تزامنا مع الاعتراف الدولي بالرئيس الجديد لسوريا الذي خلف بشار الأسد، خرجت اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين في المغرب للمطالبة بـ”وقف التمييز والمقاربة الأمنية في حق المعتقلين الإسلاميين العائدين من سوريا والعالقين في تركيا وغيرها”.
واستغربت اللجنة ذاتها، في بيان لها، “استمرار التعامل مع هؤلاء المعتقلين بالعقلية الأمنية القديمة، في وقت تتحول المعادلات الدولية ويعاد رسم خرائط التحالفات”، وأوضحت أنه “في ظل المتغيرات الكبرى التي تشهدها الساحة الدولية، وسقوط بشار الأسد، الذي طالما استُعمل كذريعة لمحاكمة ومعاقبة شباب الأمة الذين خرجوا لنصرة المستضعفين، يعامل العائدون من سوريا بالقسوة بينما اليهود المغاربة الذين قاتلوا في فلسطين المحتلة، أو الذين انخرطوا في حرب أوكرانيا، يُستقبلون بلا مساءلة ولا محاكمة”، وفق تعبيرها.
وتساءلت الهيئة ذاتها: “كيف يُصنف هؤلاء الشباب ضمن خانة ‘الخطر الأمني’ في حين أن أنظمة كانت تُعتبر إرهابية حتى وقت قريب أصبحت اليوم محل اعتراف وتطبيع سياسي؟”.
كما أكدت اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين أن “هذا الملف ينبغي أن يُعاد النظر فيه وفق ميزان العدل والإنصاف، لا وفق المصالح السياسية المتغيرة”، وتابعت: “كما أن الدولة اليوم تسعى إلى إعادة بناء علاقاتها مع قوى في المنطقة كانت تُعتبر خارج القانون فإن الأولى بها أن تراجع مظالم أبناء هذا البلد الذين دفعوا ثمن مواقفهم من قبل”.
ويرى المتحدث الرسمي باسم اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، عبد الرحيم الغزالي، أن “هذا الملف كان من المفترض أن يتم تناوله بطريقة مختلفة، إذ إن الشباب في معظمهم هاجروا استجابة لفتوى النفير العام بالقاهرة في 13 يونيو 2013 التي أصدرتها آنذاك هيئات وعدد من العلماء المسلمين، من بينهم علماء محسوبون على حركة التوحيد والإصلاح التي كان جناحها السياسي يمارس الحكم في المغرب حينها”.
ولفت المتحدث نفسه الانتباه إلى أن “ما عرفته سوريا من انقلاب على الرئيس بشار الأسد، والاعتراف الدولي بالرئيس الجديد أحمد الشرع، يدفع في اتجاه ضرورة إعادة النظر في الموقف ممن أسهم في هذا الإنجاز العظيم من المغاربة، سواء القابعون بالسجون أو العالقون في تركيا وغيرها، أو الذين مازالوا في خدمة إخواننا السوريين ويسهمون في أمن هذا البلد”.
وأكد المصرح نفسه أن “المنظومة السياسية انقلبت على الذين استجابوا لهذه الفتوى لنصرة المستضعفين من الشعب السوري ضد طاغية الشام بشار الأسد، ونعتوهم هم وأولئك المستضعفون بالإرهابيين وتابعوهم بقوانين مجحفة انتقائية، فيما أراد العلي القدير أن يمكن لهم ويحرروا هذا البلد من هذا الطاغوت ويجمع الناس عليهم ليقودوا هذا البلد المسلم ويحظوا باعتراف دولي، بل وتلقوا التهاني بهذا الإنجاز الكبير من طرف المنظومة الدولية ومن بينها القيادة السياسية للمغرب”.
مخاوف مشروعة
الخبير في الشؤون الأمنية إحسان الحافظي يرى أن المقاتلين المغاربة الذين ذهبوا إلى ساحات التوتر والتحقوا بصفوف تنظيم “داعش” في سوريا والعراق “يشكلون اليوم مشكلة أمنية حقيقية بالنسبة للمغرب”.
وعدد الحافظي، ضمن تصريحه لهسبريس، الاعتبارات التي تجعل من هؤلاء مشكلة أمنية؛ “أولها أن المغرب لا يتوفر على أرقام رسمية حول عدد الموجودين في السجون أو الأحرار فوق التراب السوري، ومن جهة أخرى فإن أكثر من 300 قاصر مغربي ممن سافروا رفقة ذويهم في تلك المرحلة اليوم بلغوا سن الرشد، وقد كبروا وسط المجموعات المتطرفة؛ ثم إن عملية ترحيل هؤلاء تتطلب جمع معلومات وبيانات استخباراتية حولهم”.
وسجل المتحدث نفسه أن “المخاوف الأمنية انطلاقا من هذه المعطيات تبقى مشروعة وتؤكد رجاحة التريث المغربي في ما يتعلق بالتعاطي مع هذه الظاهرة”.
كما أكد الخبير الأمني أن “عودة المقاتلين الذين اختاروا الالتحاق بالجماعات المتطرفة ستظهر معها مجموعة من المخاطر الكبيرة على بلد مثل المغرب، يستعد لمجموعة من الاستحقاقات الدولية والإقليمية”.
وختم أستاذ التعليم العالي بأن “كل الاحترازات المغربية الأمنية تبقى مشروعة إلى حين التيقن من مدى جاهزية هؤلاء للانخراط في المجتمع، والحفاظ على السلم والأمن الذي يتمتع به المغاربة بفضل ما تبذله المؤسسة الأمنية من جهود في مجال مكافحة الإرهاب”.