بينما يتجه مشجع أرسنال إلى ملعب الإمارات يوم الأحد لمتابعة فريقه وهو يواجه حامل اللقب في السنوات الأربعة الأخيرة، مانشستر سيتي، تختلط المشاعر داخله نتيجة معادلة لم ينجح في إيجاد الحلول لها عبر المواسم الثلاثة الأخيرة.
فريق المدفعجية تحول مع مدربه الإسباني إلى فريق لا يعرف طعم الهزيمة في المواجهات الكبرى، أي ضد ما يسمى بالفرق الستة الكبار (البيغ 6) في البريميرليغ، لكنه في الوقت ذاته يعجز عن إنهاء فشله في الصعود إلى منصة التتويج في بطولة الدوري منذ الموسم الخرافي 2003-2004 الذي لم يعرف فيه طعم الهزيمة مع المدرب الفرنسي آرسين فينغر.
648 يوماً مضت منذ أن خسر الفريق أمام السيتزنز في بطولة الدوري، في حين تعود آخر هزيمة للفريق اللندني أمام مانشستر يونايتد إلى 882 يوماً، وتحديداً منذ سبتمبر 2022، بينما يجب العودة إلى 997 يوماً لمتابعة آخر هزيمة لأرسنال أمام جاره توتنهام، وإلى 1054 يوماً لآخر هزيمة له أمام ليفربول، و1260 يوماً لآخر هزيمة أمام البلوز (تشلسي).
نتائج أسهمت في تخلص أرسنال من عقدة المركز الرابع التي تحولت إلى مصدر لسخرية مشجعي الكرة الإنجليزية حول العالم، حين كان يستبدل الرقم 4 باسم أرسنال في كل مرة، لكن هذه النتائج لم تكن كافية للفريق اللندني ليُنهي الموسم في صدارة الترتيب رغم اقترابه من ذلك أكثر من مرة.
الدوري يُربَح في الأرياف
في الكالتشيو هناك عبارة شهيرة تتردد بين عشاق كرة القدم الإيطالية تقول: (الدوري يربح في الأرياف)، ويقصد بها أن نتائج المواجهات المباشرة بين الفرق الكبيرة ليست كافية لحسم اللقب، فاللقب يتم الظفر به من خلال النتائج المسجلة ضد الفرق الصغيرة والمتوسطة. وربما كانت هذه هي مشكلة أرسنال في السنوات الأخيرة، وتحديداً في الموسم الفائت عندما كان قريبًا من الفوز بالبطولة لولا خسارته على وجه الخصوص أمام أستون فيلا (ذهاباً وإياباً).
قبل وصول الإسباني أرتيتا، وحتى في بداية مسيرته مع أرسنال، كانت المواجهات مع فرق الـ(بيغ 6) تمثل كابوساً لأنصار الفريق اللندني.. إذ لم تكن الهزائم عادية، بل تاريخية، كالخسارة (0-6) أمام تشيلسي، و(1-5) من ليفربول، و(0-5) من مانشستر سيتي، ما بين عامي 2017 و2023.
بل تشير الأرقام إلى أن النادي خسر بثلاثة أهداف أو أكثر من ليفربول ومانشستر سيتي تسع مرات خلال هذه الحقبة في بطولة البريميرليغ، وهو ما أصاب أنصار الفريق بالإحباط سنة بعد أخرى.
عندما وصل أرتيتا إلى ملعب الإمارات، كان أرسنال قد فشل في تحقيق الفوز على مانشستر يونايتد في أولد ترافورد طيلة 13 عاماً، وكذلك الأمر بالنسبة لملعب ستامفورد بريدج (الخاص بنادي تشيلسي) لثماني سنوات، في حين أنه لم يكن قد ظفر ولو بنقطة واحدة من ملعب أنفيلد رود في آخر ثلاث سنوات، ولم يتمكن من الفوز على مانشستر سيتي (لا ذهاباً ولا إياباً) على مدار أربع سنوات؛ لكن المدرب الإسباني نجح بعد موسمين فقط من مسح كل هذه الأرقام من الذاكرة، وأحدث تطوراً كبيراً في نتائج الفريق أمام كبار البريميرليغ.
الانتصار في الدوري المصغر
لو أن بطولة الدوري الإنجليزي تقتصر على المواجهات بين الستة الكبار، لكان أرسنال قد حقق اللقب مرتين على الأقل في المواسم الثلاثة الأخيرة.
ولا تخفي الأرقام مدى التطور الذي طرأ على نتائج أرسنال مع خصومه الكبار، فبعد أن كان معدل نقاطه في المواجهات المباشرة خلال المواسم الثلاثة الأولى لأرتيتا لا يتجاوز (1.30 نقطة في المباراة الواحدة) ارتقى المعدل ليصل إلى 1.90 نقطة في موسم 2022-2023، وإلى 2.11 في الموسم التالي، بينما وصل إلى 2.00 نقطة في الموسم الحالي الذي لم ينته بعد، حيث نجح أرتيتا في تطوير عقلية لاعبيه بشكل لافت في المباريات الكبيرة، ووحده ليفربول من جمع نقاطاً أكثر من "المدفعجية" في الموسم الحالي أمام (البيغ 6)، حيث حصد 14 نقطة مقابل 12 لأرسنال.
وتشير الأرقام إلى أن "الغانرز" جمع في الدوري المصغر منذ موسم 2022-2023 نقاطاً أكثر بكثير من خصومه، حيث وصل رصيده إلى 53 نقطة مقابل 43 لمانشستر سيتي و41 لليفربول و28 لليونايتد و23 لتوتنهام و22 لتشلسي.
أرسنال.. دون صلاح أو هالاند
وعلى الرغم من أن النادي لا يمتلك رأس حربة أو نجماً هدافاً مثل محمد صلاح في ليفربول وإيرلينغ هالاند في مانشستر سيتي، إلا أنه يقدم أداء قوياً وثابتاً في معظم مبارياته، حيث لم يعرف طعم الهزيمة سوى في مباراتين في البريميرليغ هذا الموسم، وذلك أمام بورنموث (0-2) وأمام نيوكاسل (0-1) خارج ميدانه، لكن المقربين من الفريق يدركون جيداً أن الارتقاء إلى الخطوة التالية برفع كأس بطولة الدوري، يحتاج بكل تأكيد إلى لاعب هداف من أجل حسم بعض المباريات التي استعصت على الفريق بقبول التعادل في مباريات كان فيها الطرف الأفضل والمسيطر مثلما حصل في مواجهة برايتون حيث تعادل معه بنتيجة (1-1) مرتين في الموسم الحالي، أو التعادل سلباً مع فولهام في ملعب الإمارات.
ويمكن القول إن هذه النقاط الست التي أهدرها فريق المدفعجية في هذه المباريات كانت كفيلة بمنحه صدارة الترتيب أو تذليل الفارق الحالي مع ليفربول.. ومن هذا المنطلق، فإن أرسنال سيكون بحاجة ماسة إلى إيجاد جوهرة التاج الناقصة في سوق الانتقالات الصيفية المقبلة، كي يستثمر في التغيير الكبير الذي طرأ على عقلية لاعبيه في المباريات والمواجهات الكبيرة مع مدربه الإسباني أرتيتا.