حمل إنجيل لينكولن العديد من التساؤلات على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصه بعد أن استخدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في حفل تنصيبه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، ولكن ليس ترامب هو أول رئيس يستخدمه في تنصيبه، فهناك رؤساء آخرين قسموا عليه، بالإضافة إلى السياق التاريخي الذي جعله جزءًا مهمًا من مراسم التنصيب الرئاسي في الولايات المتحدة.
إنجيل لينكولن: تاريخ وحكاية
يعود تاريخ إنجيل لينكولن إلى 1861، عندما استخدمه الرئيس أبراهام لينكولن في حفل تنصيبه الأول كرئيس للولايات المتحدة في 4 مارس من ذلك العام. كانت هذه النسخة من الكتاب المقدس مملوكة شخصيًا للينكولن، وقد استخدمها في القسم الدستوري ليبدأ ولايته الأولى في البيت الأبيض.
هذا الإنجيل كان يُعتبر فريدًا ليس فقط بسبب ارتباطه بلينكولن، ولكن أيضًا لأنه كان متاحًا لاستخدام الرؤساء في مراسم التنصيب المستقبلية. ومنذ ذلك الحين أصبح له دور رمزي عميق في السياسة الأمريكية، حيث يُستخدم في بعض الأحيان في مراسم التنصيب لتأكيد العهد الدستوري والرغبة في القيادة بشرف وصدق.
الرؤساء الذين استخدموا إنجيل لينكولن
1. باراك أوباما:
2009: استخدم الرئيس باراك أوباما إنجيل لينكولن في حفل تنصيبه الأول بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية عام 2008. هذه المرة كانت تاريخية لأنها كانت أول مرة يتولى فيها رئيس من أصول إفريقية منصب رئيس الولايات المتحدة.
2013: استخدم أوباما نفس الإنجيل في حفل تنصيبه الثاني بعد فوزه في انتخابات 2012، مما جعل هذه المرة الثانية التي يُستخدم فيها الإنجيل في تنصيبه.
اختيار أوباما لإنجيل لينكولن كان رمزيًا، حيث أشار إلى أهمية التغيير والتقدم في أمريكا، مع الإشارة إلى إرث لينكولن في مكافحة العبودية والمساواة العرقية.
دونالد ترامب:
2017: استخدم الرئيس دونالد ترامب إنجيل لينكولن في حفل تنصيبه، مما جعله ثالث رئيس أمريكي في التاريخ الحديث يستخدم هذه النسخة من الكتاب المقدس. كانت هذه المرة مهمة نظرًا لأنها كانت بداية فترة رئاسة ترامب، التي شهدت تغيرات كبيرة في السياسة الأمريكية.
ترامب اختار إنجيل لينكولن نظرًا لدوره في تاريخ الأمة الأمريكي ورمزيته في الحفاظ على القيم الأمريكية الأساسية، بما في ذلك الحرية والديمقراطية.
السياق التاريخي لاستخدام إنجيل لينكولن
إن استخدام إنجيل لينكولن في مراسم التنصيب ليس مجرد تقليد، بل هو مرتبط بعدة عوامل تاريخية ودينية:
1. الارتباط بالتاريخ الأمريكي: عندما استخدم لينكولن هذا الإنجيل في حفل تنصيبه الأول في 1861، كانت البلاد في خضم الحرب الأهلية الأمريكية، وكانت الأمة ممزقة بين الشمال والجنوب. كان لينكولن بحاجة إلى التأكيد على الوحدة والمساواة، وكان الكتاب المقدس يمثل رمزًا للوحدة الوطنية.
2. القسم على الكتاب المقدس: يُعد أداء القسم على الكتاب المقدس من الممارسات الشائعة في أمريكا، حيث يُعتبر تعبيرًا عن التزام الرئيس بالقيم الدستورية والأخلاقية التي تحدد كيف يجب أن يُدار الحكم في البلاد.
3. التقاليد الأمريكية: يرتبط استخدام الكتاب المقدس في مراسم التنصيب بإيمان الأمريكيين العميق بالدين كمكون أساسي في حياتهم السياسية والاجتماعية. وباختيار إنجيل لينكولن، يُؤكد الرؤساء على التزامهم بالقيم التي ارتبطت بتأسيس الأمة الأمريكية، مثل الحرية والعدالة والمساواة.
مكتبة الكونجرس واحتفاظها بالإنجيل
اليوم، يُحفظ إنجيل لينكولن في مكتبة الكونجرس في واشنطن العاصمة. هذه النسخة من الكتاب المقدس تعد جزءًا من تراث تاريخي هام يعكس القيم الدينية التي تم تبنيها في أمريكا منذ تأسيس الجمهورية. وتُعرض النسخة الآن للجمهور في مكتبة الكونغرس كجزء من مجموعة الوثائق الرئاسية والأثرية التي تحكي قصة تطور الأمة.
رمزية الكتاب في سياق الرئاسة الأمريكية
استخدام إنجيل لينكولن في حفل التنصيب يرمز إلى استمرارية القيم التي شكلت الأمة الأمريكية، وهو لا يعكس فقط التزام الرئيس الديني، بل يعكس أيضًا الإيمان بأن القيادة يجب أن تكون مبنية على المبادئ الأخلاقية العالية والعدالة. إن تكرار استخدام هذا الكتاب في التنصيب الرئاسي يعكس أهمية الروابط بين الدين والديمقراطية في التاريخ الأمريكي.
إن إنجيل لينكولن ليس مجرد كتاب مقدس، بل هو قطعة تاريخية ذات قيمة رمزية عميقة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية. من خلال استخدامه في حفلات التنصيب الرئاسية، يتجسد الالتزام بالقيم التي تأسست عليها الجمهورية الأمريكية، من الحرية والمساواة إلى العدالة. وبذلك، يبقى هذا الإنجيل شاهدًا على تواتر اللحظات التاريخية التي شكلت مستقبل الأمة الأمريكية.