عشية نهاية الدورة الخريفية من السنة التشريعية الرابعة من عمر الولاية الحالية، قال محمد ولد الرشيد، رئيس مجلس المستشارين، إن هذه الدورة “كانت استثنائية بامتياز لاعتبارات متعددة، من أهمها حجم وطبيعة الأجندة التشريعية الضاغطة على الحكومة وعلى البرلمان على حد سواء، خصوصا أن الأمر يتعلق بنصوص قانونية في غاية الأهمية ومهيكلة”.
وأوضح ولد الرشيد، في كلمته خلال الجلسة الختامية للدورة، أن ما يجدر “التنويه به في الحصيلة التشريعية لهذه الدورة، ليس جانبها الكمي فقط، وإنما أساسا مضمونها النوعي المتفرد؛ بحيث تميزت بالمصادقة على نصوص تأسيسية تَتَبَوَّأُ صدارة النصوص القانونية المعتمدة في بلادنا منذ الاستقلال، وعلى رأسها القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب”.
واستحضر رئيس مجلس المستشارين، في هذا الصدد، “جدّية النقاش الغني والبنّاء الذي عرفه مجلسنا الموقر، والمواقف التي عبّرت عنها، بكل غيرة وطنية، مختلف مكونات المجلس إزاء هذا النص الهام، كل من موقعه الخاص وحسب تقديره ومقارباته لسبل تحقيق المصالح العليا للوطن”.
علاقة دائما بالنصوص التشريعية التي صادقت عليها الغرفة الثانية للبرلمان المغرب، أكد ولد الرشيد أن من بين أبرزها “في هذه الدورة مشروع قانون المالية لسنة 2025، إلى جانب مشاريع قوانين أخرى تتعلق بالصناعة السينمائية وبالمراكز الجهوية للاستثمار والتنظيم القضائي والمحاكم المالية والأدوية والصيدلة والاتفاقيات الدولية الثنائية ومتعددة الأطراف”.
هذه النصوص، وفقا لولد الرشيد، تخللها “إسهام واسع من قبل أعضاء المجلس، حيث تقدم المستشارون بما مجموعه 653 تعديلا على النصوص المصوت عليها القابلة للتعديل”، لافتا إلى أن “هذه الأرقام لا تشمل باقي مشاريع القوانين التي توجد قيد الدرس باللجان الدائمة، وهو ما يُبين مدى صدقية وجدية النقاش البرلماني داخل مؤسستنا بشأن النصوص المتداول بشأنها خلال الدورة”.
في الصدد ذاته، تطرق المسؤول البرلماني إلى موافقة المجلس “خلال هذه الدورة على 25 مشروع قانون يقضي بالمصادقة على اتفاقيات دولية ثنائية ومتعددة الأطراف، همت مختلف مجالات التعاون، الثنائي والدولي، الجمركي والضريبي والقضائي، والنقل البحري والموانئ والاستثمار والوقاية المدنية وحماية التنوع البيولوجي البحري، وغيره”.
“لجان تشتغل”
منتقلا إلى سرد النصوص التي ما زالت تشتغل عليها اللجان، أفاد ولد رشيد بأن هذه “اللجان الدائمة المختصة تواصل دراسة عدد من مشاريع القوانين الأخرى ذات الأهمية الكبرى”، موردا “مشروع القانون رقم 54.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 65.00 المتعلق بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض وبسن أحكام خاصة”، و”مشروع القانون رقم 02.23 يتعلق بالمسطرة المدنية، الذي يعتبر من أهم أعمدة النظام القانوني للمملكة، والذي تعكف لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان على دراسته منذ الدورة المنصرمة”.
وتطرق المسؤول البرلماني إلى عقد المجلس، خلال الدورة المختتمة، 32 جلسة عامة، بمدة زمنية ناهزت 66 ساعة، وجلستين شهريتين قدم خلالهما رئيس الحكومة أجوبته عن الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة.
حصيلة الأسئلة
على صعيد متصل، كشف ولد الرشيد أن “الأسئلة الشفهية المتوصل بها خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين وخلال دورة أكتوبر 2024، بلغ عددها 985 سؤالا، أجابت الحكومة عن 300 منها خلال الجلسات العامة الأسبوعية الـــ14؛ من ضمنها 121 سؤالا آنيا و179 سؤالا عاديا”.
في غضون ذلك، “بلغ عدد الأسئلة الكتابية المتوصل بها خلال الفترة نفسها 351 سؤالا، وقد أجابت الحكومة على 435 سؤالا، يتضمن عدد منها أجوبة على أسئلة مطروحة في دورات سابقة”، كما أوضح ولد الرشيد.
وأفاد المسؤول البرلماني بأن اللجان الدائمة عقدت خلال هذه الدورة ما يناهز 69 اجتماعا، فيما شكل مجلس المستشارين مجموعتين موضوعَاتِيَتَيْنْ، أٌنيطت بإحداهما مهمة التحضير للجلسة السنوية لمناقشة وتقييم السياسات العمومية، المزمع عقدها قبل اختتام السنة التشريعية الجارية، حول محور “السياسات العمومية المرتبطة بالاستثمار والتشغيل”، موازاة مع تكليف “المجموعة الموضوعاتية الأخرى بإعداد تقرير حول “القضية الوطنية الأولى للمغرب، قضية الوحدة الترابية”.
الدبلوماسية البرلمانية
على صعيد منفصل، أكد رئيس الغرفة الثانية بالبرلمان المغربي أن “هذه الدورة تميزت بمواصلة تقوية التعاون البرلماني الثنائي ومتعدد الأطراف على مستوى مختلف المناطق الجيو-سياسية بهدف الدفاع، ضمن منظومة الدبلوماسية الوطنية، عن القضايا الاستراتيجية والحيوية للمملكة المغربية، وعلى رأسها القضية الوطنية”.
وفي هذا الصدد، استعرض ولد الرشيد مشاركة مجلس المستشارين في أشغال منظمات برلمانية جهوية وقارية ودولية، كالدورة الـ38 للجمعية العامة لبرلمان أمريكا اللاتينية والكراييب.
واستحضر المسؤول البرلماني تميز هذه الدورة على المستوى الثنائي بزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وإلقائه “خطابا مهما بالبرلمان”، مذكرا بإلقائه خلال الجلسة المشتركة بين مجلس النواب ومجلس المستشارين لهذا الغرض كلمة عبر فيها باسم المستشارين عن الشكر لما قاله ماكرون في خطابه.
وفي هذا الصدد، أكد ولد الرشيد أن مجلس المستشارين سيواصل خلال الفترة القادمة “مبادراته البرلمانية الدبلوماسية من خلال محطات ثنائية ومتعددة الأطراف، تندرج في إطار تنزيل المخطط الاستراتيجي لنصف الولاية 2024-2027، الذي تمت بَلْوَرَتُه بشكل تشاركي من طرف كافة مكونات مجلس المستشارين، وفق الآليات والمبادرات الجديدة المقترحة في مجال الدبلوماسية البرلمانية”، تماشيا مع التوجيهات السامية للملك محمد السادس التي جاءت في الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية.