نظم الديمقراطيون احتجاجًا خارج مقر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) في واشنطن العاصمة، بعد إغلاق إدارة ترامب يوم الاثنين أبواب الوكالة أمام العاملين في مقرها الرئيسي في وسط مدينة واشنطن العاصمة.
جاء ذلك بعد أن أعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيرو الأحد ضم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إلى إدارته، مؤكدًا تعيينه مسؤولًا عنها، وقال إنه سيوقف "تمردها" على أجندة الرئيس دونالد ترامب.
كما تم تعليق الحساب الرسمي للوكالة على منصة إكس، كما أصبح موقعها الإلكتروني خارج الخدمة، ما زاد من التكهنات حول مستقبل الوكالة.
وقال ماسك على حسابه على منصة إكس التي يمتلكها الاثنين: "نحن نغلق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية".
ووصف الديمقراطيون تحرك ترامب والملياردير إيلون ماسك لتجميد التمويل وإغلاق الوكالة المحتمل بأنه "غير دستوري".
وقال زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر عن أنشطة إدارة كفاءة الحكومة التابعة لإيلون ماسك "دوج"، والتي ورد أنها تضمنت الوصول إلى بيانات المدفوعات الفيدرالية الحساسة في وزارة الخزانة: "أمام أعيننا، تقوم حكومة ظل غير منتخبة بعملية استيلاء عدائية على الحكومة الفيدرالية".
وأضاف شومر أن (دوج) ليس لديها سلطة اتخاذ قرارات الإنفاق. ليس لديها سلطة إغلاق البرامج أو تجاهل القانون الفيدرالي، ومنح "دوج" قبضة خانقة على مدفوعات الخزانة أمر خطير للغاية".
كما أدانت السيناتور الديمقراطية إليزابيث وارن "استيلاء" إيلون ماسك على "النظام الذي يضمن حصول جدك على الضمان الاجتماعي، والنظام الذي يضمن حصول طبيب والدتك على مدفوعات الرعاية الطبية لتغطية موعدها الطبي، والنظام الذي يضمن حصولك على استرداد الضرائب المستحقة لك".
وأضافت: "دونالد ترامب وأصدقاؤه المليارديرات عازمون على الاستيلاء على هذه الحكومة لجعلها تعمل بشكل أفضل لأنفسهم وأسوأ للجميع".
وشن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك هجومًا على الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، في خطوة تندرج ضمن استراتيجية ترامب لتقليص الإنفاق الحكومي، والتي تركز على منح ماسك، الذي أصبح مستشارًا مقربًا من الرئيس الأمريكي، صلاحيات واسعة لتفكيك المؤسسات الحكومية.
في هذا السياق، أكد البيت الأبيض لبي بي سي أن إيلون ماسك يعمل كموظف حكومي خاص وجاء في بيان للمتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفات: "إن إيلون ماسك يخدم إدارة الرئيس ترامب بلا أنانية كموظف حكومي خاص، وقد التزم بجميع القوانين الفيدرالية المعمول بها".
ووفقا لوزارة العدل الأمريكية، فإن الموظف الحكومي الخاص هو "أي فرد يعمل، أو من المتوقع أن يعمل، للحكومة لمدة 130 يوما أو أقل في فترة 365 يوما".
ونقلت شبكة سي إن إن الأمريكية عن مصدر مطلع على عمل ماسك، أن ملياردير التكنولوجيا لا يتقاضى أجرًا مقابل العمل، ونقلت عن آخر أنه يتمتع بتصريح أمني رفيع المستوى.
كما أفادت وكالة أسوشيتد برس للأنباء أن لماسك عنوان بريد إلكتروني حكوميا ومساحة مكتبية في البيت الأبيض.
وفي رسالة من وزير الخارجية ماركو روبيو إلى كبار أعضاء الكونجرس، قال إن وزارة الخارجية ستتشاور مع الكونجرس ولجانه المختصة "لإعادة تنظيم واستيعاب بعض المكاتب والمكاتب والبعثات التابعة للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية".
وأوضحت الرسالة أن الخارجية تخطر الجهات التي تخاطبها بنيتها الشروع في مشاورات بشأن الطريقة التي تُوزّع بها المساعدات الخارجية في جميع أنحاء العالم من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
وأضافت الرسالة: "أن عمليات المساعدات الخارجية الحالية غير فعّالة على الإطلاق ولا تفيد الشعب الأمريكي بشكل كبير. وتؤدي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وظائف متضاربة ومتداخلة ومكررة عديدة تتقاسمها مع وزارة الخارجية".
ودافع ترامب عن تصرفات البيت الأبيض الأخيرة فيما يتعلق بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، قائلًا إن الوكالة تُدار من قبل "مجانين" ليبراليين ومليئة بالاحتيال، مضيفا أن ماسك "لا يستطيع ولن يفعل أي شيء بدون موافقتنا".
وخلال مؤتمر صحفي، وصف ترامب الوكالة الأمريكية بأنها "تُدار من قبل مجموعة من المتطرفين المجانين"، مؤكدًا أن الإدارة الأمريكية ستتخلص منهم، ثم تتخذ قرارًا بشأن مستقبل الوكالة. وأضاف أنه لن يدخل في التفاصيل في الوقت الحالي.
من جانبه، شن ماسك، رئيس شركتي "تيسلا" و"سبايس إكس"، هجومًا شديدًا على الوكالة عبر منصة إكس، إذ وصفها بأنها "منظمة إجرامية" متورطة في "القيام بالأعمال القذرة لوكالة الاستخبارات المركزية" و"الرقابة على الإنترنت"، مؤكدًا عزمه إغلاقها.
كما ادعى ماسك أن الوكالة "موّلت بحوثًا حول الأسلحة البيولوجية، منها فيروس كورونا الذي أودى بحياة الملايين"، دون تقديم أية أدلة على هذه الادعاءات.
ورغم أن هذه التصريحات قوبلت بانتقادات واسعة، جاء بعضها من مسؤولين في إدارة الرئيس السابق جو بايدن الذين أكدوا أنها جزء من "حملة تضليل روسية"، فقد جدد ترامب دعمه لماسك قائلًا مساء الأحد إنه يعتقد أن "ماسك يقوم بعمل جيد".
وأعلن رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، الجمهوري جيم ريش، دعمه لخطط دونالد ترامب وإيلون ماسك لإخضاع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لماركو روبيو ووزارة الخارجية.
وقال ريش في بيان: "لقد قلت لسنوات إن أعظم تهديد للأمن القومي يواجهه الأميركيون هو ديوننا الوطنية المتصاعدة، ويتعين علينا مواجهة هذا، وللقيام بذلك، يتعين علينا اتخاذ خيارات صعبة، وسيتعين علينا النظر عن كثب في جميع دوائر الحكومة".
وأضاف: "أنا أؤيد جهود إدارة ترامب لإصلاح وإعادة هيكلة الوكالة بطريقة تخدم مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة بشكل أفضل".
النقابة: خطط إدارة ترامب "مثيرة للقلق"
ووصفت جمعية الخدمة الخارجية الأميركية، وهي نقابة تمثل نحو 1800 موظف في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ومسؤولين آخرين في الخدمة الخارجية، خطة إدارة ترمب المعلنة لدمج الوكالة مع وزارة الخارجية بأنها "مثيرة للقلق".
وقالت الجمعية إن القيام بذلك "دون إخطار الكونغرس ودون خطة واضحة للاستمرارية، يثير مخاوف جدية بشأن مستقبل سياسة التنمية الأميركية والمكانة العالمية لأمريكا".
وصرح رئيس جمعية الخدمة الخارجية الأميركية توماس يزدجردي لبي بي سي بأن "عشرات" الموظفين في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية قد تم وضعهم في إجازة إدارية، "إن لم يكن أكثر".
وقدر هذا العدد بنحو ستين شخصًا، لكنه أشار إلى صعوبة إحصاء الأرقام، موضحًا أنه يعتمد على حديثه إلى الأعضاء.
وقال إن الموظفين الذين تم وضعهم في إجازة إدارية يتمتعون بحقوق معينة كموظفين فيدراليين، وإن النقابة مستعدة لمساعدة العاملين المتضررين في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
وتجدر الإشارة إلى أن وكالة التنمية الدولية، التي تأسست بموجب قانون من الكونغرس، تدير ميزانية تصل إلى 42.8 مليار دولار مخصصة للمساعدات الإنسانية والتنموية في جميع أنحاء العالم.
وقد جمد ترامب معظم المساعدات الحكومية المقدمة للأمريكيين منذ توليه منصبه في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، باستثناء المساعدات الغذائية والإنسانية الأساسية.
وفي جلسة عبر الفيديو على منصة إكس، أكد ماسك أن ترامب "موافق على أنه ينبغي إغلاق الوكالة"، مشيرًا إلى أنه جرى إحراز "تقدم هائل" في جهود خفض الإنفاق الفدرالي عبر "وزارة الكفاءة الحكومية" التي يرأسها ماسك.
ورغم أن هذه الوزارة ليست جزءًا من الحكومة الفدرالية، أكد ماسك أنه يواصل العمل على تقليص العجز وتحقيق نمو اقتصادي دون تضخم.
وفي خطوة مثيرة للجدل، تم إيقاف مسؤولين كبار في الوكالة عن العمل بعد رفضهم السماح لفريق ماسك بالوصول إلى معلومات حساسة. لكن مدير التواصل في البيت الأبيض، ستيفن تشونج، نفى تلك التقارير واعتبرها "أخبارًا كاذبة".
وتستمر هذه الأحداث في لفت الأنظار إلى مستقبل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، التي تلعب دورًا محوريًا في تقديم المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء العالم.
في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست، كتب كريس كونز بعنوان "هجوم ترامب على الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية اعتداء على سلامة الأمريكيين"، ويرى الكاتب أن جهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تدمير الوكالة الأمريكية "يُظهر أن لديه فكرة مضللة" عن كيفية الحفاظ على سلامة الأمريكيين، رغم أن ذلك أحد وعوده خلال ترشحه للانتخابات.
وأشار مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست إلى أن برامج الوكالة تلعب دورًا محوريًا في "مكافحة التطرف وتعزيز الاستقرار وحماية أمريكا"، وأضاف أن تجميد ترامب للمساعدات الخارجية لمدة 90 يومًا يؤثر على مئات المشروعات حول العالم، وهو ما يضعف النفوذ الأمريكي، مشيرًا إلى أن المساعدات الخارجية الأمريكية تشكل واحدًا في المئة من الميزانية الفيدرالية.
وشدد المقال على أن "هذه الأموال ليست صدقة، بل تعزز أمننا وقيمنا... وتكسبنا أصدقاء"، مضيفًا أن: "الخطوات المتهورة التي تتخذها إدارة ترامب كجزء من أجندتها الانعزالية (أمريكا أولًا) تشكل خطورة على الأمريكيين".
وتابع المقال: "المساعدات الخارجية "تحيّد التهديدات البعيدة للولايات المتحدة قبل أن تعرّض بلدنا للخطر"، مذكرًا بكيفية وصول فيروس إيبولا إلى البلاد بعد انتشاره في غرب أفريقيا في عام 2014.
ولفت النظر في هذا الصدد، إلى بدء انتشار فيروس إيبولا في أوغندا، وفيروس آخر يدعى ماربورغ في جنوب تنزانيا حاليًا وقال الكاتب إن "سلامة الأمريكيين تعتمد على احتواء هذه الفيروسات القاتلة قبل أن يتمكن حاملوها من السفر إلى الولايات المتحدة".
وأشار إلى أن احتواء مثل هذه الأمراض يعتمد على نجاح المشروعات الممولة من الوكالة الأمريكية، مثل مراقبة الأمراض وتتبع المخالطين وإجراء الاختبارات في تلك البلدان، "إلا أن وقف تمويل الوكالة سيؤدي إلى تعطل البرامج وانتشار المزيد من هذه الأمراض بدون رادع في جميع أنحاء العالم، وصولًا إلى الولايات المتحدة".
وتحدث عن دور المساعدات الخارجية في "مكافحة الإرهاب" في دولٍ كسوريا واليمن والصومال، لافتًا إلى أن "الإرهابيين يستغلون الفراغات الأمنية لتطوير ملاذات آمنة للهجوم على الولايات المتحدة وأصدقائها".
وقال إن هذه المساعدات “تدرب القوات الصديقة لمداهمة معسكرات تدريب الإرهابيين، وتأمين سجون يحتجز فيها عناصر من تنظيم داعش”.