قطاع النفط الكندي يزدهر رغم “حرب ترامب”

انخفاض الدولار الكندي يمنح المنتجين مساحة أكبر لسداد الديون وتغطية تكاليف التشغيل والرواتب
نجحت شركات النفط والغاز الكندية، في الحفاظ على قدر من الصمود رغم الاضطرابات العالمية الأخيرة، في الوقت الذي شن فيه الجار الجنوبي، الولايات المتحدة، حرباً تجارية، وانخفضت الأسواق المالية وأسعار النفط الخام.
تصدرت شركات “ساتورن أويل آند غاز” و”ستامبيد دريلينج” و”آرو إكسبلوريشن” قائمة أكثر 100 شركة نمواً في الأمريكيتين وفقاً لتصنيف صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية لعام 2025.
وقد جاءت شركة “ساتورن” في المركز الخامس ضمن التصنيف العام، باعتبارها الشركة الأسرع نمواً في القطاع، بعد أن حققت معدل نمو سنوي مركب بنسبة 353% بين عامي 2020 و2023.
يأتي هذا النمو القوي في وقت تدور فيه نقاشات داخل كندا حول كيفية زيادة إنتاج الطاقة لصالح الولايات المتحدة وخارجها.
وقالت الرئيسة التنفيذية لجمعية منتجي البترول الكندية”، ليزا بايتون، خلال مؤتمر للمستثمرين في تورونتو في أبريل الماضي، إن “الأساسيات قوية، وفرصة العمل موجودة”.
تعتمد شركتا “ستامبيد” و”آرو” على تجدد الاهتمام الكندي بالنفط والغاز، إلى جانب السعي لتنويع الأسواق، رداً على التهديدات الجمركية التي أطلقتها إدارة الرئيس دونالد ترامب واعتماد كندا المفرط على الولايات المتحدة.
وقد كانت 14 منصة حفر من أصل 19 منصة تابعة لـ”ستامبيد” تعمل خلال الربع الأول، بينما رفعت “آرو” عدد مشاريعها من 13 مشروعاً في 2024 إلى خطط لحفر 23 بئراً هذا العام.
ومع ذلك، شهدت أسعار النفط تراجعاً خلال الأشهر الأخيرة، مع انخفاض بأكثر من 10% منذ بداية أبريل، في ظل إصدار ترامب عدداً من التهديدات بفرض رسوم جمركية.
وأشار الرئيس التنفيذي لشركة “ساتورن” ومقرها كالجاري، جون جيفري، إلى أن استراتيجية التحوط المالي المنضبطة التي تعتمدها الشركة قد خففت من المخاطر الناجمة عن تقلبات أسعار النفط، مما وفر لها قدراً من الاستقرار المالي رغم الاضطرابات السوقية.
وقال جيفري: “في عام 2022، عندما بلغ سعر النفط 120 دولاراً للبرميل، قمنا بالتحوط لإنتاج ثلاث سنوات لأننا أحببنا هذا السعر.. ومع انخفاض الأسعار لاحقاً، بدأت عقود التحوط تدر أرباحاً ضخمة”.
وأوضح جيفري أن “ساتورن” تقوم بتثبيت أسعار النفط والغاز الطبيعي لجزء من إنتاجها من خلال عقود المشتقات المالية، بما في ذلك العقود الآجلة والخيارات والمقايضات.
وأضاف أن هذا “النهج الحكيم في إدارة المخاطر”، إلى جانب النمو الكبير في الأصول والإنتاج والتدفقات النقدية منذ عام 2020، ساعد الشركة على حماية نفسها من سياسات ترامب التجارية أو تأثير العقوبات المفروضة على صادرات الخام الروسي.
وكانت “ساتورن” قد استحوذت العام الماضي على مزيد من الأصول في ساسكاتشوان مقابل 525 مليون دولار.
وفي مارس الماضي، فرض ترامب عدة تعريفات جمركية على السلع الكندية، بما في ذلك ضريبة بنسبة 10% على صادرات الطاقة والبوتاس.
لكنه تراجع لاحقاً مع منح إعفاء بموجب اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
وبعد أسابيع، تسببت خططه لفرض رسوم جمركية واسعة النطاق في اضطراب الأسواق العالمية وخسارة نحو 5.4 تريليون دولار خلال يومين، مما أدى إلى تراجع سعر سهم “ساتورن” بنسبة 12%.
وقال جيفري: “أنا أكره الرسوم الجمركية، فهي ستؤذي الكثير من العائلات الكندية، لكن هذه الرسوم حققت شيئاً واحداً، وهو دفع الدولار الكندي للانخفاض. وأنا أتقاضى أجري بالدولار الأمريكي”.
ويستفيد العاملون في الصناعة الكندية الذين يحققون إيراداتهم بالدولار الأمريكي من انخفاض الدولار الكندي الناتج عن الرسوم الجمركية، مما يمنحهم مساحة أكبر لسداد الديون وتغطية تكاليف التشغيل والرواتب.
وتُعد كندا، التي تمتلك ثالث أكبر احتياطي نفطي في العالم، أكبر مورد أجنبي للولايات المتحدة، حيث تمثل نحو 60% من وارداتها النفطية.
وقد أصبحت هذه الإمدادات أكثر أهمية للمصافي الأمريكية القديمة التي صُممت للتعامل مع أنواع أثقل من الخام.
ويمثل نحو 80% من احتياطات “ساتورن” من النفط الخام الخفيف المستخرج من مقاطعة ساسكاتشوان، بينما يأتي الباقي من مقاطعة ألبرتا المجاورة، التي تُعد موطن صناعة النفط الكندية.
وقالت هيذر إكسنر-بيروت، مديرة قطاع الطاقة والموارد الطبيعية والبيئة في معهد ماكدونالد-لورييه في أوتاوا: “ساسكاتشوان منتج رئيسي للنفط”، مضيفة أنه “لو كانت المقاطعة دولة عضو في أوبك، لاحتلت المرتبة الحادية عشرة في الإنتاج”.
وارتفع إنتاج “ساتورن” من 7500 برميل يومياً في عام 2022 إلى 41900 برميل يومياً بحلول نهاية عام 2024.
وأوضح جيفري أن ميزة النفط الخفيف تكمن في انخفاض النفقات الرأسمالية وتكاليف التشغيل.
وأضاف: “إذا استيقظنا غداً ووجدنا أن سعر النفط أصبح 50 دولاراً للبرميل، سنتوقف ببساطة عن الحفر”، مشيراً إلى أن “ساتورن” لا تملك التزامات أو التزامات تعاقدية للحفر، كما أن النفط سيبقى في مكانه ولن يذهب لأي مكان.
وأكد جيفري أن سياسة تقليص النفقات أسهمت في “خفض تكاليف النقل بنسبة 36% خلال السنوات الأربع الماضية”.
وكان الحظ حليف “ساتورن” أيضاً؛ ففي فبراير 2022، استحوذت على أصول شركة “ريدجباك ريسورسز” مقابل 525 مليون دولار، بينما كانت القيمة المطلوبة تبلغ مليار دولار.
وقال جيفري: “لقد كنا محظوظين لأننا تمكنا من الحصول على هذه الأصول بأسعار منخفضة جداً”.
نقلا عن البورصة