نشرت مجلة "نيتشر" مؤخرًا، بحثًا عن أحد نماذج الذكاء الاصطناعي، يدير الطاقة في سيارة كهربائية دون استبدال بطاريتها، وجرى تحسين الأمر، وكانت النتيجة أنه إذا نجح النموذج في فهم طريقة قيادة الشخص للسيارة فمن الممكن زيادة عمر البطاريات.
ويوضح الخبير في الذكاء الاصطناعي واستعماله في مجال الطاقة الدكتور زياد الشباني، أن تقييم نوع قيادة الشخص، سواء كان هادئًا أو سريعًا -"سبورت" يتطلب أداء أعلى-، وإدارة الطاقة، يمكّن كل هذا من إدارة عمر البطارية بنسبة 10%، ما يعني زيادة 10 أميال لكل 100 ميل.
ولفت إلى أن المشكلة هنا تكون في البيانات التي يحصل عليها نموذج الذكاء الاصطناعي، والبيانات هي النفط القادم، وكلما كانت هناك بيانات كثيرة ونظيفة، أي خالية من القيم المبالغ فيها والأخطاء والفراغات، كانت هناك قدرة على تحقيق أو بناء نماذج ذكاء اصطناعي.
وأكد الشباني أن الجميل في الذكاء الاصطناعي ونماذجه أنها هي الوحيدة في العالم التي لا يمكن للدول الغربية أن تمنعها عن أي أحد، لأن كل ما يحتاج إليه مستعملوه هو البيانات، وهنا تكون لديهم بياناتهم الخاصة.
جاء ذلك خلال حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، التي شارك فيها الشباني، وقدّمها مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) الدكتور أنس الحجي، عبر مساحات منصة "إكس"، بعنوان: "الذكاء الاصطناعي وآثاره في أسواق النفط والغاز والكهرباء".
نماذج الذكاء الاصطناعي
قال الدكتور زياد الشباني إن نماذج الذكاء الاصطناعي المدربة في الخارج لا يمكن أن تعمل عندنا في الداخل، لأنها تُدرّب على البيانات الخاصة والأوضاع والتأريخ وطريقة الاستعمال وأسلوب الحياة والنمط، وحتى الأخلاقيات الخاصة بمستهلكها فقط.
ولفت إلى أن كل هذه الأمور تدخل في تطوير هذه النماذج، لذلك عندما يكون هناك برنامج ذكاء اصطناعي ناجح في إدارة الطاقة -مثلًا- في بريطانيا، لا يعني هذا بالضرورة أنه ما دام نجح في لندن فسينجح في الرياض، وإذا نجح في الرياض فليس شرطًا أن ينجح في البصرة، وهكذا.
وردًا على سؤال من "الحجي" حول كيفية استعمال الذكاء الاصطناعي في عملية زيادة إنتاج الطاقة، سواء النفط أو الغاز أو الكهرباء والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، قال الدكتور زياد الشباني: "هناك عدة نقاط يمكن استغلاله فيها، لأنه ليس صالحًا للاستعمال في كل شيء".
وأضاف: "النقطة الأولى فيما يخص إنتاج الطاقة، وهي أخطر وأهم مرحلة في الاستكشاف الجيولوجي الذي تُستعمل فيه أجهزة استشعار ترسل وتستقبل إشارات، يحاولون من خلالها بناء صورة ثلاثية الأبعاد لباطن الأرض، ولهذا عندنا بيانات الحفر التي نستعملها، وبيانات الزلازل وبيانات الأقمار الاصطناعية".
وأوضح أن المشكلة سابقًا كانت أن البيانات تُحلل من قبل الخبراء بشريًا، وكانوا يأخذون فقط عينات لتحليلها، والآن أفضل من استغل الذكاء الاصطناعي -حتى الآن- بالاستكشاف هي شركة أرامكو السعودية، التي حققت ما يعادل 15% خفضًا لتكاليف الاستكشاف.
وتابع: "أرامكو جمعت البيانات الخاصة بأكبر حقل نفط بري في العالم، وهو حقل الغوار، واستعملت أجهزة استشعار، وجمعت البيانات وأدخلتها إلى الذكاء الاصطناعي، بالطبع هذه البيانات هي صور غير واضحة جدًا، فهي قائمة على موجات مرتدة".
وأشار الدكتور زياد الشباني إلى أن الخبراء في شركة أرامكو استعملوا الذكاء الاصطناعي لتصنيف الأرض إلى منطقتين، منطقة غنية بالنفط وأخرى غير مرشحة للحفر، وبعد أن اطلعوا على المناطق الغنية بالنفط استطاعوا تحديد مواقع الحفر ودقة العمق.
وأردف: "العاملون في هذا المجال يعرفون أن دقة مواقع الحفر من كوابيس إنتاج الطاقة، لأنه في حال الحفر بالمكان الخطأ، فستكون هناك حاجة إلى الذهاب لمكان آخر، أو التنقيب في مكان آخر، لذلك حسّنت أرامكو من الأداء وخفّضت التكاليف، وكان لديها تنبؤ دقيق بفضل الذكاء الاصطناعي بشأن العمق المطلوب للوصول إلى الخزانات النفطية، كما وفّرت وقتًا وجهدًا كبيرين".
وقال إن النموذج المُستغل للاستكشاف جاءته الصور لباطن الأرض، وهي التي إذا اطلع عليها الإنسان العادي فلن يفهمها، ولكن النموذج لديه دقة شديدة -من خلال البيانات القديمة- لمعرفة المواقع الدقيقة، فاستطاعت أرامكو تحسين الأداء.
إنتاج الطاقة بعد الاستكشاف
قال الدكتور زياد الشباني، إن هناك أمرًا آخر يتعلّق بإنتاج الطاقة بعد الاستكشاف، وهو إدارة الإنتاج، وهو ما يحتاج إلى أمرين، أولهما الصيانة التنبؤية، لأنه في حال توقف الحفارات أو آبار الحفر، فإن هذا يؤثر في أسواق العالم.
أضاف: "كل العاملين في هذا القطاع، خصوصًا المختصين بقطاع الحفر والسيطرة أو النظام، يعرفون أن فشل الأدوات أغلبها بين ما يُعاد تركيبه ويُعاد تشغيله، وهذا يستغرق وقتًا طويلًا، لهذا نحتاج إلى الصيانة التنبؤية".
على سبيل المثال، أشار أحد تقارير شركة شل العالمية، إلى أنها تمكّنت -من خلال الصيانة التنبؤية- من توفير تكاليف صيانة في بحر الشمال بنسبة 20%، وزوّدت وقت التشغيل بنسبة 15%، وهو ما يُترجم إلى ملايين الدولارات سنويًا.
وأوضح الدكتور زياد الشباني أن الفضل في هذا يرجع إلى استعمال الذكاء الاصطناعي الذي يجري العمل به الآن في واحد من أكبر مجالات بحوث التنبؤ، من خلال مراقبتها بالمستشعرات الذكية.
الأمر الآخر، هو سلاسل التوريد في قطاع الإنتاج، فإذا أردنا تحليل بيانات الإنتاج والتوزيع، فكيف ننسّق مع الشبكات الذكية ونتنبّأ بالطلب في الوقت الحقيقي؟ مضيفًا: "شركة تيسلا -مثلًا- تمكنت من خلال إدارتها لموضوع الطاقة، حسّنت كفاءة النقل بنسبة 20% تقريبًا، وقلّلت وقت الشحن بنسبة 15%".
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
حلقة "أنسيات الطاقة" المذاعة عبر مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا).