جنوب شرق آسيا عالق في خضم حرب تجارية بين الصين والولايات المتحدة

جنوب شرق آسيا عالق في خضم حرب تجارية بين الصين والولايات المتحدة

رأت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أن الدول الأصغر في مناطق مثل جنوب شرق آسيا تجد نفسها “عالقة” في خضم حرب تجارية شاملة بين أكبر اقتصادين في العالم وهما الولايات المتحدة والصين.

وذكرت الصحيفة – في تقرير إخباري نشرته اليوم – أنه بينما تتسارع العديد من الحكومات إلى إبرام صفقات مع واشنطن لتجنب الرسوم الجمركية الباهظة، فإنها تتعرض أيضًا لضغوط من بكين لإبقاء أسواقها مفتوحة أمام السلع الصينية التي لا يمكن بيعها للمشترين الأمريكيين.

وأوضحت الصحيفة أن الحكومة الصينية حذرت الدول اليوم من إبرام صفقات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتقييد التجارة مع الصين مقابل تخفيف الرسوم الجمركية الأمريكية، قائلةً إن القيام بذلك سيُقابل برد حازم من بكين.

وقالت وزارة التجارة الصينية – في بيان – “إن السعي للحصول على إعفاءات تضر بمصالح الآخرين لتحقيق مكاسب مؤقتة وأنانية أشبه بمساومة نمر على جلده”.

ولفتت الصحيفة إلى أنه خلال جولة له في فيتنام وماليزيا وكمبوديا الأسبوع الماضي، وصف الرئيس الصيني شي جين بينح بكين بأنها قوة مسؤولة مستعدة للعمل مع الدول المجاورة لتخفيف وطأة الرسوم الجمركية الأمريكية كما كثّف المسؤولون الصينيون تواصلهم مع حلفاء الولايات المتحدة، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية.

لكن وعود بكين بتوسيع فرص التجارة ترافقت – بشكل متزايد – مع تحذيرات من “عدم الانحياز” إلى ترامب ضد الصين؛ حيث صرحت وزارة التجارة اليوم بأن الصين “لن تقبل أبدًا” أن تُبرم أي دولة صفقة على حسابها، وستتخذ “بحزم إجراءات مضادة متبادلة، وبمجرد أن تعود التجارة الدولية إلى “قانون الغاب” حيث يستغل القوي الضعيف، ستصبح جميع الدول ضحايا”.

وأضافت الصحيفة أنه منذ أن خفّض ترامب معدلات التعريفات الجمركية على جميع الدول باستثناء الصين إلى 10% لمدة 90 يومًا، دخلت الإدارة في موجة من المفاوضات تهدف إلى تأمين ما تسميه صفقات “مصممة خصيصًا” مع كل دولة.

لكن بكين مترددة في الدخول في محادثات دون مزيد من الضمانات من ترامب كما شعر المسؤولون الصينيون بالإحباط من عدم وجود مطالب واضحة، وشي غير مستعد بشكل خاص لبدء المفاوضات دون معرفة ما يريده ترامب، وفقًا لمحللين سياسيين صينيين.

ونقلت عن تشو فنج، عميد كلية الدراسات الدولية بجامعة نانجينج: “تكمن مشكلة استئناف المحادثات في أسرع وقت ممكن في تحديد الوزارة الأمريكية المعنية والشخص الذي سيقود المحادثات؟” وأضاف: “لا يزال الجانبان يعملان على حل هذه المسألة”.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الجمود جعل من التودد إلى دول أخرى أولوية قصوى لبكين حيث أوضح تشاو مينجهاو، نائب مدير مركز الدراسات الأمريكية بجامعة فودان في شنغهاي إنه مع انخفاض التوقعات بشأن المحادثات مع البيت الأبيض، كرّست الصين جهودها للتواصل مع أوروبا واليابان ودول جنوب شرق آسيا.

وقال تشاو: “أدركت الصين أن “الانفصال الاستراتيجي” قد يكون الهدف النهائي للولايات المتحدة، وأن المحادثات ليست سوى تكتيك للمماطلة”. وأضاف: “تأمل الصين أن تتمكن دول ثالثة مثل فيتنام من الصمود أمام ضغوط إدارة ترامب”.

وتكمن الصعوبة التي تواجهها بكين في أن العديد من الدول لا ترغب في الانحياز إلى أي طرف كما أنها حذرة من توسيع التجارة مع الصين في وقت تبحث فيه صناعاتها التحويلية الضخمة عن أسواق لتفريغ البضائع التي تمنعها رسوم ترامب الجمركية من الوصول إلى الولايات المتحدة.

وقال وانج يونج، مدير مركز الدراسات الأمريكية بجامعة بكين، إن عروض بكين للاستثمار في التصنيع المحلي – التي تهدف إلى تهدئة المخاوف من تدفق السلع الرخيصة – يمكن أن “تخلق الكثير من فرص العمل وتجلب التكنولوجيا الصينية”.

وأضاف وانج: “إن جيران الصين مهمون للغاية لتنمية الصين وأمنها، لذا فهم ليسوا بحاجة بالضرورة إلى الارتباط بالولايات المتحدة”.

ولكن حتى الاستثمار الصيني قد يُشكل معضلة أخرى لبعض الدول. كان جزء من طلب فريق ترامب من العديد من الحكومات التي تسعى إلى التفاوض بشأن التعريفات الجمركية هو منع إعادة توجيه بضائع الشركات الصينية عبر دول ثالثة لتجنب التعريفات – وهي ممارسة تُعرف باسم إعادة الشحن، والتي يسعى البيت الأبيض إلى إلغائها.

وقال شين دينجلي، المعلق السياسي المستقل المقيم في شنغهاي، إنه إذا أرادت الصين إبرام صفقة مع ترامب، فستحتاج إلى إيجاد طرق لخفض فائضها التجاري، بما في ذلك خفض إعادة الشحن.

وأضاف شين: “عندما تكون التجارة المباشرة بين الصين والولايات المتحدة متوازنة بشكل أساسي، فلن تحتاج الصين بعد الآن إلى توسيع صادراتها إلى الولايات المتحدة عبر أطراف ثالثة”.

نقلا عن البورصة

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *