في كل أمة، توجد رموز وطنية تتجلى في تضحيات أبنائها، وتختلف القصص التاريخية من مكان لآخر، لكن بعضها يبقى خالداً في الذاكرة،من بين هذه القصص تبرز قصة الشهيد عمر القاضي، الذي يعكس بروحه وإيثاره القيم العالية للوفاء والشجاعة،لقد تركت كلماته الأخيرة في معركة كمين “بطل 14” في شمال سيناء أثراً عميقاً في القلوب، وتحولت إلى عبارة تتردد باستمرار، ممثلةً روح النضال والتضحية بحياة الفرد من أجل الوطن،ستظل هذه الذكرى حية في نفوس المصريين كدليل على إيمانهم الراسخ بقضيتهم وذودهم عن تراب وطنهم.
أحداث يوم استشهاد عمر القاضي
في صباح عيد الفطر عام 2019، انتشر خبر استشهاد البطل عمر القاضي كالنار في الهشيم بين المصريين، حيث استشهد وهو يدافع عن وطنه في معركة مصيرية،هذه الأخبار كانت بمثابة صدمة كبيرة للجميع، وخصوصًا بعد أن سمعوا تسجيله الصوتي الأخير الذي حمل بين طياته كلمات قوية تعكس الثبات والشجاعة في مواجهة الموت،”بلغوا أمى إن ابنك مات راجل.،ومات شهيد.،محدش ينساني يا جدعان.،أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله”، كانت تلك العبارة بمثابة تجسيد لرغبة القاضي في تقديم نفسه فداءً لمصر، مما زاد من مشاعر الفخر والاعتزاز في قلوب المواطنين.
تفاصيل معركة كمين “بطل 14”
شهدت معركة كمين “بطل 14” لحظات من الشجاعة والفداء، حيث سقط أحد أفراد مجموعة القاضي، ليعبر عما يجري في الجبهة الأخرى قائلاً “أنا معاي عسكري مات، أنا معاي شهيد وكلنا في السكة يا جدعان، ابعتوا لنا دعم يا جدعان..،دكو السبيل علينا كلنا..،اضرب على الكمين يا سمير..،غربل السبيل”،كانت كلمات تحمل في طياتها مشاعر الحزن والأسى، وتعكس شدة المعركة وضرورة الصمود أمام الأعداء،ومع استمرار المعركة، كانت محاولات الدعم العسكري تحاول الوصول إلى الأبطال وسط الأهوال، لكن قبل أن يصل الدعم، استشهد القاضي في لحظة جهادية رائعة تاركاً خلفه إرثًا من الشجاعة لم يشهد مثله.
نبذة عن الشهيد عمر القاضي
عمر القاضي هو شاب من محافظة المنوفية، وُلد في عائلة ميسورة، وكان أصغر أشقائه،تقلد رتبة ضابط في الشرطة بعد تخرجه من الكلية عام 2017، حيث كانت لديه طموحات كبيرة في خدمة بلده،استشهد بعد عامين من تخرجه وهو في عمر يُعتبر زهور الشباب،وقد تم تكريمه في حفل تخريج دفعة 2019 من كلية الشرطة عندما قام الرئيس عبدالفتاح السيسي بتكريم والدته، حيث أطلق اسم الشهيد عمر القاضي على دفعة تخريج الكلية كتخليد لذكراه وتقدير لتضحياته.
إن مسيرة الشهيد عمر القاضي تمثل رمزًا للتضحية والعزة التي يتحلى بها أبناء الوطن، وستظل كلماته تذكر الأجيال القادمة بأهمية القيم الوطنية والشجاعة في مواجهة التحديات،إن تلك الذكريات العزيزة تظل محفورة في الذاكرة كدليل على ما يقدمه الشعب المصري في سبيل حريته وأمنه، ودرس في الوفاء وقوة الإيمان بالتضحية من أجل الوطن،لذا، فإن ذكرى الشهيد عمر القاضي ستبقى بمثابة شعلة تنير دروب الأجيال المقبلة، مُذكرةً الجميع بأن الوطن يستحق كل غالٍ ونفيس.
