أزمة اقتصادية “خانقة” تهدد الجزائر وتبون في مرمى الانتقادات في التفاصيل، منذ عام 2021، تبنى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خطابًا يسعى إلى تعزيز صورة الجزائر كقوة إقليمية وعظمى، مستندًا إلى ارتفاع أسعار النفط آنذاك، ومستخدمًا هذه الرسالة لكسب تعاطف الشعب. لكن هذا التصور، كما يبدو، لم يكن قائمًا على أسس اقتصادية متينة، مما قد يعرض البلاد لأزمة اقتصادية غير مسبوقة، خصوصًا مع التغيرات الدولية في سوق النفط ووصول دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية.
تحذيرات من انهيار اقتصادي وشيك
الناشط السياسي والإعلامي الجزائري، سعيد بنسديرة، أكد أن الجزائر على أعتاب فترة اقتصادية صعبة بعد مرحلة من الرخاء النسبي. ويعزو ذلك إلى التراجع المتوقع في أسعار النفط وسوء التخطيط الاقتصادي الذي يعتمد بشكل شبه كامل على عائدات المحروقات. ويرى بنسديرة أن غياب سياسات تنويع الاقتصاد أو بناء مصادر دخل بديلة يعمّق المخاطر الاقتصادية التي تلوح في الأفق.
بحسب خبراء في قطاع النفط والغاز، من المتوقع أن تشهد أسعار النفط تراجعًا حادًا خلال الأشهر المقبلة لتصل إلى نحو 40 دولارًا للبرميل، وهو مستوى يشكل تهديدًا حقيقيًا لاقتصاد البلاد، الذي يعتمد بأكثر من 90% من إيراداته على صادرات النفط والغاز. هذا الانخفاض، في حال تحققه، سيؤدي إلى نقص كبير في الإيرادات الحكومية وزيادة عجز الموازنة، ما يضعف قدرة البلاد على تمويل المشاريع التنموية أو توفير الخدمات الأساسية.
سياسات ترامب وعواقبها على الجزائر
على الصعيد الدولي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن سياسة جديدة تهدف إلى خفض أسعار النفط عالميًا، عبر الضغط على الدول المنتجة مثل السعودية وأعضاء منظمة “أوبك”. هذه السياسة تعني مزيدًا من التحديات للدول التي تعتمد على النفط كمصدر رئيسي للدخل، ومنها الجزائر. ويرى محللون أن هذه التحركات ستفاقم الأزمة الاقتصادية في الجزائر، ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لإصلاح الاقتصاد المحلي.
انعكاسات داخلية متوقعة
مع التراجع الاقتصادي المرتقب، من المتوقع أن تتصاعد حالة الغضب الشعبي تجاه النظام بسبب فشله في إدارة الموارد الطبيعية للبلاد واعتماده المفرط على النفط، دون خطط استراتيجية لتأمين بدائل اقتصادية. وتزداد المخاوف من أن يؤدي ذلك إلى اضطرابات سياسية واجتماعية، خصوصًا مع تعمق الهوة بين الشعب والنظام الحاكم، وسط اتهامات متزايدة بسوء الإدارة وإهدار الفرص الاقتصادية.
مستقبل غامض
الأزمة الاقتصادية المتوقعة تمثل اختبارًا كبيرًا للنظام الجزائري وسياساته تحت قيادة الرئيس تبون. الخبراء يحذرون من أن استمرار الوضع على ما هو عليه دون إصلاحات حقيقية سيؤدي إلى تدهور أكبر في الأوضاع الاقتصادية والسياسية، مما يجعل المستقبل القريب محفوفًا بالمخاطر والتحديات للبلاد.