الإخواني رائد صلاح من أحضان الشرطة الإسرائيلية إلى مظاهرة تل أبيب

الإخواني رائد صلاح من أحضان الشرطة الإسرائيلية إلى مظاهرة تل أبيب

بين سنوات رئاسته لبلدية أم الفحم وقيادته لمظاهرة إخوانية أمام السفارة المصرية في تل أبيب، رسم الإخواني الإسرائيلي رائد صلاح مسارًا سياسيًا مثيرًا للجدل، فقد جمع بين العمل الإداري تحت إشراف مباشر من وزارة داخلية الاحتلال، بينما كان يرفع شعارات الهوية الفلسطينية والإسلامية من موقعه كزعيم للجناح الشمالي لما يسمى “الحركة الإسلامية” في الداخل الفلسطيني. علاقاته مع وزراء الداخلية الإسرائيلية، وخلفيته العائلية التي تضمنت عمل والده وشقيقين له في شرطة الاحتلال، كانت دائمًا جزءًا من صورة معقدة لرجل يتأرجح بين التعاون مع سلطات الاحتلال ومواجهة سياساتها على المنابر.

وُلد رائد صلاح عام 1958 في أم الفحم، التي كانت معقلًا قديمًا للشيوعية، ويقول في مذكراته المطبوعة إنه: نشأ “في بيت لا يحافظ على الصلاة، وفي أسرة ذات خلفية شرطية، حيث كان والده واثنان من أشقائه يعملون في خدمة شرطة إسرائيل”. وكان عملهم في الشرطة يتطلب التزامات صارمة تجاه دولة الاحتلال، مثل أداء الواجبات الأمنية، والامتثال للأوامر، والمشاركة في عمليات حفظ الأمن في المناطق العربية واليهودية.

عندما ترشح رائد صلاح في الانتخابات البلدية أعوام 1989 و1993 و1998، كان يعلم ويقر أن هذه الانتخابات جزء من منظومة تخضع لإشراف وزارة الداخلية التي تصادق على النتائج. هذا الخضوع أثار نقاشات داخلية بين الفلسطينيين حول شرعية المشاركة في النظام الإسرائيلي، لكن صلاح أفتى لتابعيه بأن الاندماج في نظام حكم الاحتلال وسيلة شرعية لخدمة المجتمع.

بعد تمكينه من الفوز بمنصب رئيس بلدية أم الفحم، ثاني أكبر مدينة عربية في إسرائيل، والاستمرار في رئاستها منذ عام 1989 حتى 2001، كان عليه الامتثال لقوانين الهيئات المحلية الإسرائيلية التي فرضت قيودًا صارمة على عمل البلديات العربية. شملت هذه الالتزامات الرقابة المالية، وخضعت بلدية أم الفحم لإشراف وزارة الداخلية فيما يتعلق بالميزانيات، وكان رائد صلاح يقدم تقارير مالية دورية للوزارة للحصول على الموافقات الرسمية اللازمة. وكان تحسين المدارس ودعم المؤسسات الدينية، التي يسيطر على معظمها أعضاء ما يسمى “الحركة الإسلامية” أو “إخوان تل أبيب”، يتطلب موافقات من وزارة الداخلية.

كان على “الشيخ الإخواني” رائد صلاح الالتزام بلوائح وزارة الداخلية الإسرائيلية في قرارات المجلس البلدي، مثل تعيين النواب، أو تنفيذ مشاريع عمرانية، أو التعامل مع أوامر الهدم الصادرة عن الوحدة المختصة بتنفيذ القانون، والتي شكلت تحديًا كبيرًا. وكان عليه التفاوض لتخفيف هذه الأوامر أو تأخيرها حفاظًا على مكانته بين العرب في إسرائيل، خاصة في ظل قيود الاحتلال على التوسع العمراني في المدن العربية.

كما كان يخضع طوعًا لمراقبة أمنية مكثفة لضمان التزامه بالتوازن بين دوره الإداري الخاضع لسلطات الدولة، ونشاطه السياسي الذي يحفظ له مكانته وظهوره كمعارض لسياسات إسرائيل. هذا الحذر مكّنه من مواصلة عمله تحت سلطة الاحتلال. وعندما تولى إيهود باراك منصب وزير الداخلية (1995-1996) في حكومة شيمون بيريز، ثم رئاسة الوزراء (1999-2001)، أشرف على البلديات، بما في ذلك أم الفحم، وكان على رئيس البلدية، الشيخ القيادي الإخواني، التعاون معه والالتزام بأوامره. وهذا ما فعله مع غيره من وزراء الداخلية، فقد تعاون مع وزراء بارزين مثل أرييه درعي (1988-1990، 1993)، وإلياهو سويسا (1996-1999)، وديفيد ليباي (1992-1995)، والأخير كان يحاول تحسين العلاقات مع العرب دون تغيير جذري.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *