
رغم أن مدينة الغردقة تحمل لقب عاصمة المصايف العربية وواحدة من أشهر المقاصد السياحية على خريطة العالم، إلا أن أول ما يواجهه الزائر القادم عبر أتوبيسات القاهرة ومختلف الأقاليم ليس إلا ساحة مكشوفة مليئة بالحفر ملاصقة لمنطقة عشوائية تُدعى «زرزارة»، تحولت إلى ما يُسمى بموقف اتوبيسات الأقاليم، في مشهد أقرب للفوضى والإهمال منه إلى أي مظهر حضاري يليق بمدينة تستقبل ملايين الزوار سنويًا من مختلف الجنسيات.
«المصري اليوم» رصدت المشهد على الأرض داخل موقف اتوبيسات الاقاليم بالغردقة حيث تقف أتوبيسات لساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة بلا أي مظلات، ركاب يتناثرون وسط الأتربة ويفترشون الأرصفة أو يلوذون بالمقاهي الشعبية المجاورة بحثًا عن مأوى، غياب تام لمداخل ومخارج منظمة يعرّض الجميع لمخاطر تصادم السيارات والأتوبيسات، وانعدام شبه كامل لأي إشراف أو تنظيم مروري يضمن سلامة الحركة داخل الموقف بالإضافة إلى عدم وجود سور للموقف
فداخل ما يسمي موقف الاتوبيسات المعاناة لا تتوقف عند حدود الفوضى المرورية فالموقف يفتقر إلى أبسط الخدمات الأساسية التي يحتاجها الركاب فلا توجد مقاعد انتظار ولا لوحات إرشادية تحدد وجهات الأتوبيسات ومواعيدها، بينما تظل دورات المياه مغلقة أغلب الأوقات، ما يدفع المسافرين لقضاء حاجتهم في أماكن مفتوحة فتفوح الروائح الكريهة وتتحول المنطقة إلى بيئة طاردة.د ما جعل أحد الركاب يعلق بمرارة «ان الغردقة التي تبني أفخم الفنادق وتستقبل كبار السياح من مختلف دول العالم تعجز عن بناء موقف اتوبيسات إنساني يليق بمواطنيها وزائريها.»
ولفت عدد من الركاب إلى أن الوضع الحالي لا يليق بسمعة المدينة، خاصة وأن أول ما يراه زوارها من المصريين أو الأجانب عند استخدامهم الأتوبيسات هو هذه المشاهد العشوائية التي تسيء لصورة الغردقة السياحية
ولم يتوقف الأمر عند سوء حال الموقف فقط، بل امتد ليشمل أوضاع شركات النقل نفسها، إذ اكتفت العشرات من شركات الأتوبيس العاملة على خطوط الغردقة مع باقي المحافظات بفتح مكاتب محدودة عبارة عن غرف ضيقة أسفل بعض العمارات السكنية المحيطة، بلا أي تجهيزات أو مناطق انتظار مخصصة للركاب، وهو ما أجبر المسافرين على التكدس أمام هذه المكاتب في مشاهد غير إنسانية، إما واقفين تحت أشعة الشمس الحارقة أو جالسين على الأرصفة في انتظار مواعيد رحلاتهم وهذا المشهد يتكرر يوميًا أمام أنظار الجميع ويعكس غياب التخطيط الحضاري لمدينة بحجم الغردقة، التي تستقبل ملايين السياح سنويًا
واكد احمد مدير مكتب حجز لاحدي الشركات أن هذه الأوضاع داخل موقف اتوبيسات الاقاليم بالغردقة اثرت سلبًا على صورة المدينة السياحية فموقف الاتوبيسات الرئيسي للمدينة، الذي يمثل البوابة البرية الأولى للغردقة أمام زوارها من المصريين والأجانب ياتون مختلف المحافظات، يترك انطباعًا سلبيًا منذ اللحظة الأولى، خاصة عند السائحين الأجانب الذين يختارون التنقل عبر الاتوبيسات الداخلية بين مدن مصر السياحية ولا توجد لهم أماكن انتظار أو لافتات ترشدهم وتدلهم على المواعيد أو الاتجاهات للمسافرين
ومن جانبه اكد مدير شركة سياحية داخلية أن استمرار هذا الوضع يقلل من تنافسية الغردقة كوجهة سياحية شاملة، حيث يتجه البعض إلى اختيار طرق بديلة أكثر تكلفة للوصول إليها، وهو ما يضر بحركة النقل البري ويؤثر على شركات السياحة الداخلية، فضلًا عن فقدان فرص حقيقية لزيادة الإنفاق السياحي نتيجة انطباع سلبي يتشكل مبكرًا لدى الزائر. كما أن السائقين وأصحاب شركات النقل أنفسهم يعانون من بيئة عشوائية لا توفر لهم أو لعملائهم أبسط مقومات التنظيم والراحة.
بشار أبوطالب، نقيب المرشدين السياحيين بالبحر الأحمر، ناشد بسرعة التحرك لإنشاء موقف اتوبيسات حضاري متكامل يليق بالمدينة السياحية، مشددًا على أن الوضع الحالي يسيء مباشرة لصورة الغردقة أمام ضيوفها، ويشكل خطأ استراتيجيًا في إدارة مدينة تعتمد على السياحة وان يكون الموقف الجديد للاتوبيسات مجهزًا بمرافق كاملة من مظلات ودورات مياه نظيفة ومقاعد انتظار ولوحات إرشادية، إلى جانب تنظيم واضح لمداخل ومخارج الأتوبيسات.
المفارقة أن مسؤولي مدينة الغردقة أقروا بوجود خطة ورسومات هندسية منذ سنوات لإقامة موقف اتوبيسات متكامل يربط بين مدن المحافظة وباقي المحافظات، لكن المشروع مازال متوقفًا في انتظار الاعتمادات المالية اللازمة، بينما يستمر الركاب والسائقون في معاناتهم اليومية مع موقف اتوبيسات الأقاليم بالغردقة
وتستمر معاناة الركاب والزائرين المستخدمين لموقف اتوبيسات الاقاليم بمدينة الغردقة عاصمة البحر الاحمر، لتبقى عاجزة حتى اللحظة عن توفير موقف أتوبيسات يليق بسمعتها. وبينما تتسابق المدن السياحية العالمية في تقديم أرقى خدمات النقل لزائريها، تظل الغردقة تقدم لزائريها مشهدًا عشوائيًا يضر بسمعتها السياحية والاقتصادية على حد سواء. ومع استمرار هذا الوضع، يظل السؤال معلقًا متى تتحرك الجهات المعنية لإنقاذ بوابة الغردقة البرية المتمثلة في موقف اتوبيسات الاقاليم وتحويلها من نقطة ضعف إلى واجهة حضارية تليق بمدينة عالمية بحجم ومكانة الغردقة