أخبار عاجلة

بحث علمي جديد يقترح حزمة حلول لتحسين إنتاج الزيتون في المغرب

بحث علمي جديد يقترح حزمة حلول لتحسين إنتاج الزيتون في المغرب
بحث علمي جديد يقترح حزمة حلول لتحسين إنتاج الزيتون في المغرب

مع تفاقم التحديات التي يواجهها قطاع إنتاج الزيتون بالمغرب، قدّم بحث علمي جديد للطالب عمر أبو سعيد، ضمن برنامج دكتوراه بشراكة بين جامعة القاضي عياض بمراكش والمعهد الوطني للبحث الزراعي (INRA) بالمغرب ومعهد التحسين الوراثي للنباتات والتكيف مع البيئة المتوسطية والاستوائية (AGAP Institut) بفرنسا، حلولا لتجاوز هذا الوضع مستقبلا.

معطيات البحث التي شرحها أبو سعيد في مقال توصلت به هسبريس، أظهرت أن “ارتفاع درجات الحرارة الشتوية يؤدي إلى تأخير أو حتى تعطيل عملية الإزهار لدى أشجار الزيتون، مما يؤثر سلباً على إنتاجية الثمار وجودتها”، لافتا إلى أن “عامل البرودة لطالما كان مهملاً من طرف المزارعين”.

وتوصل الباحث إلى أن تغير المناخ هو أحد التحديات الجديدة التي تهدد استدامة إنتاج الزيتون وجودته ويعيد رسم ملامح مستقبل الزيتون في المغرب، وشدد على أهمية إجراء دراسات علمية لاختيار أصناف الزيتون الملائمة للتكيف مع المستقبل.

النتائج الرئيسية وتأثيرها على الإنتاج

أظهر البحث أن ارتفاع درجات الحرارة الشتوية يؤدي إلى تأخير أو حتى تعطيل عملية الإزهار لدى أشجار الزيتون، مما يؤثر سلباً على إنتاجية الثمار وجودتها. ومن اللافت أن عامل البرودة لطالما كان مهملاً من طرف المزارعين؛ إذ يركزون بالأساس على تحسين عمليات السقي وتوفير السماد بغية زيادة الإنتاج. ومع ذلك، في الأعوام المنصرمة لوحظ تراجع ملحوظ في الإنتاج بغض النظر عن كميات السقي أو السماد المستخدمة، مما يشير إلى أن تجاهل أهمية تراكم وحدات البرودة يُعد عاملاً رئيسياً يسهم في انخفاض الإنتاجية؛ فأشجار الزيتون تعتمد على تراكم البرودة خلال فصل الشتاء لتحفيز الإزهار بشكل منتظم. لذا، فإن عدم تحقيق متطلبات البرودة يؤدي إلى اضطرابات في توقيت الإزهار، وبالتالي انخفاض الإنتاج وجودة الثمار، وهو ما يستدعي إعادة النظر في أساليب الإدارة الزراعية التقليدية لصالح استراتيجيات تأخذ في الاعتبار العوامل المناخية الأساسية.

هذا التراجع في عامل البرودة يؤثر سلباً على إنتاجية الثمار وجودتها، مما قد ينبئ بخسائر مستقبلية كبيرة في قطاع الزيتون المغربي. ومن المعطيات الهامة التي خرجت بها الدراسة، جمع بيانات عن 331 صنفاً من الزيتون، تُشكل مرجعاً قياسياً يمكن الاستفادة منه في اختيار الأصناف التي تتطلب برودة أقل، وهي الأصناف الأنسب للمناطق التي تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في درجات الحرارة.

لمحة عامة عن الجانب الوراثي

لم يقتصر البحث على دراسة تأثير درجات الحرارة على توقيت الإزهار فحسب، بل شمل أيضاً الجانب الوراثي، حيث تم إجراء تحليل وراثي عام لتحديد العوامل المؤثرة في التحكم بموعد الإزهار. وأظهرت الدراسة أن التحكم في توقيت الإزهار ينطوي على تفاعل معقد بين عوامل وراثية وبيئية، مما يعني أن الاختلافات الجينية بين الأصناف قد تفسر مدى قدرتها على التأقلم مع نقص وحدات البرودة. هذه النتائج تعزز إمكانية تطوير برامج تحسين وراثي تستهدف إنتاج أصناف زيتون أكثر مقاومة للتحديات المناخية المستقبلية.

نمذجة احتياجات البرودة والاتجاهات المستقبلية

اعتمد البحث أيضاً على نمذجة احتياجات البرودة لأشجار الزيتون باستخدام نماذج تنبؤية تمكّن من تقييم تأثير التغير المناخي على تراكم وحدات البرودة. وأظهرت النماذج أن سيناريوهات المناخ المستقبلية بموجب مسارات انبعاثات RCP4.5 وRCP8.5 ستؤدي إلى انخفاض ملحوظ في كمية وحدات البرودة المتراكمة خلال الشتاء، إضافة إلى تأخير تحقيق متطلبات البرودة اللازمة لتحفيز الإزهار. وهذا يشير إلى أن العديد من الأصناف، خاصة تلك التي تتطلب مستويات عالية من البرودة، قد تواجه صعوبات في الإنتاج في المستقبل.

ومن هنا برزت أهمية استخدام قاعدة بيانات الأصناف التي شملها البحث (331 صنفاً) لتحديد تلك التي تتطلب برودة منخفضة، مما يجعلها خيارات مثالية للمناطق التي ستتأثر بشكل كبير بارتفاع درجات الحرارة. إن هذا النهج لا يساهم فقط في الحفاظ على إنتاج الزيتون، بل يوفر أيضاً إطاراً علمياً لصناع القرار لتوجيه الجهود البحثية والبرامج التنموية نحو تطوير استراتيجيات تكيفية ناجحة.

دعوة للتكيف والاستثمار في البحث العلمي

تشير نتائج البحث إلى ضرورة تبني استراتيجيات متكاملة تشمل:

• تحسين الأصناف وراثياً: من خلال برامج التحسين الوراثي التي تركز على تطوير أصناف تتطلب برودة أقل وتكون أكثر مقاومة لظروف المناخ الحارة.

• استخدام التقنيات الزراعية الذكية: اعتماد نظم مراقبة وتحليل متطورة لمتابعة درجات الحرارة والتنبؤ بالاتجاهات المناخية وتعديل مواعيد العمليات الزراعية وفقاً لذلك.

• تعزيز التعاون البحثي: توسيع الشراكات بين المؤسسات البحثية المغربية والدولية لتبادل الخبرات وتطوير نماذج مناخية دقيقة تساعد في التنبؤ بالتغيرات المستقبلية.

خاتمة

تعد هذه الدراسة خطوة محورية في فهم تأثير التغير المناخي على قطاع الزيتون في المغرب، حيث توفر بيانات قيمة لاختيار الأصناف الأنسب وتطوير برامج تحسين وراثي تراعي الواقع المناخي المستقبلي. ومن خلال الاستفادة من قاعدة بيانات تضم 331 صنفاً، يمكن للمزارعين وصناع القرار تبني استراتيجيات مستدامة تضمن استمرار إنتاج زيتون ذي جودة عالية في مواجهة التحديات البيئية المقبلة.

إن التكيف مع التغيرات المناخية يتطلب جهداً مشتركاً بين جميع الفاعلين لتطبيق الحلول المبتكرة التي وضعتها هذه الدراسة، مما يؤكد أهمية البحث العلمي كأداة فعالة للتخطيط للمستقبل وحماية تراث الزيتون الذي يُعد رمزاً للثقافة والاقتصاد في المغرب.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق بنك الإمارات دبي الوطني - مصر يعزز دعمه للشركات ...
التالى المحكمة تحسم مصير زوج إعلامية شهيرة نصب على أفشة في 13 مليون جنيه| تفاصيل