صُنّاع السيارات الغربية يخططون للعودة إلى السوق الصينى

معرض شنغهاى أول اختبار حقيقى لاستراتيجيات الشركات بعد إعادة الهيكلة
تستعد شركات صناعة السيارات الغربية لمواجهة منافسيها المحليين فى الصين هذا الأسبوع، من خلال إطلاق تقنيات برمجية وذكاء اصطناعى جديدة ضمن سيارات تُنتَج بالشراكة مع شركات صينية، فى محاولة لاستعادة مكانتها داخل أكبر سوق للسيارات فى العالم.
ويُعد معرض السيارات السنوى فى الصين، والذى يُقام هذا العام فى مدينة شنغهاي، أول اختبار حقيقى لإستراتيجيات الشركات بعد إعادة هيكلتها.فقد تبنت شركات مثل «فولكس فاجن» و«تويوتا» وغيرها إستراتيجيات «من الصين ولأجل الصين»، فى محاولة لاستعادة المستهلكين الذين اتجهوا نحو السيارات الكهربائية الأرخص والأكثر تطوراً التى تنتجها علامات محلية.
ومن المرتقب أن تطلق «مرسيدس ـ بنز» طراز «سى إل أيه» الكهربائى فى الصين فى وقت لاحق من هذا العام، وسيضم نظام تشغيل مركزياً يُعرف بـ«الدماغ»، تم تطويره بالتعاون مع فريق البحث والتطوير المحلى التابع للشركة.
وتتميز السيارة الجديدة بمدى قيادة أطول وسرعة شحن أكبر، إلى جانب قدرات ذاتية القيادة أكثر تطوراً، حسب ما نقلته صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
مدير قسم البرمجيات فى «مرسيدس»: نشعر الآن بثقة كبيرة تجاه تقنياتنا وذكائنا الاصطناعى
وقال ماغنوس أوستبرغ، مدير قسم البرمجيات فى «مرسيدس»، فى مقابلة صحفية: «نشعر الآن بثقة كبيرة تجاه تقنياتنا وذكائنا الاصطناعي.. ستكون معركة بالأرقام ـ من يملك أطول مدى قيادة.
وأعتقد أننا سنكون فى الصف الأول بهذه المنافسة من خلال سيارة (سى إل أيه)».
«بى إم دبليو» تنافس بسيارة كهربائية بالتعاون مع «على بابا» و«هواوى»
بدورها، ستطلق «بى إم دبليو» سياراتها الكهربائية من طراز «نويه كلاسه»، التى ستُنتَج فى الصين اعتبارًا من العام المقبل، بمشاركة فرق البحث والتصميم المحلية، وبالتعاون مع شركتَى «على بابا» و«هواوي».
وقال عضو لجنة الخبراء فى جمعية وكلاء السيارات الصينية، لى يانوي: «حان الوقت لنعرف ما إذا كانت شركات السيارات الأجنبية قد نجحت فى تصنيع سيارات كهربائية جيدة بما فيه الكفاية».
تُظهر بيانات شركة «أوتوموبيليتي» للاستشارات فى شنغهاى أن الحصة السوقية للشركات الأجنبية فى الصين بلغت 31% خلال يناير وفبراير من هذا العام، أى أقل من نصف النسبة التى سجلتها عام 2020 عند 64%.
وقد تجاوزت شركتا «جيلي» و«بى واى دي» مكانة «فولكس فاجن» كأكثر العلامات مبيعًا فى السوق.
وتُشكّل السيارات الكهربائية والسيارات الهجينة القابلة للشحن نحو 45% من إجمالى مبيعات السيارات الجديدة فى الصين.
ورغم أن بعض المديرين التنفيذيين الغربيين قد اعترفوا بأن استعادة الهيمنة فى السوق الصينى قد لا تكون ممكنة، فإن معظم الشركات تسعى جاهدًة لإعادة بناء وجودها، خاصة فى ظل تصاعد التوترات الاقتصادية بين بكين وواشنطن، ما يفرض ضغوطًا إضافية على القطاع.
ولهذا الغرض، تلجأ كثير من الشركات الغربية إلى شراكات مع شركات صينية من أجل الاستفادة من خبراتها التقنية، والاستجابة بشكل أسرع لاحتياجات المستهلكين المحليين، وهى إستراتيجية تُشبه إلى حد كبير ما اتبعته الشركات الصينية منذ الثمانينيات عندما بدأت تتعلم من نظيراتها الغربية.
«أودي» تطرح أول طراز إنتاجى من علامتها الجديدة المخصصة للصين
فعلى سبيل المثال، ستعرض شركة «أودى» أول طراز إنتاجى من علامتها الجديدة المخصصة للصين.
ويستند هذا الطراز إلى منصة مركبات تم تطويرها بالشراكة مع شركة «سايك» الصينية، ويستهدف فئة الشباب من المستهلكين المحليين، كما ستعرض «أودي» 18 طرازًا آخر فى المعرض التجاري.
قال غيرنوت دولنر، الرئيس التنفيذى لشركة «أودي»، فى بيان صحفى: «اتخذنا العام الماضى خطوات رئيسية لضمان نجاحنا المستقبلى فى الصين.وفى معرض شنغهاى 2025، سنُظهر أن »أودي« تُقدّم ما وعدت به فى الصين».
من جهته، أشار بول جونغ، محلل السيارات فى بنك «يو بى إس»، إلى أن الشراكات بين شركات السيارات العالمية ونظيراتها الصينية كانت فى السابق بمثابة قنوات توزيع لبيع طرازات أجنبية.
لكنه أوضح: «هناك حالات متزايدة الآن حيث تقدم شركات السيارات الصينية تصميمًا كاملًا للطراز».
من بين هذه الأمثلة، سيارة «مازدا إى زد ـ 6»، وهى سيدان كهربائية تعتمد على منظومة حركة طوّرتها شركة «شانجان» الصينية، وسيارة «تويوتا بى زد 3 إكس»، وهى سيارة رياضية متعددة الاستخدامات كهربائية بسعر 15 ألف دولار، تم تطويرها باستخدام منصة كهربائية من شركة «جيه إيه سي» الصينية المملوكة للدولة، وتتشابه بنسبة تفوق 40% من مكوناتها مع طراز «أيون في» التابع لـ«جيه إيه سي».
وقد تمكنت «تويوتا»، خصوصًا علامتها الفاخرة «لكزس»، من الصمود نسبيًا فى ظل ظروف السوق الصعبة، حيث سجلت مبيعاتها فى الصين 1.8 مليون سيارة عام 2024، بانخفاض لم يتجاوز 8% مقارنة بذروتها عام 2021.
مع ذلك، تُعيد «تويوتا» صياغة إستراتيجيتها فى الصين عبر منح مزيد من الصلاحيات لرئيس قسم الهندسة الإقليمى الصينى، وتعزيز موارد البحث والتطوير المحلية، والاعتماد أكثر على شركائها المحليين «فاو» و«جيه إيه سى».
قال المدير المالى للشركة، يويتشى ميازاكي، فى نوفمبر الماضي: «بدلًا من أن يصنع اليابانيون سيارات للصينيين، سيكون من الأفضل أن يصنع الصينيون سيارات للصينيين. ونرغب فى الذهاب خطوة أبعد فى هذا الاتجاه. سنُقدّم طرازات كهذه للناس فى غضون عامين إلى ثلاثة أعوام».
وقبيل المعرض هذا الأسبوع، أعلنت الذراع الصينية لشركة «تويوتا» أن الشركة الأم اليابانية ستمنحها صلاحيات تطوير المنتجات، حتى تتمكن من تطبيق «فكر صينى بعقول صينية وباستخدام طرق صينية».
رغم ذلك، ستُبقى «تويوتا» على رقابة مشددة على علامة «لكزس» داخل السوق الصينى.
ففى فبراير الماضي، أعلنت الشركة عن خطط لبناء مصنع للبطاريات والسيارات الكهربائية فى شنغهاى لإنتاج طرازات «لكزس»، ليكون بذلك ثالث مصنع فى الصين تملكه بالكامل شركة سيارات أجنبية.
نقلا عن البورصة