أماطت الحادثة التي قضى فيها خمسة عمال بورش لتعلية سد “المختار السوسي” بجماعة أوزيوة التابعة لإقليم تارودانت اللثام عن مطالب حقوقية وجمعوية، تتعلق أساسا بتعزيز مراكز الوقاية المدنية وتوفيرها بمختلف المناطق لتحقيق عنصر القرب الجغرافي وضمان النجاعة في التعامل مع الحوادث، في حال وقوعها.
وليس هذا الواقع حكرا على المنطقة التي عرفت الحادث المذكور، بل تعرفه كذلك مناطق وأقاليم متفرقة بالمغرب، غير أن إقليم تارودانت كان سباقا إلى إثارته من بوابة المؤسسات غير ما مرة، وعلى رأسها البرلمان؛ فرغم كونه أكبر إقليم بالمغرب، من ناحية عدد الجماعات، إلا أن المراكز الخاصة بالوقاية المدنية والمتخصصة في الوقاية والإنجاد تنحصر به فقط على المراكز الحضرية الكبرى.
وتتقاسم عدد من الدوائر بالمنطقة، تحديدا، مطلب إحداث مراكز للوقاية المدنية، خصوصا بأولوز وإيغرم وتاليوين، بما يمكّن من تقريب هذه الخدمات من الساكنة في حالة وجود حوادث أو كوارث، دون انتظار وصول فرقٍ من مناطق أخرى، وهي المعطيات التي ضمّنها النائب البرلماني عزيز حميدو ضمن سؤال كتابي رفعه إلى عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية.
وأكد فاعلون مدنيون أولوية “إحداث مركز بنفوذ كل دائرة ترابية، حتى يمكن التجاوب مع مختلف الإشكاليات التي يمكنها أن تحدث”، موردين أنه “مطلب ليس وليد اليوم”، ومتمسّكين كذلك بضرورة “تعميق البحث في الحادث الذي أودى بحياة 5 عمال بورش تعلية سد المختار السوسي”.
وقال الحسين اليوسفي، فاعل جمعوي بالإقليم، إن “التجاوب مع هذه الإشكالية جد مستعجل، وهو ما بدا لنا بوضوح خلال فترة الزلزال، بعدما صعُبت عملية انتشال الأشخاص من تحت ركام البنايات”، مردفا: “نتحدث في نهاية المطاف عن أكبر إقليم بالمغرب من ناحية عدد الجماعات، التي في غالبيتها قروية”.
وأضاف اليوسفي، في تصريح لهسبريس، أن “مراكز الإغاثة الموجودة بالمناطق الحضرية بالإقليم لا يمكنها أن تستجيب للحوادث في الوقت المناسب، فهي الأخرى تبدو محتاجة إلى التأهيل والتعزيز، سواء بالموارد البشرية أو بالوسائل التقنية”، وزاد: “على الأقل يجب أن تكون لدينا 6 مراكز”، وتابع: “عدم حلّ هذه الإشكالية سيضعنا دائما في حالة انتظار المساعدة من خارج الإقليم”.
في سياق متصل أكد المتحدث ذاته أهمية تعميق البحث في الحادث الأخير، موردا: “نطرح كذلك سؤال ما الذي سيكون بعد هذا البحث، وهو ما يجعلنا نتشبث بإعمال المحاسبة، لأن الأمر يتعلق بخمسة ضحايا من أبناء المنطقة”، ومشددا في الأخير على “أولوية تعزيز البنية التحتية للإنقاذ والوقاية والإغاثة بالمنطقة، وتوفير الحد الأدنى على الأقل”.
في السياق نفسه قال إدريس عقيق، فاعل مدني بمنطقة أوزيوة وقريبُ أحد ضحايا الحادث، إن “إشكالية الوقاية المدنية وأجهزة الإنقاذ بالمنطقة أمر واقع يجب أن نتجاوزه بتوفير مجموعة من المراكز؛ فشساعةُ الإقليم لا يمكن مواجهتها باستقدام فرق الإنقاذ من مناطق بعيدة، إذ إن النجاعة وقتها لن تكون حاضرة”.
وأكد عقيق، في تصريح لهسبريس، أن “المنطقة تعرف حاليا مجموعة من الأنشطة، بما فيها السياحية والمنجمية، ولذلك من المهم أن تكون لدينا مختلف التجهيزات لمواجهة الكوارث الطبيعية والحوادث العرضية، سواء في الشغل أو في أماكن معزولة”.
كما سجّل المتحدث أن “المجتمع المدني حاليا بالمنطقة يتابع ويترقب التحقيق الذي قيل إنه فتح في هذه الحادثة مؤخرا من قبل لجان بعينها، ويؤكد في السياق نفسه على أولوية معالجة هذه الإشكالية التي آثرناها، تجنبا لأي عواقب وخيمة”.