
شهدت الساحة السياسية في بريطانيا تحوّلًا لافتًا عقب استقالة أنجيلا راينر، نائبة رئيس الوزراء السابقة، حيث أعلن رئيس الوزراء، كير ستارمر، عن تعديل وزاري شامل أعاد رسم ملامح الحكومة العمالية، وفي قلب هذا التغيير، برز اسم النائبة المسلمة شبانة محمود، التي تم تعيينها وزيرةً للداخلية، لتسجل بذلك لحظة تاريخية كأول امرأة مسلمة تتولى هذا المنصب السيادي في تاريخ البلاد.
شمل التعديل الوزاري أيضًا تحريك عدد من الشخصيات البارزة في الحزب الحاكم، إذ انتقلت يفيت كوبر إلى وزارة الخارجية، وتولى ديفيد لامي، وزارة العدل إلى جانب منصب نائب رئيس الوزراء، فيما احتفظت رايتشل ريفز بمنصبها وزيرةً للخزانة، ما يعكس رغبة ستارمر في تجديد أداء حكومته وتعزيز حضور حزب العمال قبيل الاستحقاقات السياسية المقبلة، بحسب صحيفة «الجارديان».
شبانة محمود التي وُلدت ونشأت في برمنجهام، كانت من أوائل النساء المسلمات اللواتي دخلن البرلمان البريطاني عام 2010، ممثلةً عن دائرة «برمنجهام ليديود»، وانضمت آنذاك إلى زمرة برلمانيات مسلمات متميزات ضمّت روشَنارا علي وياسمين قريشي.
خلال مسيرتها البرلمانية، شغلت شبانة مناصب بارزة في حكومة الظل، من بينها وزيرة الظل لشؤون السجون، والتعليم العالي، والمالية في الخزانة، مما أعطاها خبرة سياسية ومهارات تفاوضية مكنتها من دخول الصف الأول في الحكومة الحالية.


عُرفت شبانة محمود بمواقفها الواضحة والداعمة لحق الفلسطينيين في صراعهم الأبدي ضد الإسرائيليين، فهي عضو نشط في مجموعة «أصدقاء فلسطين والشرق الأوسط» داخل حزب العمال، وشاركت منذ عام 2010 في مظاهرات وفعاليات مؤيدة لفلسطين، كما أنها دعت إلى الاعتراف بدولة فلسطينية، وانتقدت الخطط الإسرائيلية لضم مزيد من الأراضي العربية، ونددت بهجوم الاحتلال على أسطول الحرية المتوجه إلى غزة.
وبالإضافة إلى ذلك دعمت حركة المقاطعة «BDS»، ودعت إلى مقاطعة بعض المتاجر الكبرى احتجاجًا على دعمها لإسرائيل، علمًا بأنها بعد اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر 2023، أدانت عمليات حماس مشددةً في الوقت نفسه على ضرورة التزام إسرائيل بالقانون الدولي، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية لسكان القطاع.
ورغم توقيعها لاحقًا على مذكرة تطالب بوقف إطلاق النار، إلا أن امتناعها عن التصويت على المقترح نفسه في نوفمبر 2023 أثار موجة غضب في دائرتها الانتخابية، بلغ حد تأسيس حزب جديد باسم «لن ننسى غزة» لمنافستها في الانتخابات، كما غابت عن جلسة التصويت المتعلقة بحظر حركة «بال أكشن»، مما فتح باب التأويلات بشأن ترددها في بعض القضايا الجدلية.


بحسب موقع «العرب في بريطانيا»، يعكس تعيين شبانة محمود، على رأس وزارة الداخلية، توجّه الحكومة نحو وضع ملفي الهجرة واللجوء في قلب أولوياتها، فهي الآن مسؤولة عن معالجة واحدة من أكثر القضايا الشائكة في بريطانيا، وسط تصاعد في «الإسلاموفوبيا»، واحتدام الجدل حول سياسات اللجوء، وظروف استقبال اللاجئين.
إلى جانب ذلك، يتوقع أن تواجه باكستانية الأصل ضغوطًا متزايدة لإيجاد توازن بين حفظ الأمن الداخلي وضمان الحقوق المدنية للمجتمعات المهاجرة والأقليات، خاصةً مع حساسيتها السياسية كمسلمة تتولى ملفات تمس الجاليات العربية والإسلامية، في حين تتصاعد أصوات اليمين المعادي للمهاجرين.