المواجهات العسكرية وأرباح الخطوط الملاحية تعقدان أزمة البحر الأحمر 

المواجهات العسكرية وأرباح الخطوط الملاحية تعقدان أزمة البحر الأحمر 

تشهد حركة الملاحة البحرية بمنطقة البحر الأحمر، حالة من الغموض والارتباك بعد تصاعد الاشتباكات بين القوات الأمريكية والحوثيين باليمن إثر استئناف الحرب الإسرائيلية على غزة.

وتعقد الأرباح الكبيرة التي حققتها الخطوط الملاحية بعد الأزمة، آمال انتعاشة قريبة في حركة الملاحة بالبحر الأحمر وقناة السويس، إذ حققت الخطوط العالمية أرباحا كبيرة بعد رفع تكاليف التشغيل عبر الطرق البديلة ومنها رأس الرجاء الصالح.

قال الدكتور محمد علي، خبير اللوجستيات ومستشار وزير النقل السابق، إن حركة الملاحة في منطقة البحر الأحمر تشهد اضطرابًا منذ أواخر عام 2023 وإعلان جماعة الحوثيين شن هجمات على السفن الملاحية التي تحمل الجنسية الإسرائيلية، مضيفا أن الملاحة لم تشهد تحسنًا خلال فترة الهدنة، بسبب حالة عدم اليقين التي تسيطر على الأحداث السياسية.

وتوقع، أن تستمر حالة الاضطراب الملاحية في منطقة البحر الأحمر في ظل استمرار الحرب على غزة وتوسع رقعتها بعد الهجمات الأمريكية الأخيرة على اليمن.

أضاف أن الخطوط الملاحية في العادة تُرتب جداول الإبحار لفترة تتراوح ما بين 3 ـ 6 شهور على الأقل لترتيب أوضاعها، كما أن الكثير من الخطوط الملاحية الكبرى وأبرزها الخط الدنماركي “ميرسك” والذي نفى عزمه استئناف عملياته البحرية بمنطقة البحر الأحمر لأنها “غير آمنة وغير مستقرة”.

وأكد أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة كان هشًا، لذلك لم تغامر العدديد الخطوط الملاحية لاستئناف رحلاتها عبر البحر الأحمر.

قال علي، إن أسعار نوالين الشحن البحري شهدت ارتفاعًا الفترة الماضية، متوقعا أن تستمر في الارتفاع خلال الشهور المقبلة حال استمرار الحرب.

وكشف أن التقارير الأخيرة الصادرة عن أرباح الخطوط الملاحية كشفت ارتفاع هذة الأرباح بعد رفع الخطوط أسعار الخدمات بدرجة أكبر من التكلفة الحقيقة للطريق البديل عن قناة السويس، وعلى سبيل المثال، أعلن خط “ميرسك” زيادة أرباحه الفترة الماضية بنسبة 65%.

أضاف أن الشركات الملاحية خصوصا شركات الحاويات لديها في الوقت الراهن فائض عرض، إذ إن كمية السفن الموجودة حاليا أكبر من حجم الطلب، بسبب اتجاه عدد من الخطوط الملاحية خلال أزمة “كوفيد 19” لبناء سفن جديدة، بينما حجم التجارة العالمية لم يستطع موازنة حجم الأسطول الجديد، وبالتالي أصبح هناك فائض في العرض، وأصبح الخط الملاحي يوظف الطاقات العاطلة من خلال طول الفترة الزمنية للرحلة البحرية مما يُزيد من أرباح الخط الملاحي في النهاية.

وحول تأثير تصاعد الاشبكات واستئناف الحرب، على إيرادات قناة السويس، قال خبير اللوجستيات ومستشار وزير النقل السابق، إن الأوضاع الحالية بلا شك ستؤثر سلبًا على إيرادات قناة السويس وعلى حركة الملاحة على قناة السويس، خاصة أن التقارير الأخيرة الصادرة عن القناة ذكرت انخفاض عدد السفن المارة خلال شهري يناير وفبراير الماضي بشكل كبير.

وسجلت إيرادات قناة السويس انخفاضًا العام الماضي بنسبة 60% عن عام 2023، إذ بلغت 4 مليارات دولار بدلًا من 10 مليارات دولار 2023، متوقعًا أن تكون نسبة انخفاض إيرادات قناة السويس لعام 2025 مشابهة للعام الماضي.

أبوالنيل: التوقعات بارتفاع أسعار رسوم تأمين الشحن.. غير مؤكدة 

وقال حازم أبو النيل، مدير التسويق وعلاقات المستثمرين بشركة الإسكندرية لتداول الحاويات، إنه من الصعب التنبؤ بتأثير استئناف الحرب على غزة على حركة الملاحة البحرية بمنطقة البحر الأحمر، خاصة بعد اشتداد الهجمات الأمريكية على اليمن، بالإضافة إلى أن الحرب غير واضحة النهاية.

وتوقع أن تشهد أجور نوالين الشحن البحري ثباتًا فى الأسعار خلال الفترة المقبلة، إذ لن تُسجل أي ارتفاعات رغم عودة الحرب، عدا بعض الخطوط التي قد ترفع أسعار خدماتها مثل الخط الفرنسي “CMA CGM” بالإضافة إلى خط ميرسك الدنماركي.

أكد أبوالنيل، أن سلاسل الإمداد لن تشهد تذبذبا مرة أخرى كما حدث في بداية حرب غزة العام الماضي، خصوصا أن العديد من الخطوط العالمية أعلنت في يناير الماضي عدم استئناف مسارات الشحن عبر البحر الأحمر واتخاذها طريق رأس الرجاء الصالح.

وحول احتمالية رفع شركات التأمين ، رسومها خصوصا على عمليات الشحن ، قال مدير التسويق وعلاقات المستثمرين بشركة الإسكندرية لتداول الحاويات، إن التوقعات بارتفاع أسعار رسوم تأمين المخاطر على الشحن غير مؤكدة، لافتًا إلى أن الرؤية ستكون أكثر وضوحًا خلال شهر مايو المقبل.

يذكر أن علاوات التأمين ضد مخاطر الحرب في البحر الأحمر سجلت ارتفاعًا بصورة طفيفة بعد استئناف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وفقًا لتقرير نشرته “ذا إنشورار” الإخبارية التابعة لوكالة “رويترز” والمتخصصة في قطاع التأمين.

وانخفضت تلك العلاوات بشكل طفيف إثر اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، لكنها عادت للارتفاع بعد أن شنت الولايات المتحدة عددا من الضربات على اليمن خلال الأيام الماضية.

وقالت مصادر ملاحية بشركة ميرسك العالمية إن الشركة قررت تعليق استئناف المرور عبر منطقة البحر الأحمر فى ظل استئناف الأحداث السياسية بغزة، خصوصا أن ما يدور بالمنطقة يدفع الحوثيين للعودة من جديد لاستهداف السفن التجارية ويكبد الخطوط الملاحية خسائر بالملايين .

وأضافت المصادر لـ “لوجستيك”، أن عودة الحرب تشكل صعوبة شديدة على حركة الملاحة، موضحة أن الوضع سيؤثر بالتأكيد على تكاليف الشحن وهو ما سيؤثر على حركة التجارة العالمية التي سترتفع تكاليفها بالتأكيد واستمراره يعني أن كل خط ملاحي سيضع تكاليف إضافية على نولون الشحن الخاص به.

وأوضحت أن تهديدات الحوثيين سترفع من توقعات التوتر في الربع الثاني من العام الحالي ، مؤكدة أن ما يحدث له تأثير سلبي على حركة التجارة واقتصاديات النقل وسلاسل الإمداد والتوريد بشكل مباشر.

وقالت مصادر بالخط الملاحي MSC العالمي السويسري، إن انتهاء الهدنة فى غزة وعودة الحرب مرة أخرى بمثابة عودة جديدة لارتفاع أسعار نوالين الشحن، فضلا عن زيادة قيمة التأمين على السفن، لاسيما أن الأحداث السياسية تمتد لتطال الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير.

وأكدت المصادر، عدم وجود خيارات أمام أزمة تجنب شركات الشحن العالمية لمضيق باب المندب لأن المسار البديل عن طريق رأس الرجاء الصالح بمثابة زيادة التكلفة والتأمين على الحاويات المتجهة إلى أوروبا فى ظل عزوف العديد من السفن عن الإبحار.

مصطفى: الوضع الحالي قد لا ينذر باستقرار يلوح في الأفق 

وقال المهندس أحمد مصطفى نائب رئيس منظمة الفياتا وعضو مجلس إدارة شعبة خدمات النقل الدولى واللوجستيات بالغرفة التجارية بالإسكندرية ، إنه من المتوقع ارتفاع أسعار نوالين الشحن البحرى الربع الثاني من العام الحالي بسبب استئناف الحرب على غزة.

أضاف أن الوضع الحالي قد لا ينذر باستقرار يلوح في الأفق، خصوصا أن البيان الحوثي الأخير هدد باستهداف السفن التجارية حال استمرار الحرب على القطاع، مما يؤكد على احتمالية وجود استهدافات ملاحية للسفن التجارية المارة بالبحر الأحمر الفترة المقبلة.

وتابع: “لا يمكن الحكم على نسبة التكاليف التي سترتفع على عمليات الشحن في الأيام المقبلة خصوصا أن أسعار الوقود تختلف من يوم لآخر، بالإضافة إلى أنه لا يمكن الحكم أيضا على موعد العودة للمرور عبر البحر الأحمر قبل التأكد من السلامة الأمنية”.

شلبي: إطالة الحرب ستؤثر سلبا على إمدادات الخامات والمنتجات النهائية 

وحذر إبراهيم شلبي رئيس شعبة النقل الدولي بالغرفة التجارية ببورسعيد، من أنه إذا طالت فترة الحرب دون وضع قيود أو اشتراطات جذرية تحد من الاستهدافات المتوقعة ، سيتأثر وضع الشحن بالكامل وستتأثر سلبًا حركة إمداد الدول بالواردات على كافة المستويات من المنتجات النهائية والمواد الخام للقطاعات الصناعية لمصر ولكافة الدول المحيطة.

ولفت إلى أن تعليق الرحلات بمنطقة البحر الأحمر مرتبط بشكل مباشر بأمن السفن وطواقمها بالإضافة إلى البضائع.. وطالما استمرت حالة عدم السلامة لا يمكن الإبحار عبر البحر الأحمر ما يدفع السفن للسير عبر طريق أبعد هو رأس الرجاء الصالح.

نقلا عن البورصة

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *