أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إثارة الجدل مجددًا بتصريحاته حول إدارة الولايات المتحدة لقطاع غزة وإعادة توطين سكانه في دول أخرى، مؤكدًا أنه "ليس في عجلة من أمره" لتنفيذ هذا المخطط، الذي وصفه بأنه "مشروع عقاري ضخم" من شأنه أن يحوّل غزة إلى ريفييرا الشرق الأوسط.
تصريحات ترامب جاءت خلال لقائه برئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا في البيت الأبيض، حيث قال للصحفيين: "لا داعي للعجلة على الإطلاق"، في إشارة إلى أن الفكرة لا تزال قيد البحث داخل أروقة الإدارة الأمريكية، رغم المعارضة الشديدة التي واجهها المقترح من الدول العربية والفلسطينيين.
مقترح ترامب: محاولة لفرض واقع جديد أم استراتيجية سياسية؟
لم تكن هذه المرة الأولى التي يطرح فيها ترامب هذا المقترح، إذ أعاد تكراره منذ 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، في إطار محاولاته لإيجاد "حلول جديدة" للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. لكن ما يثير القلق في هذا الطرح أنه يعتمد على تفكيك الكيان الفلسطيني الموحد عبر فصل غزة عن الضفة الغربية، وإعادة توطين سكان القطاع في دول أخرى، بما في ذلك مصر والأردن، وهو ما اعتبره مراقبون مخططًا خطيرًا يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية تحت غطاء المشاريع الاقتصادية.
الجامعة العربية ترد بقوة: لا للتوطين… لا لتهجير الفلسطينيين
في موقف حاسم، أصدرت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بيانًا شديد اللهجة يوم الأربعاء الماضي، أدانت فيه تصريحات ترامب، معتبرة إياها "محاولة لترويج سيناريو تهجير الفلسطينيين"، وأكدت رفضها القاطع لهذا الطرح على المستويين العربي والدولي.
ونقلت "الهيئة الوطنية للإعلام" في مصر عن الجامعة العربية تحذيرها من أن مثل هذه التصريحات تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، وتهدد الاستقرار الإقليمي، كما تعرقل أي جهود لحل الدولتين، الذي يُعد المسار الوحيد لضمان السلام العادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين".
وشدد البيان على أن القضية الفلسطينية تظل محور إجماع عربي، وأن أي حل يجب أن يستند إلى حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، مشيرًا إلى أن الضفة الغربية وقطاع غزة يشكلان كيانًا واحدًا لا يمكن فصله بأي شكل من الأشكال.
تصاعد الغضب الفلسطيني: تهجير تحت غطاء المشاريع العقارية
لم يمر هذا المقترح مرور الكرام على الساحة الفلسطينية، حيث رفضته جميع الفصائل الفلسطينية بشكل قاطع، واعتبرته محاولة جديدة لتصفية القضية الفلسطينية. فقد أكدت حركة حماس أن غزة ليست للبيع، ولن تكون جزءًا من أي مشروع يهدف إلى تهجير سكانها، بينما شددت حركة فتح على أن أي محاولات لفصل غزة عن الضفة أو إعادة توطين الفلسطينيين خارج وطنهم لن تمر، مهما كانت الضغوط الأمريكية والإسرائيلية.
هل يهدف ترامب لإعادة تشكيل الشرق الأوسط؟
طرح ترامب لمقترح إدارة غزة من قبل الولايات المتحدة يفتح الباب أمام تكهنات بشأن نوايا واشنطن الحقيقية في المنطقة. فبينما يرى البعض أن هذا المخطط محاولة لإنهاء الصراع عبر حلول اقتصادية جذابة، يراه آخرون جزءًا من خطة أوسع تهدف إلى فرض رؤية أمريكية جديدة للشرق الأوسط، تتجاوز الحلول التقليدية وتفرض واقعًا سياسيًا مختلفًا.
لكن في ظل المعارضة الشرسة من العرب والفلسطينيين، والتداعيات القانونية الخطيرة لهذا المقترح، يظل تنفيذ هذا المخطط شبه مستحيل في ظل الأوضاع الحالية، خاصة مع التغيرات المتسارعة في المشهد السياسي العالمي، وتصاعد الدعم الدولي لحل الدولتين كمسار وحيد لإنهاء الصراع.