محمد سكراوي: الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل بيئة العمل ويكسر التراتبية التقليدية داخل المكاتب الحديثة

محمد سكراوي: الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل بيئة العمل ويكسر التراتبية التقليدية داخل المكاتب الحديثة

قال محمد سكراوي، خبير التكنولوجيا العقارية والذكاء الاصطناعي، إن بيئة العمل المعاصرة تشهد تحولًا جذريًا تقوده الأجيال الشابة، خاصة الجيل “زد” (Z)، الذي يغير من قواعد اللعبة التنظيمية داخل المؤسسات، ويكسر التراتبية التقليدية التي طالما حكمت العلاقة بين صغار وكبار الموظفين.

وأكد سكراوي أن “المعرفة لم تعد تنتقل من الأعلى إلى الأسفل فقط”، كما كان الحال في بيئات العمل التقليدية، بل باتت عملية التعلّم تسير في اتجاهين، نتيجة إتقان الجيل الجديد لأدوات المستقبل وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، ما أتاح له القدرة على قيادة التغيير داخل المؤسسات من مواقع وظيفية أقل خبرة أو سلطة.

وأضاف أن هذا التحول يمثل ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ بيئات العمل، حيث بات من الشائع أن يقود الموظفون الأصغر سنًا زملاءهم الأكبر نحو آفاق جديدة من التعلّم الرقمي والتحول التقني، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة لتحسين الكفاءة، بل أصبح جسرًا معرفيًا بين الأجيال، يعيد تشكيل طبيعة العلاقة بين الخبرة والحداثة.

إعادة هيكلة السلطة داخل المكاتب

وفي سياق متصل، أشار سكراوي إلى أن هذا التبادل المعرفي لا يقتصر على المهارات التقنية، بل يفتح الباب أمام تساؤلات أعمق تتعلق بإعادة هيكلة السلطة ومفاهيم القيادة داخل بيئات العمل. وقال: “لم يعد غريبًا أن نرى طلابًا رقميين يعيدون تعريف أدوار أساتذتهم ممن أمضوا عقودًا في المهنة. فهل بات الجيل زد مهندسي المستقبل في مكاتب اليوم؟ وهل بدأ الذكاء الاصطناعي يقلب الهرم التقليدي للسلطة الوظيفية؟”

واستشهد سكراوي باستطلاع أجرته شركة International Workplace Group، شمل أكثر من 2000 محترف في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وأظهر أن ما يقرب من ثلثي الموظفين الشباب يشاركون فعليًا في تدريب زملائهم الأكبر سنًا على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، عبر ورش العمل والتوجيه العملي والنصائح التقنية المباشرة، ما يعكس نشوء نموذج جديد للتعاون بين الأجيال.

تقليص الفجوة بين الأجيال

وأوضح أن هذه الديناميكية الجديدة تسهم في تقليص الفجوات الجيلية داخل المؤسسات، وتعزز من مفهوم التشارك في القيادة والمعرفة. كما أظهرت نتائج الاستطلاع أن:

  • 50% من المشاركين أكدوا أن أدوات الذكاء الاصطناعي سهلت التعاون بين الفئات العمرية المختلفة.
  • 4 من كل 5 مديرين تنفيذيين أشاروا إلى أن التعاون مع الجيل الشاب يمنحهم فرصة للتركيز على المهام ذات القيمة الأعلى.
  • 82% من المديرين أكدوا أن الابتكارات التقنية فتحت أمامهم فرصًا مهنية جديدة وغير تقليدية.

تحولات تنظيمية غير مسبوقة

ونبّه سكراوي إلى أن هذه التغيرات “ليست مجرد تطورات تقنية”، بل هي إعادة تشكيل جذرية للمفاهيم التنظيمية مثل: السلطة الإدارية، توزيع المهام، ومهارات القيادة. واعتبر أن هذه الظاهرة إحدى ملامح الثورة الرابعة في بيئة العمل، حيث أصبح الذكاء الاصطناعي عنصرًا محوريًا في تصميم البنية المؤسسية الحديثة.

وأشار إلى أن دمج أدوات الذكاء الاصطناعي في العمليات اليومية للموظفين يحسن الكفاءة بشكل مباشر. فقد كشف الاستطلاع أن:

  • 86% من الموظفين أكدوا أن الذكاء الاصطناعي ساعدهم في تحسين أدائهم اليومي.
  • 76% أوضحوا أن هذه الأدوات ساعدت في تطورهم المهني.
  • النسبة ترتفع إلى 87% بين الموظفين من الجيل “زد”.

كما بيّنت البيانات أن الموظف الواحد يوفر نحو 55 دقيقة يوميًا بفضل الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي، ما يُترجم إلى تحول ملموس في الإنتاجية وطبيعة الأداء الوظيفي.

الذكاء الاصطناعي والعمل الهجين

وأضاف سكراوي أن الذكاء الاصطناعي يُعد عنصرًا حاسمًا في بيئات العمل الهجينة، مشيرًا إلى أن:

  • 69% من الموظفين العاملين بنظام “الهجين” أكدوا أن أدوات الذكاء الاصطناعي ساعدت في تسهيل التعاون بين الفرق الموزعة جغرافيًا.

وتضمنت التطبيقات الأكثر شيوعًا لهذه الأدوات:

  • صياغة رسائل البريد الإلكتروني
  • تدوين ملاحظات الاجتماعات
  • تنظيم الملفات
  • إدخال البيانات

وهي مهام كانت تستهلك وقتًا كبيرًا، أصبح من الممكن الآن توفيرها لصالح الأنشطة الإبداعية والاستراتيجية.

الجيل زد… طلاقة تقنية فطرية

وعن الدور المحوري للجيل الشاب، قال سكراوي إن الجيل زد يتمتع بما وصفه بـ”الطلاقة التقنية الفطرية”، نظرًا لنشأته في بيئة رقمية بالكامل. هذا ما يمكّنه من قيادة جهود التكيّف المؤسسي مع الذكاء الاصطناعي بسلاسة، مقارنة ببعض التحديات التي تواجهها الأجيال الأكبر في مواكبة وتيرة التغير التقني.

لكنه شدد في المقابل على أن هذا التحول لا يعني تهميش الأجيال السابقة، بل يُعزز من قيمة التكامل بين:

  • القدرات التقنية للجيل الشاب
  • والخبرة والرؤية الاستراتيجية للأجيال الأكبر

وهو ما يصنع ما وصفه بـ”المزيج المثالي” لإدارة التحول الرقمي بنجاح، داعيًا المؤسسات إلى تبني هذا التنوع كميزة تنافسية وليس كصراع بين القديم والجديد.

مستقبل العمل بين الإنسان والآلة

وفي حديثه عن مستقبل بيئة العمل، أشار سكراوي إلى أن الأتمتة الذكية ستواصل تقليص المهام الروتينية والتحليلية، ما سيخلق فرصًا لوظائف جديدة تتطلب:

  • ذكاءً عاطفيًا
  • مهارات إبداعية
  • تفكيرًا نقديًا

وأكد أن التكيف مع الأدوات الذكية والعمل جنبًا إلى جنب مع الآلة سيصبح مهارة أساسية لا غنى عنها، في ظل التحول المستمر نحو بيئات أكثر مرونة وذكاءً وانفتاحًا.

الإنسان في قلب المعادلة

وفي ختام تصريحه، شدد محمد سكراوي على ضرورة الحفاظ على الطابع الإنساني وسط هذا الزخم التكنولوجي، قائلاً:

“مهما تطور الذكاء الاصطناعي، لا يمكنه أن يُعوض الحكمة البشرية، ولا البصيرة الأخلاقية، ولا الفهم العميق للسياقات الاجتماعية والثقافية التي تتطلبها بعض القرارات المصيرية داخل المؤسسات.”

واختتم بأن مستقبل العمل الذكي هو “مستقبل تكاملي لا استبدالي”، يجمع بين الإنسان والآلة، وبين الحماس الرقمي والخبرة المتراكمة، لخلق بيئات عمل أكثر توازنًا، إنتاجية، وإنسانية

<p>The post محمد سكراوي: الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل بيئة العمل ويكسر التراتبية التقليدية داخل المكاتب الحديثة first appeared on التعمير.</p>

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *