يترقّب المحللون تداعيات تغيير الإدارات في أميركا الشمالية على صادرات الغاز المسال، في ظل الأهمية المتزايدة للوقود مع العقوبات المفروضة على إمدادات الطاقة الروسية.
ووفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، من المرجح أن تحدد الأيام الـ100 المقبلة مسارات متباينة لتطوير الغاز المسال، إذ تقدّم رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو باستقالته بعد ما يقرب من 10 سنوات، وتشهد الولايات المتحدة عودة دونالد ترمب رئيسًا لولاية ثانية بعد غيابه لمدة 4 سنوات.
وفي الوقت الذي قد تعوق فيه سياسة الطاقة المقيّدة في كندا، جاذبيتها أو مشاركتها الفعّالة في سوق الطاقة في الاتحاد الأوروبي، فإن تهديدات الرئيس المنتخب ترمب بالتعرفات الجمركية تهدف إلى تسريع صادرات الغاز المسال إلى أوروبا.
ومن المقرر أن توفّر التطورات السياسية المتوقعة المقبلة من كندا والولايات المتحدة فرصًا وتحديات؛ إذ تعمل القيادة السياسية الجديدة مرة أخرى على إعادة تشكيل مسار المشهد العالمي للطاقة.
صادرات الغاز المسال الكندية
من المرجح أن تشهد صادرات الغاز المسال الكندية تطورًا خلال المدة المقبلة؛ إذ يقدم إعلان رئيس الوزراء جاستن ترودو فترة انتقالية في السياسة الكندية، وقد تقع مشروعات الطاقة في رياح التغيير السياسي.
وكانت إدارة ترودو قد سلكت نهجًا حذرًا تجاه الغاز المسال، خاصة في رفضها التمويل العام لمرافق الغاز المسال والبنية الأساسية، ما يترك المستثمرين من القطاع الخاص يتحملون مخاطر التطوير.
وفي تلخيص لموقف سياسة الحزب الليبرالي، أشار وزير الطاقة والموارد الطبيعية الكندي جوناثان ويلكينسون في عام 2024، إلى أنه "ليس لدى الحكومة الفيدرالية أي مصلحة في دعم تطوير الغاز المسال"، وفق التصريحات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وبينما قد يستمر إطار السياسة هذا تحت قيادة ليبرالية مؤقتة، فإن آليات الاتفاق على سباق القيادة المقبل والانتخابات قد تؤخر موافقات المشروعات؛ ما يؤثر في قدرة كندا على المنافسة بصفة فاعلة في أسواق الغاز المسال العالمية.
وكان من المقرر أن تجري كندا انتخابات في أكتوبر/تشرين الأول 2025، بناءً على توقيت الانتخابات السابقة في عام 2021، إلا أن تصويت الأغلبية بحجب الثقة عن الحكومة الليبرالية من قبل البرلمان الكندي قبل موعد الانتخابات المقرر، من شأنه أن يفرض انتخابات مبكرة.
وفي إعلانه عن استقالته، علّق ترودو أيضًا البرلمان الكندي حتى مارس/آذار 2025، ما يتيح الوقت لحزبه الليبرالي للعثور على قيادة جديدة.
ويملك ترودو سلطة طلب تعليق آخر للبرلمان، وهي سياسة التأخير التي لجأ إليها رؤساء الوزراء الكنديون السابقون.
صادرات الغاز المسال الأميركية
في الوقت نفسه، تترقّب صادرات الغاز المسال الأميركية تغيرًا مماثلًا، من شأنه أن يعيد توسيع الإمدادات إلى أوروبا بصفة خاصة، بعد عدة عقبات عرقلت تطوير مشروعات جديدة.
وتشير عودة الجمهوري دونالد ترمب إلى السلطة، إلى ديناميكية سياسة طاقة مختلفة تمامًا عن سلفه الديمقراطي جو بايدن، بحسب ما أكدته منصة "ريفييرا ماريتايم" (Riviera Maritime) في تقريرها.
وفي أوائل عام 2024، أصدر بايدن قرارًا بوقف مؤقت لتصدير الغاز المسال، واصفًا إياه بأنه "توقف مؤقت للقرارات المعلقة بشأن صادرات الغاز المسال إلى الدول غير الأعضاء في اتفاقية التجارة الحرة".
وفي ديسمبر/كانون الأول 2024، أصدرت إدارة بايدن تقريرًا عن التأثيرات الاقتصادية والبيئية للغاز المسال، وحثت على توخي الحذر، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ومن بين أمور أخرى، كانت الدراسة -التي تحدّد العديد من السيناريوهات المحتملة لاستخراج واستعمال وتصدير الغاز المسال- موجهة إلى وزارة الطاقة الأميركية، التي يلزمها القانون بتحديد ما إذا كانت صادرات الطاقة تخدم المصلحة العامة للولايات المتحدة.
من ناحية أخرى، دافع الرئيس المنتخب ترمب لمدة طويلة عن توسيع صادرات الغاز المسال، وعدّها عنصرًا أساسيًا في هيمنة الطاقة الأميركية.
ووعد ترمب بإنهاء وقف بايدن لمنح تصاريح التصدير فورًا، عندما يتولى منصبه مرة أخرى في 20 يناير/كانون الثاني 2025.
وفي فترة ولايته السابقة التي استمرت 4 سنوات، من 2016 إلى 2020، مدّد ترمب شروط تصدير الغاز المسال حتى عام 2050، وسعى بقوة إلى مفاوضات تجارية لزيادة المشتريات الأوروبية.
وقبل ولايته المقبلة، ألمح الرئيس المنتخب ترمب بالفعل إلى أنه قد يعجّل بتصاريح الغاز المسال المتوقفة لتوفير بيئة ناضجة لنمو البنية الأساسية.
وشدد ترمب، في تصريحات سابقة، على أن "وفرة الطاقة في أميركا هي أداة للقوة الاقتصادية والنفوذ الجيوسياسي".
أكبر الدول المستوردة للغاز المسال الأميركي في 2024
في سياقٍ متصل، هيمنت 10 دول أوروبية وآسيوية على قائمة أكبر الدول المستوردة للغاز المسال الأميركي في 2024، بإجمالي واردات بلغ 54.84 مليون طن.
وحافظت أوروبا على مكانتها بوصفها الوجهة المفضلة لصادرات الغاز المسال الأميركي في 2024، إذ شكّلت القارة العجوز 55% من الإجمالي.
وفي الوقت نفسه، دخلت الدول الآسيوية بقوة إلى دائرة المنافسة، محققة زيادة ملحوظة في وارداتها؛ إذ مثّلت 34% من إجمالي صادرات الغاز المسال الأميركي في 2024، وفقًا لتقرير "مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية في 2024" الذي تُصدره وحدة أبحاث الطاقة.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- أكبر الدول المستوردة للغاز المسال الأميركي في 2024:
وحقّقت صادرات الولايات المتحدة من الغاز المسال زيادة بنسبة 1.2% في 2024، لتتربّع البلاد على عرش أكبر مصدّري الغاز المسال في العالم.
وبلغ إجمالي صادرات الغاز المسال الأميركي 87.22 مليون طن عام 2024، مقابل 86.17 مليون طن عام 2023، بحسب بيانات تقرير مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية في 2024، الصادر عن وحدة أبحاث الطاقة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- تطورات صادرات الغاز المسال في أميركا الشمالية من منصة ريفييرا ماريتايم.
- أكبر الدول المستورد للغاز المسال الأميركي من وحدة أبحاث الطاقة.