرف ويجب الإلتفاف حولة ودعمه. والموقف الأمريكي الرافض للقبول بالأمر الواقع ليس غريبًا على الإدارات الأمريكية المتعاقبة، لكن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جريئة في طرحها، وترفض الاعتراف بفشلها في تمرير المشروع الذي لا يخدم إلا المخطط الصهيوني".
يضيف داود: "أظن أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لن ييأس في إعادة طرح المخطط القديم الجديدة طيلة الوقت، فهو لم يمر على تنصيبه سوى أسبوعين، وكعادته سيستخدم لغة قاسية في عرضها، لكن الأمور لن تصل إلى درجة معاقبة القاهرة على موقفها الرافض للتهجير؛ فالبليدين يجمعهما تاريخ طويل في معالجة الملفات المشتركة، وبينهما مصالح مشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب، وضمان الاستقرار في الشرق الأوسط وفي الملاحة الدولية، ولا يمكن للجانب الأمريكي أن يضر بتلك الملفات المشتركة، وأن اللجان المشتركة في البلدين سيناقشان الملف بمزيد من التعقل والمنطق".
رجح الكاتب الصحفي أن يكون اجتماع وزراء خارجية مصر والأردن والسعودية وقطر والإمارات في القاهرة، اليوم السبت، لبحث القضية وكيفية مواجهة الضغوط الأمريكية، وتقديم حلول بديلة، بما فيها سرعة تفعيل ملف إعمار غزة، والضغط لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار. مشيرًا إلى أن أمريكا نافذة في كثير من المؤسسات الدولية التي تتعامل معها القاهرة بما في ذلك البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والمؤسسات الإئتمانية الأخرى، وبيدها ممارسة ضغوط على القاهرة لكن أظن أنها لن تلجأ إلى ذلك، وأن المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر ليست منحة بل هي جزء من التزامات الجانب الأمريكي في اتفاق السلام الموقع بين مصر وإسرائيل.
دعا الكاتب الصحفي خالد داود، إلى عدم الإلتفات لتصريحات المندوب الإسرائيلي الدائم في الأمم المتحدة، داني دانون، التي يتحدث فيها عن القلق الإسرائيلي من تنامي قدرات الجيش المصري، وقال: "لا يمكن اعتبارها إلا أنها شخصية، وأن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أو خارجية دولة الاحتلال، لم تصدر أي بيانات بشأن ذلك، كما ان بعثة اللأمم المتحدة لحفظ السلام تراقب الأوضاع على الحدود المصرية الإسرائيلة، ولم يصدر عنها ما يفيد بأن هناك أي انتهاكات لاتفاق السلام بين مصر وإسرائيل من جانب القاهرة، لذا لا يجب التعاطي معها".
أما الباحث في مركز الأهرام للدراسات، أحمد كامل بحيري، رجح تعرض القاهرة لضغوط أمريكية اقتصادية نتيجة معارضتها للمقترح، وأن الالتفاف الشعبي سيحبط الكثير من تلك الضغوط.
فيما قال اللواء أركان حرب حمدى بخيت، أحد أبطال جهاز الاستطلاع خلال حرب أكتوبر المجيدة، والمحلل العسكري والاستراتيجي، إن الضمانة الوحيدة لتفادي أية قرارات أو مواقف متهورة من الرئيس الأمريكي المنتخب حديثًا، دونالد ترامب، على خليفة الموقف الرسمي الصلب الرافض لتهجير الفلسطينيين من أرضهم بشكل مؤقت أو طويل الأجل، هو تعزيز التوافق الوطني والإرادة الجمعية، وحينما تتوفر تلك المقومات فلن يكن في مقدور أي أحد ممارسة أي ضغوط على القاهرة لتمرير أي مشاريع تهدد السلم والأمن سواء الداخلي أو على مستوى الإقليم.
لفت المحلل العسكري والاستراتيجي، إلى أن الصمت الدولي أو سلبية الرأي العام الدولي هي بمثابة تواطؤ لإنهاء القضية الفلسطينية، وهو أمر ضاغط أيضًا على القاهرة، تصريح ترامب في حد ذاته ضاغط على القاهرة، ولابد من عمل عربي جماعي لتخفيف تلك الضغوط على القاهرة وعمان، مشيرًا إلى تعطيل الاستثمارات وتجميد المساعدات العسكرية والاقتصادية واردة من تلك الإدارة الأمريكية الجديدة.