close

السينما والدراما والموسيقى تتشابك مع الطب فى مهرجان «ميدفست مصر»

السينما والدراما والموسيقى تتشابك مع الطب فى مهرجان «ميدفست مصر»

أقام مهرجان ميدفيست الدولى للأفلام القصيرة، جلسة نقاشية بعنوان «هدوء نسبي»، أمس الأول، وجمعت هذه الجلسة بين خبراء نفسيين وفنانين، التى دار النقاش فيها حول قضايا التوازن والصحة النفسية، وتعلّم استراتيجيات لخلق مساحة، وإدارة الضغوط، وحماية الصحة النفسية وسط متطلبات الحياة الحديثة الشخصية والمهنية. وكان المحاورون فى هذه الجلسة هم النجمة يسرا اللوزى، والفنانة ناردين فرج، والفنان عمرو جمال، وأستاذة الطب النفسى الدكتورة منى الرخاوى.

يسرا اللوزى

وقالت يسرا اللوزى، عضو لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة الرسمية فى المهرجان، خلال الجلسة: فى اليوم الذى ولدت فيه ابنتى شعرت أننى أصبحت شخصًا جديدًا، واستغرقت فترة كى أتعرف على تلك الشخصية، وخصوصًا أنها ولدت وهى تعانى من مشكلة فى السمع، وهذا ما أشعرنى بصدمة وأعتبرها الأكبر فى حياتى.

رامى عبدالرازق

وأضافت «اللوزى»: «وكنت أشعر وقتها أننى مقصرة دائمًا، وظللت أحرص على التضحية من أجلها، ولكن شعرت مع الوقت أننى أتضرر، ولم أعد أفكر فى نفسى، ونسيت الطموحات التى كنت أفكر فى تحقيقها، وبعدها تعلمت كيفية تحقيق التوازن بين احتياجاتنا».

الدكتورة منى الرخاوى

وتحدثت يسرا اللوزى عن تعليقات الجمهور السلبية على مواقع التواصل الاجتماعى، قائلة: هناك أشخاص مرضى نفسيين يجلسون خلف شاشات أجهزتهم ويترصدون الأخطاء للمشاهير، والشخصيات العامة عامة وليس فقط الممثلين، وأحاول دائمًا أن أقنع نفسى بعدم الرد على التعليقات الهجومية، وأتأثر بتلك التعليقات السلبية، وتظل عالقة فى ذهنى، بالرغم من أننى أثق فى نفسى ولكن أشعر بضعف تجاه هذه التعليقات.

وضمن فعاليات الدورة السابعة من المهرجان شهدت قاعة أورينتال فى الجامعة الأمريكية بميدان التحرير، محاضرة بعنوان «فن الفرجة على الأفلام»، وهى محاضرة للتذوق السينمائى، بهدف إتاحة الفرصة للمشاركين لاكتشاف السرد، والتصوير، والصوت، والرمزية من خلال التحليل، والمساعدة على تكوين رؤى مفيدة للجمهور وصناع السينما، وقدمها الناقد رامى عبدالرازق. وبدأ رامى بالتأكيد على أن تلقى الفنون بشكل عام تلقى فطرى، وهناك فرق فى درجة الاستمتاع والاستيعاب بين الجمهور، نتيجة اختلاف الثقافة، ومستوى التعليم، وحجم الخبرات، وتوفر ظروف للمشاهدة تجعله أكثر إمتاعًا، موضحًا أنه كلما كان المتلقى لديه نهم وشغف بالمشاهدة زادت خبراته وتحفزت ذائقته أكثر.

وأكد رامى على وجود اختلاف بين متلقى الفنون، ومشاهد مباراة كرة القدم: «من يشاهد مباراة كرة قدم ولا يعرف قواعدها لن يستمتع ولن يفهمها، لكن بمجرد معرفته بالأساسيات، يبدأ فى الاستمتاع وينحاز لفريق دون الآخر. الفنون أيضًا كذلك، لكن الفرق بين الفنون والرياضة أن فى الفنون الممارس والمتلقى مستفيدان على التوازى، أما الرياضة فالمشاهد لا يأتى فى المقام الأول ولكن يأتى بعد الممارس».

وأشار رامى إلى أن كلمة قواعد لا تنطبق على الفنون، مفضلًا أن يطلق عليها مبادئ وسياقات، معرفتها تزيد من استمتاع وقدرة الجمهور على التوحد مع الشخصيات التى يشاهدها والموضوعات المطروحة، وهو ما يضيف لخبراته الحياتية ومعلوماته على مستويات كثيرة، وهذا ما يشكل فرقًا بين متفرج وآخر.

وأضاف رامى فى المحاضرة: «ومهما كان الشخص متمرسًا فى تلقى الفنون هناك جانب ذوقى، وليس هناك فيلمًا يناسب كل الأذواق، وكلما كان الفيلم قادرًا على مخاطبة مستويات شرائح مختلفة من الجمهور نقول إنه نجح، لكن ليس هناك أفلامًا تستطيع مخاطبة كل الشرائح».

ولفت رامى إلى أن الأفلام تنتمى لأنواع مختلفة، ولكل شخص ذائقته. هناك من يفضل الفيلم الاجتماعى على البوليسى، وهناك الكوميدى والميلودراما، والأمر يتوقف على الذائقة الشخصية، وعدم إعجاب البعض بنوع أو آخر لا يعنى أن العمل سيء ولكن يعنى أنه لا يناسب ذائقتهم، متابعًا: «وعلى مستوى النقد لو عرضت فيلمًا على ٣ أو ٤ نقاد كل واحد ممكن يخرج بقراءة مختلفة وفقًا لذائقته الشخصية».

وشدد رامى على أهمية أن يقوم الشخص الذى يريد الاستمتاع بالمشاهدة، بقراءة النقد وحضور المحاضرات مثل التى قدمها اليوم، وقتها سوف يجدون فرصة للحصول على مزيد من المعلومات وتحفيز الذائقة، وزيادة درجة حساسية المتلقى.

وحول أهمية النقد السينمائى ودوره فى الصناعة، قال: «لا توجد صناعة سينما قوية فى أى مكان فى العالم طرفها الثالث بعد الصناعة والمتلقى هو النقد، بل على العكس النقد يجب أن يأتى بين الصانع والمتلقى، فدور النقد هو تفكيك شفرات الأفلام ليس بالمعنى الكودى ولكن بمعنى ما وراء لغة الفيلم، وبالتالى يكون لدى المتلقى فرصة أكبر إما أن يعود لمشاهدة الفيلم ويستعيده بشكل مختلف، أو إذا لم يشاهده من قبل يكون لديه خبرات ورؤية ويراه بشكل مختلف، للأسف منذ فترة مفهوم النقد السينمائى تراجع بعض الشيء لصالح ريفيوهات الأفلام والحديث عن آرائنا فى الفيلم، وجملة لن نستطيع حرق الأفلام»، مشيرًا إلى أنه لا يعترف بهذه الجملة: «ماركيز يقول: لا يجب أن نشاهد إلا الأفلام التى يجب أن تجبرنا على إعادة مشاهدتها».

وأشار إلى وجود أفلام تخبر المشاهد منذ البداية أن البطل سوف يموت، ولكنه يستمر فى المتابعة لمعرفة لماذا مات لا كيف مات، مضيفًا: «التعامل مع الأفلام بشكل متعمق يجعلنا لا ننظر للقصة ولكن لما وراءها وهو ما له علاقة بالسرد والبناء والتفاصيل».

وشهدت المحاضرة عرض فيلم قصير بعنوان «إن شالله الدنيا تتهد» إخراج كريم شعبان، بطولة سلمى أبو ضيف، عماد رشاد، أمير صلاح الدين، مشددًا على أى فيلم به بناء جيد تكون أول لقطة تظهر منه على الشاشة لها معنى، ومشاهده الأولى أو افتتاحيته عادة مرتبطة بكل بناء الفيلم«.

وأكد أن المشاهدة تتم على مستويين الوعى واللاوعى، وأن غالبية العناصر الخاصة بالاستمتاع موجودة فى اللاوعى، ولها علاقة بالذاكرة سواء على المدى القصير أو الطويل، وبالمشاعر: «مكونات الصورة السينمائية جزء كبير منها لا يخاطب الوعى المباشر».

وشرح ما تحمله اللقطة الأولى فى فيلم «إن شالله الدنيا تتهد» من تفاصيل، إذ تظهر البطلة وهى فتاة فى أوائل الثلاثينات نائمة ومتأملة، هناك شىء يشغل بالها ولا نعرفه، بعدها تظهر هوايتها إذ تقوم بصنع إكسسوارات، موضحًا: «تكوين المشهد يوحى بأنها موجودة فى زاويتين، ولا نعرف السبب، لكن صانع الفيلم يؤسس لنا من خلال اللقطات والزوايا لمخاطبة اللاوعى عندنا بأنها سوف تتعرض لمشكلة وأزمة».

وتطرق رامى بعد ذلك للحديث عن ملابس الشخصية وتفاصيل الهواية التى تمارسها وما يعكسه ذلك من صفاتها الشخصية.وافتتحت النسخة السابعة من المهرجان، الأربعاء الماضى، على مسرح قاعة إيوارت التاريخية فى الجامعة الأمريكية بالتحرير، حيث أقيم حفل الافتتاح١ بحضور عدد من نجوم وصنّاع الفن وخبراء الصحة النفسية، منهم أمينة خليل، يسرا اللوزى، صبرى فواز، وتامر نبيل، وأمير صلاح الدين، ثراء جبيل، جهاد حسام الدين، جيسيكا حسام، الدكتورة ميرڤت أبو عوف، والمخرجون أمير رمسيس، هانى خليفة، تامر عشرى وشريف فتحى.

وشهد حفل الافتتاح الذى قدمه المذيع شريف نور الدين، عرض الفيلم البريطانى «تشخيص»، كما قدم فى بداية الحفل المغنى يوسف إسماعيل وفرقته الموسيقية أغنية «إوعى تفوتك محطة»، والتى كتبها ولحنها بالاشتراك مع المؤلف أحمد إبراهيم، لتناسب دورة العام الحالى من مهرجان ميدفست. كما شارك الدكتور خالد على، مؤسس مشارك لميدفست مصر، فى الحفل، بكلمة مسجلة وجه فيها الشكر لفريق مهرجان ميدفست.

ووجه الدكتور مينا النجار، مؤسس ومدير مهرجان ميدفست، التحية لجميع صناع السينما الذين لا يتوقفون عن المحاولة ويمرون بمحطات كثيرة حتى يصلوا إلى تحقيق حلمهم، مضيفا: «لم يكن فى ذهنى فى البداية تقديم مهرجان، وما أفكر فيه أن الأفلام يجب أن يشاهدها الناس فى كل مكان، فكنا ننظم عروضا فى المحافظات بالمصانع والمعاهد، وبالفعل عرضنا ٢٠٠ فيلم فى ١٤ محافظة والآن أصبح لدينا ٦ نوادٍ للسينما شهريا تعقد فى المحافظات فى نفس الوقت».

وتابع «النجار»: هذا العام شهد الكثير من الأمور الإيجابية، منها أن «ميدفست» أصبح تحت رعاية وزارة الثقافة، وعقدنا اتفاق تعاون مع جامعة ESLSCA لتقديم منحة دراسية ممولة بالكامل لمدة ٣ سنوات لأحد الشباب للدراسة فى الجامعة، وشراكة مع مهرجان الجونة للاهتمام بالفنانين المصريين وتواجدهم فى الأفلام العالمية، إلى جانب زيادة قيمة جوائز مبادرة من النص إلى الشاشة، والحرص على دعوة الفنانين الدوليين.

وقالت كاترين مدحت، الشريك المؤسس والمدير التنفيذى لـ«ميدفست»، إن دورة هذا العام يشارك فيها أكثر من خمسين ضيفا من المجالين الطبى والفنى فى ورش العمل والندوات والحلقات النقاشية والورش التدريبية، وستناقش الفعاليات التغيرات فى حياتنا، وكيفية استخدام الذكاء الاصطناعى فى صناعة السينما، وتقنيات كثيرة تخص الصناعة، إلى جانب مبادرة من النص إلى الشاشة التى بدأت فى ٢٠٢٠، وشهدت انضمام أطباء ومطورى رعاية صحية، يتحدثون عن تجارب خاصة بهم لنساعدهم على ظهروها على الشاشة، وتقدم لنا هذا العام ١٥٠ مشروعا، اخترنا منها ٩ لدعمها وخروجها للنور.

وأكد منسقا برنامج عروض الأفلام المشاركة فى مهرجان ميدفست أحمد نبيل ونادين إيملى، على

أن المهرجان فريد من نوعه ووسيلة للحديث عن موضوعات لا يتم الحديث عنها دائما، واختيار ٣٢ فيلما روائيا ووثائقيا ورسوم متحركة من ١٥ دولة للعرض فى المسابقة الرسمية، من بين ٦٥٠ فيلما،

ورحبا بلجنة تحكيم المسابقة الرسمية، برئاسة مارييت ريسنبيك، المديرة التنفيذية السابقة لمهرجان برلين السينمائى والمنتجة إبداعية، والأعضاء المخرج مروان عمارة، الفنانة يسرا اللوزى، واستشارى العلاج النفسى ألفت علام، المخرج سامح علاء.

كما تم الترحيب بأعضاء لجنة تحكيم مبادرة من النص إلى الشاشة الناقد السينمائى أندرو محسن، والمنتجة سوسن يوسف، والمخرجة هبة يسرى، كما تم الكشف عن أعضاء لجنة تحكيم مسابقة التصوير الفوتوغرافى: المخرج عمرو عز الدين، الفنانة سلمى الكاشف، المصور والفنان عبدالله صبرى، وقالت سلمى الكاشف: «الموضوع موتر جدا، شاهدنا أكثر من ٧٠٠ صورة، ولم يكن شرطا أن تكون الصورة تم التقاطها بأحسن كاميرا، على قدر أهمية وجود منظور مختلف فى الصورة، كل شخص ممكن أن يرى شيئا معينا فى الصور، وممكن حاجات تم تصويرها بالتليفون أشعر بأنها صادقة وأثرت فىّ».

وشهد حفل الافتتاح تكريم الفنانة أمينة خليل، التى تحدثت عن الشخصيات التى جسدتها فى أعمالها الفنية الأخيرة ومناقشتها لقضايا هامة ترتبط بالصحة النفسية، ومن بينها الفتاة التى تعانى من ADHD فى مسلسل (خلى بالك من زيزى)، والأم التى تكتشف تعرض ابنها للتحرش فى مسلسل (لام شمسية)، وكيف كانت هذه الشخصيات بالنسبة لها رحلة جعلتها تشعر بأن الفن من الممكن أن يكون وسيلة لكسر التابوهات والتحدث بصراحة.

وأضافت «أمينة»: «لحظة تكريمى الآن تجعلنى أتذكر وقوفى لأول على هذا المسرح فى هذه الجامعة التى درست بها، وقتها كان عمرى ٧ أعوام، واليوم وبعد ٣٠ عاما سنة مازلت أقف عليه وأقدم الشىء الذى أحبه الفن»، مؤكدة: «هذا التكريم ليس لى وحدى، ولكن لكل من تعاونت معهم، عاما تلو الآخر، خاصة شخصين مهمين جدا فى حياتى، الكاتبة مريم نعوم، والمخرج كريم الشناوى، لولا دخولهما فى حياتى لا أعتقد أن الفرصة كانت ستتاح لى للحديث عن الموضوعات التى تحدثت عنها. قدمنا فنا حقيقيا يصل للناس، وهذه الجائزة للجمهور الذى أعده بأننى سوف أقدم له أعمالا حقيقية».

وقدم الدكتور نبيل القط، استشارى الطب النفسى، تكريم مهرجان ميدفست للدكتور منى الرخاوى، أستاذ الطب النفسى، ووصفها بالشخصية المحورية فى الربط بين الفن والعلاج النفسى، وكانت تحلم منذ أكثر من ١٥ سنة بأن يكون الفن علاجًا نفسيًا، وأسست مدرسة للعلاج النفسى بالفن والحركة والدراما، واهتمت بعلاقة العلاج النفسى بالمسرح والفن». وعبرت الدكتورة منى الرخاوى عن سعادتها بالتكريم، وقالت: «مررنا بحالات مختلفة مع ميدفست، تقابلنا وقدمنا الكثير من الأشياء الجميلة، وتذكرت أمس أغنية عن تدفق النهر والتقائه بالبحر، وشعرت بأننا نتدفق ونلتقى كى نبنى سويًا، ونكون سببًا فى وصول الأمل والرسالة».







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *