الإمام الأشعري كان رائدا في فهم النصوص الشرعية وربطها بالواقع

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي مصر الأسبق، إن الإمام أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه كان من أبرز العلماء الذين اجتهدوا في فهم النصوص الشرعية ومواءمتها مع العقل والواقع.
وأضاف عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي مصر الأسبق، في بودكاست “مع نور الدين” على قناة الناس، أن الإمام الأشعري بدأ حياته على مذهب المعتزلة، ولكنه بعد دراسة عميقة وتمعن في الكتاب والسنة، أدرك أن الأئمة والأفكار التي حاولت استنباط العقيدة لا يمكن أن توازي النصوص الواضحة في القرآن والسنة.
وأوضح جمعة أن الإمام الأشعري كان لديه من الفهم الدقيق أن الكتاب والسنة هما المصدرين الأساسيين في تشكيل العقيدة، وأن التمسك باللغة العربية وتطبيق العقل هما السبيل الأفضل لفهم النصوص الدينية، مؤكدا أن الأشعري طرح منهجًا وسطًا في التعامل مع النصوص، وهو منهج يتوافق مع ما جاء في القرآن الكريم: “وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا”، حيث كان الإمام يشدد على ضرورة الوسطية والاعتدال في فهم الشريعة.
وأشار جمعة إلى أن الإمام الأشعري كان لديه قولان رئيسيان في معالجة المسائل الدينية: الأول كان منهج التأويل في مواجهة المخالفين من خارج الإسلام، والآخر كان منهج التفويض في بعض الحالات التي تقتضيها النصوص.
كما بيّن أن الأشعري لاحظ عند دراسته لآراء المسلمين أن بعضهم كان يصر على تفسير النصوص بشكل حرفي، مما يتجاهل السياق العام للنصوص القرآنية، التي يجب فهمها في سياقها الداخلي والخارجي.
وأضاف الدكتور علي جمعة أن الإمام الأشعري قدم لنا فهمًا متميزًا للغة العربية، فبين أن هناك فرقًا بين الحقيقة والمجاز، مشيرًا إلى أن المجاز لا يتعارض مع الحقيقة، بل يضيف لها عمقًا ووضوحًا، موضحا أن رفض المجاز وتفسير النصوص بشكل حرفي يعد تجاوزًا للغة العربية الصحيحة، التي تعتمد على السياق والتشبيه.
وشدد على أن فكر الإمام الأشعري لا يزال منارة للمفكرين والعلماء في العصر الحديث، وأن التمسك بمنهجه الوسطي يساهم في تجنب الانحرافات الفكرية ويعزز من فهم الدين بشكل صحيح ومتوازن.
نقلا عن صدي البلد