التصعيد الجمركي يدفع الدين العالمي لتجاوز ذروة جائحة كورونا

الاربعاء 23 ابريل 2025 | 03:41 مساءً
الرسوم الجمركية
أعلن صندوق النقد الدولي، اليوم الأربعاء، أن التصعيد في الرسوم الجمركية، وخاصة تلك التي أعلنت عنها الولايات المتحدة مؤخرًا، سيؤدي إلى ارتفاع الدين العام العالمي إلى ما يتجاوز المستويات التي بلغها خلال جائحة كوفيد-19، متوقعًا أن يصل إلى ما يقارب 100% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول نهاية هذا العقد، وذلك وسط تباطؤ اقتصادي عالمي وضغوط متزايدة على الموازنات الحكومية.
الرسوم الجمركية الأمريكية
أظهر التقرير الأحدث من مراقب المالية العامة الصادر عن الصندوق، أن الدين العام العالمي من المتوقع أن يسجل نموًا بمقدار 2.8 نقطة مئوية ليصل إلى 95.1% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2025، مع استمرار الاتجاه التصاعدي حتى يبلغ 99.6% بحلول عام 2030، وفقًا لرويترز.
وكان الدين العام العالمي قد بلغ ذروته في عام 2020، حين سجل 98.9% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي نتيجة للاقتراض الضخم الذي لجأت إليه الحكومات لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، إضافة إلى انكماش الاقتصاد العالمي، إلا أن الدين انخفض بعد ذلك بواقع 10 نقاط مئوية خلال عامين فقط، ليعاود الارتفاع مجددًا وفق أحدث التقديرات.
وأكد صندوق النقد، في تقريره، أن الإجراءات الجمركية الواسعة التي أعلنتها الولايات المتحدة، وردود الفعل المضادة من دول أخرى، إلى جانب حالة عدم اليقين السياسي الاستثنائية، تؤثر سلبًا على التوقعات الاقتصادية وتزيد من حجم المخاطر”.
وحذر الصندوق من أن الحكومات باتت تواجه خيارات مالية صعبة، خاصة في ظل تزايد الضغط على الموازنات العامة نتيجة ارتفاع النفقات الدفاعية، وزيادة الطلب على الدعم الاجتماعي، وارتفاع كلفة خدمة الدين، التي قد تتفاقم في حال استمرت الضغوط التضخمية.
تزايد العجز المالي
بحسب التقديرات، يُتوقع أن يبلغ متوسط العجز المالي السنوي للحكومات 5.1% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025، مقارنة بـ 5.0% في عام 2024، و3.7% في عام 2022، بينما كان قد سجل ذروة عند 9.5% في عام 2020.
وتعتمد هذه التقديرات على سيناريوهات صندوق النقد الخاصة بنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 2.8% خلال 2025، وتشمل تأثيرات الرسوم الجمركية حتى 4 أبريل.
ويحذر التقرير من أنه في حال أقدم الرئيس دونالد ترامب على فرض رسوم جمركية أكثر صرامة، وردت الدول الأخرى بإجراءات انتقامية، فإن ذلك قد يؤدي إلى تدهور إضافي في الأوضاع الاقتصادية والمالية.
وفي سيناريو سلبي للغاية، قد ترتفع مستويات الدين العام إلى أكثر من 117% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول 2027، إذا شهد العالم تراجعًا حادًا في الإيرادات والناتج الاقتصادي نتيجة لتصاعد النزاعات التجارية وضعف آفاق النمو.
وقال صندوق النقد إن هذا المستوى من الدين سيُعد الأعلى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
من جهته، أوضح فيتور جاسبار، مدير الشؤون المالية في الصندوق، أن الجزء الأكبر من النمو في الدين العام يتركز في الاقتصادات الكبرى، مشيرًا إلى أن حوالي ثلث الدول الأعضاء في الصندوق (من أصل 191 دولة) تشهد حاليًا نموًا في ديونها بوتيرة أسرع من تلك التي كانت قبل جائحة كورونا، رغم أنها تمثل نحو 80% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وفق تصريحاته لرويترز.
وأضاف التقرير أن الضغوط المتصاعدة قد تؤدي إلى زيادة الإنفاق الاجتماعي، خاصة في البلدان التي تعاني من اضطرابات كبيرة نتيجة للصدمات التجارية، مما قد يرفع من حجم النفقات العامة.
ولفت جاسبار إلى أن الوضع يزداد تعقيدًا بسبب تراجع مساعدات التنمية من الدول الغنية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، وهو اتجاه متواصل في السنوات الأخيرة، ما يُجبر تلك الدول على مواجهة مقايضات مالية أكثر صعوبة مما كانت ستواجهه في حال استمرت تلك المساعدات.
أداء الولايات المتحدة وتحسين طفيف
توقع الصندوق أن يشهد العجز في الميزانية الأميركية تحسنًا طفيفًا خلال العامين المقبلين، ليصل إلى 6.5% من الناتج المحلي الإجمالي في 2025، و5.5% في 2026، انخفاضًا من 7.3% في 2024، وذلك نتيجة ارتفاع الإيرادات الجمركية واستمرار نمو الاقتصاد الأميركي.
وأوضح جاسبار: “أداء الاقتصاد الأمريكي القوي في السنوات الأخيرة ساهم في دعم الميزانية، ليس فقط في الولايات المتحدة، بل على مستوى العالم أيضًا”.
ورغم هذا التحسن، استندت التقديرات إلى فرضية انتهاء التخفيضات الضريبية التي أقرها الجمهوريون عام 2017 بنهاية العام الحالي، كما هو مخطط له، غير أن إدارة ترامب تسعى لتمديد هذه التخفيضات، الأمر الذي قد يضيف حوالي 4 تريليونات دولار إلى الدين الأمريكي خلال العقد المقبل دون تعويضات مقابلة.
الصين وعجز متزايد
أما في الصين، فمن المتوقع أن يشهد العجز المالي ارتفاعًا ملحوظًا إلى 8.6% من الناتج المحلي الإجمالي في 2025، مقارنة بـ 7.3% في 2024، ليستقر عند 8.5% في 2026.
وأرجع صندوق النقد هذا الارتفاع إلى الإنفاق التحفيزي الاقتصادي، مشيرًا إلى أن هذا الإنفاق يساهم في تحقيق نمو متوقع بنسبة 4% في 2025، مما يُخفف جزئيًا من أثر الرسوم الجمركية على الاقتصاد الصيني.
ورغم تصاعد الضغوط على الموازنات العامة، شدد الصندوق على ضرورة إعطاء الأولوية لخفض الدين العام، من أجل بناء احتياطيات مالية تُمكن الحكومات من التصدي لصدمات اقتصادية مستقبلية، داعيًا إلى التوازن بين ضبط الأوضاع المالية والحفاظ على النمو.
واختتم التقرير بتوصية واضحة: “على الدول ذات الحيز المالي المحدود تنفيذ خطط إصلاح تدريجية وموثوقة، والسماح لآليات الاستقرار التلقائي، مثل إعانات البطالة، بالعمل بفعالية، كما يجب تعويض أي إنفاق جديد من خلال تقليص الإنفاق في قطاعات أخرى أو زيادة الإيرادات”.
نقلا عن الجريدة العقارية