كشف مصدر مسؤول مطلع بمجلس النواب أن “الغرفة البرلمانية الأولى ستتولى طلب تحيين للرأي الاستشاري للمجلس الوطني لحقوق الإنسان بهدف البت في المستجدات التي يتضمنها مشروع قانون رقم 03.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، لاسيما المادة الثالثة” المثيرة للجدل بخصوص مدى أحقية جمعيات في متابعة المسؤولين في قضايا المال العام.
وأكد مصدر هسبريس أن “مكتب المجلس أحال الرأي، الصادر عن المجلس في 2022، على لجنة العدل والتشريع؛ بالنظر إلى توصله به وملاحظة أنه جاهز”، مبرزا أنه بالنظر إلى غياب مقتضيات مستجدة في الرأي الذي بين يدي النواب “سيتم مكاتبة المؤسسة الدستورية” المعنية بالنظر في القضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات، من “أجل التعاطي مع القضايا ذات الصبغة الحقوقية” والبتّ في مطابقتها لمختلف المرجعيات والمرتكزات.
وجاء في قرارات مجلس النواب، وفق ما عاينته هسبريس، أن “مكتب المجلس اطلع على رأي المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ورأي الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها حول مشروع قانون المسطرة الجنائية، وقرر إحالتهما على لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات، وكذا تعميمهما على النواب”.
الجريدة تواصلت أيضا مع مصادر عليمة داخل “مجلس بوعياش” وأكدت أن الرأي الوحيد المتوفر حاليا هو نفسه رأي المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول مشروع قانون رقم 01.18 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية المنشور على الموقع الرسمي للمجلس منذ مدة، معتبرة أن “المجلس لم يتوصل، حتى الآن، بأية إحالة سواء من وزارة العدل أو من رئيس مجلس النواب”.
وبخصوص المادة الثالثة المثيرة للجدل، فتنص على أنه “لا يمكن إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم الماسة بالمال العام إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة، بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات أو بناء على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية أو بناء على إحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أو أي هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك”.
لكن النسخة، التي أحيلت منذ أسابيع على مجلس النواب من لدن الأمانة العامة للحكومة والتي تولى وزير العدل عبد اللطيف وهبي تقديمها أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، قد أضافت أنه “يمكن للنيابة العامة المختصة إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية تلقائيا في الجرائم المشار إليها أعلاه إذا تعلق الأمر بحالة التلبس”.
عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، قال، أثناء تقديم النص، إن “إعداده جاء وفق تصورات حديثة ومتطورة تستجيب للتحديات المطروحة، وتتوافق مع مجموعة من المرجعيات الأساسية التي تعتبر ثوابت ناظمة في توجهات السياسة الجنائية الوطنية؛ في مقدمتها دستور المملكة لسنة 2011، والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان ومكافحة الجريمة، بالإضافة إلى مجموعة من الخطب الملكية التي حددت الفلسفة والمعالم الكبرى لإصلاح منظومة العدالة في بلادنا”.
مصادر حقوقية ترى أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان “من المحتمل، إذا شرع في النظر في مشروع المسطرة الجنائية، أن يساند الجمعيات المدافعة عن المال العام في هذه المعركة”، مشيرة إلى أن “المقتضيات الحالية يمكن تضمينها في قانون الجمعيات بدل المسطرة الجنائية”، وفقا لتصورها، وواصلت قائلة: “سيكون من الضروري توفير حماية قانونية للجمعيات المتخصصة عوض محاصرتها، مع ضمانات للفاعل العمومي لحمايته من التشهير”.