يعد "الأتوبيس الترددي السريع BRT" بالقاهرة الكبرى أحد أبرز مشروعات النقل الجماعي الحديثة التي تنفذها الدولة المصرية في إطار خطتها الشاملة لتطوير منظومة النقل العام، والتحول نحو وسائل النقل المستدامة والصديقة للبيئة ويأتي هذا المشروع كخطوة استراتيجية تهدف إلى تقليل الاعتماد على وسائل النقل التقليدية، مثل سيارات الميكروباص، التي كانت تستخدم بكثافة على الطريق الدائري،ويرصد تحيا مصر مدى تحقيق السيولة المرورية والارتقاء بمستوى الخدمة المقدمة للمواطنين.
انطلاق وتشغيل المرحلة الأولى من المشروع
تم افتتاح المرحلة الأولى من المشروع رسميًا في الأول من يونيو عام 2025، وذلك بعد استكمال أعمال تطوير وتوسعة الطريق الدائري وقد شملت هذه المرحلة تشغيل حافلات كهربائية حديثة لمسافة تصل إلى 35 كيلومترًا، من إجمالي طول الخط الأول الذي يبلغ حوالي 110 كيلومترات، ليكون بذلك أحد أطول مسارات حافلات النقل الجماعي الترددي على مستوى العالم. ويمتد الخط من محطة المشير طنطاوي وصولًا إلى محطة عند مدخل منطقة التجمع، مرورًا بعدد كبير من المناطق الحيوية والمزدحمة في القاهرة الكبرى.
مسارات وتشغيل الحافلات
تسير الحافلات الكهربائية في مسارات شبه منفصلة تم تخصيصها على الجانب الأيسر من الطريق الدائري، بحيث يتم تقليل التداخل مع حركة المرور التقليدية لضمان سرعة وانتظام الخدمة وقد تم تصميم هذه المسارات بعناية تامة لتلائم تشغيل وسيلة نقل جماعي حديثة وآمنة وتتميز الحافلات بأنها مكيفة وتصنع محليًا في المصانع المصرية بنسبة مكون محلي مرتفعة، ما يعكس نجاح الدولة في تنفيذ سياسة توطين صناعة وسائل النقل الحديثة.
محطات متطورة وتكامل مع وسائل النقل الأخرى
يتضمن المشروع إنشاء 52 محطة على طول المسار، وقد تم تجهيز هذه المحطات وفقًا لأعلى المعايير العالمية من حيث التصميم والبنية التحتية ونظم التذاكر الإلكترونية وتتيح المحطات الوصول إليها عبر جسور أو أنفاق للمشاة، وذلك لضمان أعلى درجات الأمان والانسيابية في حركة الركاب كما تم تجهيز كل محطة بساحات لانتظار السيارات لتشجيع المواطنين على ترك سياراتهم الخاصة واستخدام وسائل النقل الجماعي.
يعد التكامل بين الأتوبيس الترددي BRT وباقي شبكات النقل الجماعي أحد أبرز مميزات هذا المشروع، حيث تتقاطع الخدمة في عدد من المحطات مع خطوط المترو ووسائل النقل الأخرى فعلى سبيل المثال:
في محطة مترو الزهراء ومحطة المرج (بما في ذلك موقف المرج)، يمكن للركاب التبديل بين BRT وخط المترو الأول.
في محطة إمبابة ومحطة عدلي منصور، يمكن الانتقال إلى الخط الثالث من مترو الأنفاق.
في محطة عدلي منصور المركزية، وهي أحد أهم مراكز النقل في القاهرة الكبرى، تتكامل الخدمة مع كل من القطار الكهربائي الخفيف LRT، وقطار السويس، بالإضافة إلى خدمات النقل البري مثل السوبر جيت.
أما في محطة BRT السلام، فيمكن للركاب التبديل إلى موقف السلام بعد تطويره، ما يعزز الربط بين شبكة النقل الجديدة والمواقف التقليدية.
دور المشروع في دعم منظومة النقل المستدام بمصر
يعد الأتوبيس الترددي BRT بالقاهرة الكبرى جزءًا من الرؤية الاستراتيجية للدولة المصرية التي تهدف إلى إنشاء منظومة نقل عام متكاملة تعمل بالطاقة النظيفة وتساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية والآثار البيئية السلبية ويأتي هذا المشروع ضمن مجموعة من الوسائل الحديثة المعتمدة على الكهرباء مثل:
ترام الإسكندرية
مترو الإسكندرية
مترو القاهرة
المونوريل (شرق وغرب النيل)
القطار الكهربائي الخفيف (LRT)
القطار الكهربائي السريع
الأتوبيس الترددي BRT بالقاهرة والإسكندرية
التصنيع المحلي ودعم الصناعة الوطنية
ومن الجدير بالذكر أن الحافلات التي تم تشغيلها ضمن منظومة BRT هي من طراز "ستي باص – SETIBUS"، وهو موديل مصري تم تطويره ليتناسب مع طبيعة الطرق والاستخدام الكثيف في القاهرة الكبرى وتستخدم هذه الحافلات كذلك ضمن شبكة خطوط هيئة النقل العام مع وجود بعض الاختلافات في تصميم الأبواب والمقاعد بما يتناسب مع طبيعة الخدمة الترددية السريعة.
ويعكس هذا المشروع جهود وزارة النقل بالتعاون مع الشركات الوطنية في تعميق التصنيع المحلي والاعتماد على الخبرات المصرية في تنفيذ المشروعات الكبرى، بما يسهم في توفير فرص العمل ودعم الاقتصاد الوطني.
مستقبل نقل نظيف وآمن
يمثل مشروع الأتوبيس الترددي السريع BRT خطوة محورية نحو بناء شبكة نقل متكاملة ومستدامة في مصر، تتسم بالحداثة والكفاءة، وتضع المواطن في قلب اهتمامها ومن خلال دعم الاستخدام المتزايد لوسائل النقل الكهربائية، تسعى الدولة إلى تقليل الزحام المروري، وتحسين جودة الهواء، وتعزيز ثقافة الاعتماد على وسائل النقل العام بدلًا من السيارات الخاصة.
وتؤكد وزارة النقل التزامها الكامل بمواصلة تنفيذ مراحل المشروع المختلفة، وتوسيع شبكة BRT لتشمل مزيدًا من المناطق، في إطار رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة وبناء بنية تحتية ذكية ومتطورة تواكب الطموحات الوطنية.
