حمّل أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، قسطا غير يسير من المسؤولية للمغاربة الذين “يُقبلون على بضاعة دينية يسوّقُ لها أشخاص تنتفي فيهم الأهلية العلمية”، وقال إن “احترام حرية التعبير مكفول للجميع، غير أن المستهلك الحريص على اقتناء منتوجات جيدة في السوق لا بد أن يستحضر نفس المنطق وهو يستهلك خطابا دينيّا كعبارة عن إرشاد. أما الفتوى فلدينا المجلس العلمي الأعلى”.
وشدّد التوفيق وهو يجيب عن الأسئلة الشفوية في جلسة عامة بمجلس النواب، اليوم الاثنين، على أن “المغرب أحرز تقدما في مجال التأطير الديني، ولكننا عموما محاطون ببيئات مختلفة”، موضحا أن “خطابات التطرف يتم التعامل معها بمنطق خاص، إذ بمجرد ملاحظة قيم ديني يحمل أفكارا من هذا النوع، يجري التدخل فورا. وخارج هذا الإطار، هناك جهات تتولى التدخل والتعاطي مع الموضوع”.
وبخصوص التأهيل الرقمي للخطاب الديني، أورد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أن القطاع الحكومي ينال “تطورا مهما” في هذا الجانب، مسجلا وجود أزيد من 200 ألف محتوى رقمي يخص الوزارة المشرفة على الشأن الديني للمغاربة، وتحظى هذه المحتويات بملايين المتابعات. وزاد: “نحن نواكب الرقمية ولكن الاتصال المباشر في قضية الدين لا يمكن الاستغناء عنه. ولنلاحظ الإفلاس الديني الذي حاصر بلدانا غربية كثيرة، بعد أن صارت تعتمد أساسا على البعد”.
وبشأن الإجراءات المتخذة لإنجاح موسم الحج لهذه السنة، ذكّر الوزير بأن التحضير للمناسك يتم في محطتين أساسيتين؛ أولها الاجتماع السنوي الذي ينعقد مع مسؤولي وزارة الحج والعمرة في المملكة العربية السعودية ومع الجهات السعودية الأخرى المتدخلة في تنظيم الحج، بالإضافة إلى اجتماع اللجنة الملكية للحج التي تضم مختلف القطاعات الوطنية المساهمة في هذا التنظيم.
وأعلن المسؤول الحكومي انطلاق الترتيبات داخل الوطن، مبرزا أن “اللجنة اجتمعت في يوليوز الماضي لتحديد الإطار العام للموسم المقبل من مناسك الحج، وكذا التنسيق مع جميع المؤسسات والقطاعات والهيئات الأعضاء في اللجنة المتدخلة في الملف، كل في مجال اختصاصه، وتحديد تسعيرة الحج”، مشيرا إلى أنه تم تحديد مبلغ جزافي قدره 65 ألف درهم بالنسبة للتنظيم الرسمي.
وذكر التوفيق أن لوائح الحجاج المستفيدين من أداء مناسك الحج تضمنت 34 ألف حاج وحاجة، موضحا أن هذا العدد يجمع الذاهبين وفق التنظيم الرسمي والحجاج الذاهبين ضمن رحلات تنظمها الوكالات السياحية. وقال: “حدّدنا كذلك لوائح مؤطري ومرافقي الحجاج على أساس توفير فرد من هذه الفئة لكل مجموعة تتكون من 49 شخصا”.
الوزير تطرق أيضا إلى برنامج محاربة الأمية في المساجد، مشددا على أن الوزارة تحرص على إنجاح البرنامج وتخصصُ له اعتمادات مالية سنوية بلغت برسم سنة 2025 ما يناهز 180 مليون درهم، يخصص 94.32 مليون درهم منها للعالم القروي. وأضاف أن “الوزارة تقوم سنويا عند بداية كل موسم دراسي بحملة إعلامية واسعة النطاق للتحسيس بأهمية التعلم وتوسيع قاعدة المستفيدين من البرنامج في المجالين الحضري والقروي، إناثا وذكورا”.
وأفاد التوفيق بأنه “ابتداء من الموسم الدراسي 2023-2024، تم توسيع البرنامج بالعالم القروي بنسبة 5 بالمائة”، مشيرا إلى ارتفاع حصيلة البرنامج إلى 3975 مسجدا يحتضن دروس محو الأمية، بالإضافة إلى استفادة 122 ألفا و814 مستفيدا ومستفيدة بالعالم القروي، منهم 110 آلاف من الإناث و12 ألفا و278 من الذكور، فضلا عن 4120 مؤطرا.
وكشف المتحدث أن “العدد الإجمالي للمستفيدين المسجلين ببرنامج محو الأمية بالمساجد منذ انطلاقه سنة 2000 إلى حدود 2025 بلغ أزيد من 4 ملايين و990 ألف مستفيد”، مسجلا أن الوسط القروي وحده يحظى من هذا العدد بمليونين و115 ألفا، موردا أن “الوزارة تسعى إلى توسيع الاستهداف إذا توفرت لها الاعتمادات المالية الكافية لذلك”.
وبخصوص تأهيل المساجد المغلقة، قال التوفيق إن “الوزارة اتخذت منذ انطلاق برنامج تأهيل المساجد المغلقة سنة 2010 ما يلزم من إجراءات لتأهيل أكبر عدد ممكن من المساجد، أهمها تخصيص حوالي 300 مليون درهم سنويا لهذا البرنامج”، مبرزا أن “حصيلة تنفيذ هذا البرنامج وفرت تأهيل 2020 مسجدا بغلاف مالي قدره 3.44 مليون درهم، وترميم 148 مسجدا تاريخيا”.
وتابع شارحا: “يوجد حاليّا في طور التأهيل 563 مسجدا بكلفة تناهز 1.2 مليار درهم، كما يوجد في طور الدراسات والترخيص 171 مسجدا، بكلفة تناهز 195 مليون درهم. وبالرغم من هذا المجهود، لا يزال هناك 1454 مسجدا”، وقال إن تأهيل المساجد المغلة المتبقية “يتطلب حوالي ملياري درهم”.
