أثار أول ظهور إعلامي للجزائري جمال حيمودي الذي عُيّن مؤخرًا مشرفًا عامًّا على قطاع التحكيم في تونس، في سابقة تاريخية، العديد من التفاعلات حول ما أدلى به من تصريحات قوية، تخصّ واقع الحكام في تونس، وما انجرّ عنه من توتّر للعلاقات بينهم وبين كافة مركبات المشهد الكروي المحلي.
ويأتي هذا التعيين غير المسبوق لحيمودي من قبل الاتحاد التونسي لكرة القدم المنتخب حديثًا بدوره، في إطار إحدى أبرز النقاط الانتخابية التي تطرق لها المكتب الجامعي الجديد برئاسة معز الناصري، والهادفة لإصلاح قطاع التحكيم في تونس، الذي عانى الكثير من التدهور على مدار السنوات الماضية.
وإن كان حيمودي "رجل ثقات" على مستوى التحكيم الأفريقي، وعُرف بسيرته الذاتية المميزة من خلال مشواره الدولي كحكم ساحة سابق، غير أنّ عددًا من الأطراف المتداخلة في الشأن الكروي التونسي، لم تستسغ فكرة استقدام كفاءة غير تونسية لتقويم وتصحيح مسار التحكيم المحلي، معتبرة أنّ في هذا التعيين رسالة تهميشية واضحة، فحواها عدم الاقتناع بما تملكه تونس من كفاءات تحكيمية، صالت وجالت أفريقيًّا وعربيًّا في ماض ليس بالبعيد.
حيمودي يردّ بقوة على منتقدي تعيينه ويكشف هدفه!
في هذا السياق، لم يفوّت الحكم الجزائري السابق فرصة الظهور لأول مرة في حصة "الأحد الرياضي" الشهيرة على شاشة القناة الوطنية الأولى، من أجل الردّ على منتقدي تعيينه لمثل هذه المهمة، مؤكدًا: "أولًا أنا لست أجنبيًّا في تونس. أشعر وكأنني في بلدي الجزائر. وما سهّل من أمر قبولي لهذه المهمة، هو أنني لا أشعر بأنني أعمل في تونس، وإنما هدف قدومي هو للمساعدة فقط، كما أنني أعرف أجواء الكرة التونسية جيدًا، وسبق أن حكّمت مباريات فيها".
وتابع: "قدمت إلى هنا لمعالجة الداء، وهذا لن يتمّ في بضعة أيام. ولكنّ تشخيصي للوضع الذي كان من المفترض أن يتمّ على مدار 4 جولات من البطولة قمت به بعد جولتين فقط، ولدي مجموعة من النقاط سأطرحها على الاتحاد التونسي لكرة القدم لنتّخذ فيها قرارات، ولكن ما أؤكده أني لا أقبل أي تدخّل في التعيينات، ومتى ما حدث ذلك فسأعتذر عن مواصلة المهمة مباشرة".
وتطرّق المشرف الجديد على الحكام لعديد النقاط الأخرى، والمتعلقة خاصة بما حدث من جدل كبير بسبب أخطاء الحكام في المرحلة الثامنة عشرة الأخيرة من الدوري التونسي، والتي عرفت عدد من مبارياتها هفوات فادحة للحكام، أثرت في نتائج المباريات وحتى ترتيب البطولة، ولا سيما مواجهات الترجي مع الملعب التونسي، والنجم الساحلي مع اتحاد تطاوين، والنادي الإفريقي مع قوافل قفصة.
المشرف الجديد يضرب بيد أولى من حديد!
وفي أولى الرسائل القوية، توعّد حيمودي بالضرب بيد من حديد على كلّ من يثبُت "سوء نيته" أو "تعمّده" إضرار مصلحة فريق على حساب آخر، بل وصرّح بأنه يوجد اسم سيتمّ شطبه بعد الأحداث الأخيرة، تحفّظ على ذكر اسمه.
وعن مهمته الجسيمة في إعادة الهيبة للتحكيم التونسي، أكّد الجزائري حيمودي أنّه لا يعترف بمنطق الإقصاء، وسوف يعوّل على كافة الكفاءات بغض النضر عن انتماءاتها السابقة، مضيفًا: "بصفتي مشرفًا على قطاع التحكيم، أريد التأكيد على أنّ الباب مفتوح أمام كل من هو راغب في المساعدة، لأنّني لن أنجح بشكل منفرد، وإنما بتظافر الجهور فقط من الممكن أن نبلغ هدفنا".
اقرأ المزيد
وتطرق حيمودي للعديد من النقاط الأخرى، التي تخصّ موعد استقدام تقنية الـ"VAR" في الملاعب التونسية، وضرورة عودة الحكام إلى التكوين، حتى يكونوا مواكبين للتطورات والتحديثات المتتالية الحاصلة على الصعيدين القاري والدولي، ما يكفل تزايد نسبة حظوظهم في الحضور بالمحافل القادمة.
وقدّم المشرف العام الجديد على الحكام برنامج عمل شامل و"خارطة طريق" إصلاحية عميقة، تتركز أساسًا على 35 نقطة، أبرزها إعادة هيكلة إدارة التحكيم وإحداث لجان مكلفة بتطوير أدام الحكام، مع التركيز بشكل أساسي على الرسكلة والتكوين، على أن يشرف شخصيًّا على التعيينات بمساعدة مدير إدارة التحكيم مراد بن حمزة.
ولمن لا يعرف جمال حيمودي صاحب الـ54 عامًا، والذي تعاقد مع الاتحاد التونسي لكرة القدم لمدة عام ونصف قابلة للتجديد، فهو حكم دولي جزائري سابق لمدة 13 عامًا، وبدأ مشواره منذ عام 2004، وتمكّن من المشاركة في عدد من الأحداث الكبرى على غرار مونديال 2014 بالبرازيل، الذي أدار خلاله 4 مباريات منها مباراة تحديد المركز الثالث بين منتخب السامبا ونظيره الهولندي، علاوة على كأس القارات عام 2013 وكأس أمم أفريقيا في نسخ 2008 و2012 و2013، هذه الأخيرة الذي حكّم فيها المباراة النهائية، كما اختير في 2013 أيضًا أفضل حكم في القارة السمراء.
