«الركود المؤقت» وتراجع النفط يهبطان بأسعار الشحن البحرى 50%

تراجعت أسعار أجور الشحن البحرى (النولون) المعلن عنها فى الربع الثانى من العام الحالى (أبريل – يونيو) بنحو 50% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
تأتى التراجعات تحت ضغط الركود المؤقت الذى تشهده بعض الاقتصادات فى أبريل من كل عام، خصوصاً الاقتصاد الصيني، بجانب تراجع أسعار النفط.
وكانت نوالين الشحن قد شهدت ارتفاعات كبيرة مطلع 2025 إثر تصاعد الاشتباكات بين القوات الأمريكية وجماعة الحوثيين فى اليمن.
وأظهر تقرير حديث صادر عن غرفة ملاحة الإسكندرية انخفاضاً ملحوظاً فى تقديرات الأسعار، إذ تراجعت أسعار الشحن من الموانئ الصينية إلى ميناء الإسكندرية بنسبة 47%، وإلى موانئ بورسعيد ودمياط بنسبة 51%، فى حين بلغ الانخفاض إلى ميناء السخنة 56%.
كما تراجعت الأسعار للشحن من موانئ الخليج العربى إلى ميناء الإسكندرية بنسبة 46%، وإلى موانئ بورسعيد ودمياط بنسبة 52%، فى حين انخفضت أسعار نوالين الشحن إلى ميناء السخنة بنسبة 74%.
اقرأ أيضا: “رسوم ترامب” تدفع حركة الشحن البحرى من الصين للولايات المتحدة إلى التراجع الحاد
قال رامى الريس، رئيس مجلس إدارة شركة «دريم لاين» للخدمات اللوجستية، إن أسعار أجور الشحن البحرى سجلت تراجعاً خلال الربع الثانى من العام الحالى مقارنة بالربع الثانى من 2024، مرجعاً سبب الانخفاض إلى عدم بدء موسم تصدير الحاصلات الزراعية المصرية.
أضاف أن هناك زيادة فى معروض الحاويات المتداولة فى الموانئ المصرية بصورة أكبر من حجم الطلب عليها، مما تسبب فى تراجع أسعار نوالين الشحن البحري.
وأكد «الريس»، أن شهر أبريل من الأشهر التى يشهد فيها قطاع الشحن بالحاويات حالة من الركود، على أن تنشط حركة التداول بين مصر وشرق آسيا منتصف شهر مايو المقبل.
وتوقع رئيس مجلس إدارة «دريم لاين» أن تشهد أسعار نوالين الشحن ارتفاعاً خلال شهر يونيو، تزامناً مع بداية موسم حصاد الخضر والفاكهة، بالإضافة إلى تزامن الفترة المذكورة مع انتهاء المعارض المقامة فى الصين، وانتهاء التعاقدات المبرمة بين العملاء، مما يسهم فى زيادة حجم الواردات من شرق آسيا إلى مصر.
وأوضح أن «نولون» نقل الحاوية 40 قدماً من الموانئ الصينية إلى ميناء السخنة يصل حالياً إلى 4900 دولار.
وحول انخفاض أسعار نوالين الشحن البحرى رغم استئناف الحرب فى غزة، قال الريس إن حركة الملاحة بالبحر الأحمر تأثرت سلباً منذ اندلاع أزمة البحر الأحمر حتى الوقت الراهن، لكن الدول المطلة على خليج عدن هى الأكثر تضرراً وتشهد أسعار نوالين الشحن بها ارتفاعًا، نتيجة إضافة الخطوط الملاحية معامل خطر الحروب، والذى تتراوح قيمته بين 1500 و2000 دولار للحاوية الواحدة، حسب المناطق ومدى قربها من مناطق النزاع.
«يوسف»: نعيش فترة ركود طبيعية بعد رأس السنة القمرية الجديدة فى الصين
وقال حشمت يوسف، رئيس مجلس إدارة شركة «سيفتى ترانس» للخدمات اللوجستية، إن أسعار نوالين الشحن البحرى شهدت انخفاضاً نسبياً خلال الربع الثانى من العام الحالى مقارنة بالفترة المثيلة من 2024، مُقدراً نسبة الانخفاض المتوقعة خلال 2025 بين 10 و15%.
وعزا السبب إلى أن النشاط فى الصين ينقسم إلى عدة مواسم، والفترة الراهنة تمثل فترة ركود طبيعية بعد رأس السنة القمرية الجديدة التى عادةً ما تغطى شهور أبريل ومايو ويونيو.
وثمة عوامل تؤدى إلى ارتفاع أسعار نوالين الشحن، أبرزها معامل تغيير الوقود، ومعامل تغيير العملة، والرسوم الموسمية (Big Season Charge).
أضاف «يوسف»، أن الرسوم الموسمية تسببت فى ارتفاع أسعار نوالين الشحن البحرى بنحو 800 – 1000 دولار زيادة عن السعر الطبيعي.
كما أن الخطوط الملاحية الكبرى رفعت أسعار خدماتها بصورة كبيرة بداية العام الحالى لاختبار السوق الملاحي، وهى تقدم الآن تخفيضات حتى لا يُصاب السوق بالركود، وحتى ترتفع أرباحها.
وتابع: «فى الوقت الراهن، هناك طلب من قطاع تصدير الخضر والفاكهة المصرى إلى دول أوروبا، خصوصاً من مصدرى الليمون والطماطم والخيار والبصل والثوم، بالإضافة إلى عدد من الدول العربية التى تُفضل الحاصلات الزراعية المصرية».
اقرأ أيضا: لجنة حكومية تدرس تعديل أسعار نوالين الشحن البحرى
وأوضح «يوسف» أن سعر شحن الحاوية 40 قدماً من الموانئ الصينية إلى ميناء السخنة انخفض إلى ما بين 3000 – 3600 دولار بدلاً من 4000 دولار.
وكلما زادت المدة الزمنية لرحلة الإبحار، شهد سعر نولون الشحن انخفاضاً؛ إذ يزيد وقت العبور على 40 يوماً، مقارنة بالرحلة البحرية التى تبلغ مدتها 24 يوماً ويزيد سعر نولونها على 3500 دولار.
وكشف أن الخطوط الملاحية التى اتخذت الطرق البديلة للبحر الأحمر، ومنها «ميرسك» و«إم إس سي» و«سى إم إيه – سى جى إم»، هى الأكثر التى زادت بها مدة الإبحار بعد اتخاذها طريق رأس الرجاء الصالح بدلاً من قناة السويس.
وعلى الرغم من انخفاض أسعار نوالين الشحن البحرى بين الموانئ المصرية ودول شرق آسيا والصين، فإنها شهدت ارتفاعاً فى أمريكا الشمالية والجنوبية.
ويرى رئيس شركة «سيفتى ترانس» أن سبب ارتفاع أسعار الشحن البحرى لأمريكا يعود للسياسات الخارجية المتعلقة بالواردات الجمركية من قبل إدارة «ترامب»، بالإضافة إلى إدراج شركة «كوسكو» الصينية على القائمة السوداء من قبل الإدارة الأمريكية، واستغلال الخطوط الملاحية لتلك السياسات والنزاعات الخارجية.
وأوضح أن القماش والحاصلات الزراعية والرخام المصنع من أبرز الصادرات المصرية للولايات المتحدة، بالإضافة إلى بعض السلع الأخرى مثل كابلات السويدى والسجاد.
أما الواردات الأمريكية لمصر، فأبرزها السيارات الفارهة، ويتراوح سعر شحن الحاوية 40 قدماً من الموانئ الأمريكية إلى الموانئ المصرية فى الوقت الراهن بين 1700 و1800 دولار، بدلاً من 1100 دولار العام الماضي.
«كامل»: لا مبرر لرفع أسعار نوالين الشحن البحرى مع أمريكا فى الوقت الراهن
وقال محمد كامل، الباحث فى شئون النقل الدولى واللوجستيات، المستشار الاقتصادى لشركة «ماهوني» للملاحة، إن الخطوط الملاحية الكبرى عادة ما ترفع أسعار خدماتها فى بداية كل عام لاختبار السوق الملاحى ومدى استيعابه للأسعار الجديدة، وقد تتراجع عنها وتقدم تخفيضات حال عدم الاستيعاب.
أضاف أنه لا يوجد مبرر لرفع أسعار نوالين الشحن البحرى بين مصر وأمريكا فى الوقت الراهن، فى ظل انخفاض أسعار المواد البترولية، فضلاً عن حجم الواردات بين مصر وأمريكا الذى يعد ضعيفًا، إذ لا يشكل أكثر من 10%، ولا يؤثر على حجم الصادرات المصرية.
وتوقع أن تشهد حركة التجارة العالمية حالة من الركود خلال الفترة المقبلة، نتيجة الصراعات الجيوسياسية، ما قد يؤدى إلى ارتفاع أسعار النوالين بدلاً من انخفاضها.
«حسين»: الخطوط الملاحية الكبرى لن تعود للبحر الأحمر إلا بعد وقف الحرب
وقال محمد حسين، رئيس مجلس إدارة شركة «إيمكس إيجيبت»، إن أسعار نوالين الشحن البحرى شهدت انخفاضاً منذ 20 فبراير بنسبة تتراوح بين 20 و25%، وهو ما يعد مؤشراً إيجابياً بعد الارتفاع الكبير مطلع 2025.
أضاف أن أسعار نوالين الشحن لم تسجل أى ارتفاعات رغم استئناف الحرب فى غزة واتساع رقعتها لتصل إلى اليمن.
وتوقع رئيس مجلس إدارة «إيمكس إيجيبت» أن ترتفع الأسعار حال استمرار الحرب، متوقعاً عدم عودة الخطوط الملاحية الكبرى إلى البحر الأحمر إلا بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار.
وأشار حسين إلى أن الحرب لم تؤثر حتى الآن على أجور الشحن البحري، لكنها أثرت على مدة الرحلة، إذ أصبحت تستغرق من موانئ الصين إلى ميناء الإسكندرية نحو 70 – 80 يومًا، بدلاً من 40 – 45 يومًا.
وأكد أن اتخاذ السفن التجارية الطريق البديل لمضيق باب المندب تسبب فى إطالة فترة الإبحار، وهو ما أدى إلى نقص فى عدد الحاويات الشاغرة وأثر بصورة طفيفة على موسم تصدير الفراولة المصرية.
ولفت إلى أن نقص الحاويات الفارغة أصبح مشكلة موسمية تواجه شركات الشحن، لكنَّ أزمة البحر الأحمر فاقمت الوضع فى شرق آسيا خلال موسم التصدير الماضي.
«مصطفى»: 10% انخفاضاً جديداً بحلول الربع الثالث
وقال المهندس أحمد مصطفى، عضو مجلس إدارة شعبة خدمات النقل الدولى واللوجستيات بالغرفة التجارية بالإسكندرية ونائب رئيس منظمة الفياتا العالمية، إن هناك تراجعاً فى أسعار نوالين الشحن البحرى بنسبة 50% خلال الربع الثانى من العام الحالى مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وأوضح أن تباطؤ تهديدات البحر الأحمر وتراجع استهداف السفن التجارية أسهما فى تراجع الأسعار، ويمثل ذلك فرصة كبيرة للمستثمرين والمستوردين وقطاع التخليص الجمركي.
وتوقع مصطفى تراجعاً إضافياً بنسبة 10% خلال الربع الثالث من العام ليعود لمعدلاته الطبيعية التى كانت مطلع العام الماضي.
وطالب الجهات المعنية بالاهتمام بتجارة الترانزيت، لما تمثله من مصدر دخل أجنبى يمكن أن يعزز الاحتياطى ويوفر سيولة دولارية ضرورية للاستيراد.
«شلبى»: هدوء التوترات الجيوسياسية يصب فى صالح المستوردين والتوكيلات
وقال المهندس إبراهيم شلبي، رئيس شعبة النقل الدولى ببورسعيد، إن الحرب الروسية الأوكرانية وتوترات البحر الأحمر وتحويل السفن طريقها من قناة السويس إلى رأس الرجاء الصالح، إضافة إلى ارتفاع أسعار الوقود، كانت أبرز أسباب ارتفاع أسعار الشحن العام الماضي.
وأوضح أن انخفاض أسعار الوقود مؤخراً أسهم فى خفض أسعار النوالين بنسبة تقترب من 50%، مما قد يعيد الخطوط الملاحية إلى مسارها الطبيعي، لاسيما وأن النوالين تمثل نحو 30% من تكلفة البضائع.
وأشار إلى أن هدوء التوترات يصب فى صالح المستوردين والتوكيلات والخطوط الملاحية.
نقلا عن البورصة