أخبار عاجلة

إفيه يكتبه روبير الفارس: جوه البطيخة

إفيه يكتبه روبير الفارس: جوه البطيخة
إفيه يكتبه روبير الفارس: جوه البطيخة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يوم ضرب البرجين في 11 سبتمبر 2001، والتي أدت إلى مقتل 2977 شخصًا، كنت عائدًا من مشوار بوسط القاهرة، رفض سائق الميكروباص أن يأخذ الأجرة من الركاب ابتهاجًا بالكارثة، ولكني أصريت أن أترك له النقود، وقبل أن أدخل العمارة التي كنت أسكن بها، وجدت حالة من السعادة الغامرة تسود المقهى الكائن أسفلها، وأكثر من زبون يعلن دفع حساب كل المشاريب لسقوط أمريكا الكبير.

تمر السنوات ويدفع الشرق الأوسط كله ثمن هذه العملية الإرهابية، لتعود الشماتة الكبيرة تطل من رأسها من داخل "البطيخة القرعة" التي نحيا بها، لتعلن الوجود والفرح والسعادة بحرائق ولاية كاليفورنيا. هذه السعادة المرضية تعبر عنها مشاهد المجانين في فيلم "اقتلني من فضلك" لفؤاد المهندس، حيث يلتقي بشخص محتار -الفنان حسن أتلة- هل هو داخل البطيخة أم خارجها؟ فيسأله: "اللي مجنني أنا بقى دلوقتي.. هل أنا جوه البطيخة ولا بره البطيخة؟ جوه البطيخة.. بره البطيخة؟"

الكل في الكوارث الطبيعية والفردية والاجتماعية سواء كان مدركًا أنه داخلها أم خارجها، المهم درجة إدراكه بوجود هذه الكوارث من حوله، ودرجة استيعابه لها وكيفية التعامل معها. فالذي يشمت في حرائق أبرياء مات منهم حتى كتابة هذه السطور 16 شخصًا -وطبعًا الأرقام قابلة للزيادة، ومن الممكن أن يصل العدد لأكثر من خمسين- ربنا يرحم الجميع ويعزي أسرهم مسلمين ومسيحيين ويهود. هؤلاء هم ضحايا كارثة طبيعية ضخمة جدًا.

وإذا تأمل الشامت في بطيخته لوجد أن ضحايا حوادث الطرق اليومية في مصر أكبر بكثير من عدد ضحايا هذه الحرائق. فقد بلغ عدد الوفيات في عام 2023: 5861 وفاة، وفي عام 2022: 7762 وفاة. متخيل الآلاف يموتون في نزيف الأسفلت، وهي كوارث فردية واجتماعية تحدث يوميًا. ومع هذه الأرقام المفزعة، حيث تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 100 شخص يموتون أسبوعيًا في الشوارع نتيجة لحوادث الطرق، هذا غير المصابين بإعاقات دائمة.

فإذا حدث ونشرت الصحف والقنوات الأمريكية هذه الإحصاءات أو حتى حادثة واحدة، مثل حادث تصادم تريلا إسمنت بميكروباص بطريق أسيوط الزراعي بجوار بنزينة النيل في أسيوط، والذي أسفر عن مصرع 13 شخصًا وإصابة اثنين آخرين في 17 ديسمبر الماضي، هل تجد إنسانًا أمريكيًا أو أوروبيًا طبيعيًا سويًا يشمت في واقعك المؤلم والقاسي؟ وإذا حدث هذا، كيف يكون رد فعلك على هذا الشامت المغرور؟ كيف يكون تفسيرك وقبولك لقول مثل: "إن الله يعاقبهم وينتقم منهم ويقتل شبابهم وييتم أطفالهم ويرمل نساءهم"؟

تشويه صورة الله الرحيم من أكبر جرائم الشامتين الذين لا يدركون حجم العتمة في سجن عقولهم "جوه البطيخة".

إفيه قبل الوداع:

أين عقلي؟

خرج ولم يعد

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق "حماس": 19 شهيدا خلال 24 ساعة
التالى العيسى يرعى إعلان تعليم الفتيات