تعالت الأصوات فى العام الأخير بسوق السيارات المصرى عن أهمية توجه شركات السيارات المصرية نحو التجميع المحلى على حساب الإستيراد التام للسيارات الذى يستنفذ الكثير من ميزانية الدولة للعملات الحرة (بحسب رؤية الحكومة لهذا القطاع) ، وهو الأمر الذى بدأنا فى ملاحظة نموه المتلاحق خلال الأشهر الأخيرة المنصرمة .. وكذا القادمة ، ومع العديد من الأسماء الكبيرة بسوقنا هذا ..
ولكن ، ما تم ملاحظته (وبشكل عجيب) هو ظاهرة تبادل الإتهامات خلف الكواليس فى أن تلك الشركات التى تقوم بعمليات التجميع المحلى غير ملتزمة من جانب بتسليم موزعيها للحصص البيعية المتفق عليها ، وكذلك عدم وضوح رؤية أرقامهم التجميعية والتى يفترض أنها ستحقق رؤية الدولة فى "إستراتيجية صناعة السيارات" التى تقضى بإنتاج كل شركة لعدد 5,000 سيارة كحد أدنى لتتمكن من الحصول على الحوافز المادية من وراء هذا الإنتاج .. من جانب آخر ، وذلك بخلاف عدم وضوح الخطط التصديرية لهذه الشركات وخاصة مع تصريح أغلبها أنها لازالت فى حالة دراسة لأسواق التصدير المحتملة لسياراتهم هذه المجمعة محلياً !!.
ومن هذا المنطلق ، أصبح سوق السيارات المصرى يعانى (حالياً) من واقع مؤلم يتصف بعدم الوضوح للعديد من الجوانب .. سواء على مستوى الإستيراد التام للسيارات أو التجميع المحلى لها ، وهو الأمر الذى ينعكس سلباً على رغبات المستهلكين فى الشراء وكذا على تذبذب الأسعار بالسوق بشكل كبير، ومن ثم إمكانيات تحقيق رؤى الدولة الإيجابية لحاضر ومستقبل هذا القطاع..
ومن ذلك جميعه ، أعود للمرة الثالثة أو الرابعة لطرح رؤية أهمية تبنى الشركات المحلية للسيارات فى مصر (وكلاء ومُصنعيين) لفكرة أهمية الإندماج فيما بينها – وبخاصة الشركات الكبرى – وذلك لتصير قوة إقتصادية أكبر قادرة على تحقيق كافة المميزات من وراء تلك الإندماجات (وكما رأينا بالعديد من الإندماجات بالشركات العالمية) ، فستكون فرص تحقيق معدلات أكبر للتصنيع المحلى متاحة وبشكل أكثر فعالية ، ومن ثم فرص التصدير .. بخلاف فرص تقليل العديد من مناحى الإنفاق وخفض التكاليف ، وأعتقد أن السوق لن يتضرر بأى حال من الأحوال إذا ما قلت أعداد الطرازات والبدائل المتاحة بمقابل التوافر الكبير للسيارات بالسوق ومن ثم عرضها بأسعار أكثر معقولية فى ظل ما يواجهه هذا السوق من حالة واضحة للتضخم وإنخفاض بمستويات دخل الأفراد وهو ما إنعكس على إنكماش أرقام مبيعات السوق بالأعوام الأخيرة لدرجة (محزنة).
إن المناداة بفكرة الإندماج بين هذه الشركات (ليس) درباً من دروب الخيال ، ولكن الأمر يستدعى الدراسة الواعية بأهمية ما سيتحقق من ورائها من مكاسب .. مقابل التخلى عن فكرة الإنفراد بالصورة المسيطرة لـ " إسم " الشركة هذه أو تلك بالسوق.