مفاوضات ثلاثية بين طهران وواشنطن و”نتنياهو خلف الستار”| تقرير خاص

رغم محاولات كل من طهران وواشنطن تصدير أجواء إيجابية للرأي العام العالمي، تكشف التفاصيل المسربة من الغرف المغلقة للمفاوضات النووية بين الطرفين عن حجم التباعد الحقيقي، والتعقيدات التي تهدد بانهيار المسار التفاوضي برمّته.
فالجولات الثلاث الماضية لم تنجح في كسر الجمود، في حين تأجلت الجولة الرابعة وسط توتر متصاعد وغياب للثقة بين الطرفين.
يبدو أن العقبة الجوهرية أمام أي اتفاق ليست فنية، بل سياسية بامتياز. فبينما تسعى إدارة دونالد ترامب لتوقيع اتفاق رمزي يقدمه الرئيس كإنجاز دبلوماسي، ترفض إيران المساومة على ما تعتبره “خطوطًا حمراء للسيادة والأمن القومي”.
إيران تصرّ على الاحتفاظ بمخزونها من اليورانيوم المخصب على أراضيها، وترفض إدراج منظومتها الدفاعية أو تحالفاتها الإقليمية ضمن ملفات التفاوض، باعتبارها أدوات ردع أساسية في مواجهة التهديد الإسرائيلي والأمريكي المستمر.
من وجهة نظر طهران، تلعب إسرائيل الدور الأخطر في تعطيل أي تقارب مع واشنطن، حيث تضغط حكومة بنيامين نتنياهو – بشكل مباشر أو عبر اللوبيات الصهيونية في الكونغرس – لدفع الإدارة الأمريكية إلى مواجهة عسكرية مع إيران.
تصريحات نتنياهو الأخيرة التي دعا فيها إلى “تطبيق النموذج الليبي” على إيران لم تمر مرور الكرام في طهران، التي ترى أن أي حديث عن نزع سلاحها الدفاعي يصب في مصلحة مشروع إسرائيلي توسعي يهدد المنطقة برمتها.
بل وتذهب بعض التصريحات الإيرانية حدّ التأكيد على أن نتنياهو قد لا يتوانى عن استخدام السلاح النووي – الذي تمتلكه إسرائيل دون رقابة دولية – لضرب إيران، في ظل صمت دولي مشابه لذلك الذي غطى الجرائم الإسرائيلية في غزة ولبنان. ولذا، فإن طهران ترى أن تفوقها التقني النووي – وإن لم يتحول إلى قنبلة فعلية – يشكل حاجز الردع الأهم.
الولايات المتحدة تطالب إيران بتجميد تخصيب اليورانيوم، والسماح بتفتيش منشآتها، بل وحتى منشآتها العسكرية، وهو ما تعتبره إيران انتهاكًا لسيادتها، وردّت عليه بتهديد مباشر بوقف المفاوضات، ما لم تُسحب هذه المطالب من الطاولة.
بالمقابل، تطالب إيران برفع فوري وكامل للعقوبات الأمريكية، وتعويضها عن الأضرار الاقتصادية السابقة، وضمانات مكتوبة تمنع أي إدارة أمريكية مستقبلًا من الانسحاب من الاتفاق أو إعادة فرض العقوبات.
اقتراحات أمريكية، كإشراك شركات كبرى في مشاريع إيرانية لتوفير “ضمان سياسي واقتصادي”، لا تزال – في نظر الإيرانيين – شفوية ومبهمة. وبينما تطرح واشنطن اتفاقًا دون سقف زمني، ترد طهران بضرورة وجود آليات محاسبة فعّالة.
أما الترويكا الأوروبية، فتقف متفرجة – وغاضبة – على تهميش دورها في المفاوضات، وتشعر بأنها الخاسر الأكبر من العقوبات الأمريكية، بينما تُمنح واشنطن اليوم فرصة للهيمنة على السوق الإيراني. الصين وروسيا، بدورهما، تتابعان المفاوضات بقلق، وتسعيان لضمان ألا تؤثر أي تسوية أميركية إيرانية على نفوذهما الاقتصادي والسياسي في طهران.
تحاول إيران طمأنة حلفائها بأن أي تقارب مع واشنطن لن يأتي على حساب تحالفاتها الشرقية، ويبدو أن زيارات دبلوماسية إلى موسكو وبكين، وتلميحات لاحتفاظ أوروبا بحصتها من “الكعكة الاقتصادية”، تأتي في هذا الإطار.
نقلا عن صدي البلد