تبقت بضعة أسابيع فقط أمام الملزمين لإغلاق باب الإقرار بالدخول العقارية وأداء مستحقات فبراير 2025، وتجنب بالتالي العقوبات المرتبطة بعدم التصريح والأداء. فوفقا للمادة 154 مكرر من المدونة العامة للضرائب، يجب على ملاك العقارات وأصحاب حق الانتفاع فيها تقديم تصريح بها قبل 1 مارس المقبل، متضمنا تفاصيل العقار ومبالغ الإيجار السنوية، فيما يتعين على المستثمرين في منصتيْ الكراء العقاري “بوكينغ” (Booking) و”إير بي إن بي” (Airbnb) الإقرار بالمداخيل المتأتية من أنشطة التأجير، حيث تخضع للضريبة على الدخل، ويجب على هؤلاء المضيفين التصريح بها والاحتفاظ بسجلات دقيقة بشأن مجموعة الدخول الإيجارية العقارية خلال السنة.
ونصت المادة 154 مكرر من المدونة العامة للضرائب على و”جوب إدلاء الأشخاص الاعتباريين الخاضعين للقانون العام أو الخاص، والأشخاص الذاتيين، المحددة دخولهم المهنية وفق نظام النتيجة الصافية الحقيقية، أو نظام النتيجة الصافية المبسطة، والذين يدفعون دخولا عقارية لأشخاص ذاتيين، قبل فاتح مارس من كل سنة، بإقرار برسم هذه الدخول، على أساس تضمن هذا الإقرار بالنسبة إلى كل مالك عقار أو صاحب حق الانتفاع فيه، الاسم الشخصي والعائلي وموقع كل عقار مؤجر ومحتواه، وكذا رقم قيده في سجل رسم الخدمات الجماعية، وإجمالي مبالغ الإيجار السنوية، ومجموع مبالغ الإيجار السنوية المدفوعة، وكذا مبلغ الضريبة المحجوزة المطابق له”.
وأظهرت عمليات المراقبة النوعية التي باشرتها مؤخرا مصالح المديرية العامة للضرائب لأنشطة وقطاعات خاصة، أن الاستثمار في الكراء اليومي بشكل مباشر أو عبر المنصات الرقمية لن يظل خارج مضلة التضريب، حيث تنتظر الملزمين المخالفين مراجعات ضريبية بين الفينة والأخرى، ما يفرض عليهم ضرورة تصحيح وضعيتهم بشكل تلقائي وأداء ما بذمتهم من مستحقات جبائية، خصوصا أن الأرباح المحققة من هذا النشاط في تصاعد، تحديدا في فصل الصيف، وحجم الاستثمارات الواردة عليه في تزايد مهم، فيما استهدفت الحكومة، في سياق مرحلة جديدة من الإصلاح الجبائي عبر قانون المالية 2023، تحفيز الامتثال الضريبي وتعزيز العدالة الجبائية، من خلال التصريح كخطوة أولى.
مقتضيات للمضيفين
يخضع تأجير العقارات عبر المنصات الرقمية المتخصصة، تحديدا “Airbnb” و”Booking”، في المغرب لمقتضيات القانون 80.14، المتعلق بالمؤسسات السياحية وأشكال الإيواء السياحي الأخرى، الذي يفرض على المضيفين الحصول على ترخيص تشغيل صالح لمدة 5 سنوات، ويقضي بفرض الضريبة على الدخل، والضريبة على القيمة المضافة بنسبة 10 في المائة، بالإضافة إلى ضريبة الإقامة والترويج السياحي، فيما يتعين على هؤلاء الملزمين التصريح بمداخيلهم والالتزام بالقوانين لتجنب الغرامات، ويوصى بالاستعانة بخبير محاسب لضمان الامتثال الضريبي.
وأوضح نبيل رفاعي، خبير محاسب مستشار ضريبي، في تصريح لهسبريس، أن “من الناحية الجبائية، يخضع الدخل المتأتي من الإيجارات قصيرة الأمد عبر المنصات الرقمية لعدة التزامات ضريبية، حيث يجب التصريح بالمداخيل في إطار الضريبة على الدخل، ضمن فئة الدخل العقاري، على أساس احتساب الضريبة بناء على إجمالي الدخل السنوي للمضيف، فيما تفرض الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 10 في المائة على خدمات الإقامة السياحية، ما يعني أن المضيفين مطالبون بإدراجها ضمن أسعار الإيجار وتحويلها إلى إدارة الضرائب”.
وتابع رفاعي: “بالإضافة إلى ذلك، هناك ضريبة الإقامة وضريبة الترويج السياحي، وهما مستحقات تُحصَّل من المستأجرين ويتم دفعها للجهات المختصة، وتختلف قيمتهما حسب المدينة وطبيعة الإقامة”، مشيرا إلى أن العديد من المضيفين يواجهون إشكاليات تتعلق بعدم التصريح بمداخيلهم، سواء عن جهل بالقانون أو رغبة في تفادي الضرائب، موردا أن “هذا السلوك يعرضهم لمخاطر الغرامات والعقوبات القانونية. لذلك، أنصح هؤلاء الملزمين بمراجعة وضعهم القانوني والجبائي، والاحتفاظ بسجلات واضحة لجميع المعاملات المالية، إضافة إلى الاستعانة بخبير محاسب لضمان الامتثال التام للقوانين وتجنب أي مشاكل مستقبلية. فالالتزام بهذه المتطلبات لا يحميهم قانونيا فحسب، بل يساهم أيضا في تنظيم القطاع وتعزيز الثقة بين أصحاب العقارات والمستأجرين”.
تضريب الإيجار
سجل منسوب الاحتجاج في السوق العقارية زيادة مهمة مع دخول المقتضيات الضريبية الجديدة على الدخل الإيجاري حيز التنفيذ بداية يناير الماضي، حيث تعززت المخاوف بشأن تأثيرات مرتقبة للمستجدات الضريبية على أسعار الإيجارات، وحجم الاستثمار العقاري، ومدى امتثال الملاك للقوانين الضريبية، فيما فرض الإجراء الجديد ضريبة بنسبة 20 في المائة على الدخل الصافي من الإيجارات، إضافة إلى رسمٍ جماعي بنسبة 10.5 في المائة، ما يعني أن الملاك الذين كانوا يجنون أرباحًا صافية، سيضطرون الآن إلى التخلي عن جزء منها لصالح محصلي الضرائب.
وأكد نور الدين موريد، وكيل عقاري خبير في القوانين الضريبية، في تصريح لهسبريس، أنه “من خلال النظر في تطبيق المقتضيات الضريبية الجديدة على الدخل الإيجاري، يمكن القول إن هذا الإجراء يثير تساؤلات عدة حول مدى تأثيره على السوق العقارية في المغرب، باعتبار أن فرض ضريبة بنسبة 20 في المائة على الدخل الصافي، بالإضافة إلى رسم جماعي بنسبة 10.5 في المائة، يعد خطوة جريئة نحو تنظيم القطاع، لكنه يطرح تحديات عديدة تتعلق بتفاعل الملاك مع هذه القوانين”، مشيرا إلى تأثيرات الضرائب على أسعار الإيجارات، حيث تظل المخاوف من انتقال العبء الضريبي إلى المكترين قائمة، مشددا على أنه في ظل غياب آليات فعالة لمراقبة تطبيق الأسعار، يمكن تسجيل زيادة غير مبررة في الإيجارات، عندما سيحاول بعض الملاك تعويض الضرائب المفروضة عليهم، ما قد يؤدي إلى رفع التكاليف على كل مكترٍ، خصوصا في المدن الكبرى حيث تكون الأسعار مرتفعة أساسا، الأمر الذي يشكل ضغطا إضافيا على الأسر ذات الدخل المحدود.
وأوضح موريد في السياق نفسه أنه “لا يمكن تجاهل التأثيرات على الاستثمار العقاري، خاصة فيما يتعلق بالاستثمارات الجديدة. ففي الوقت الذي كانت فيه العقارات السكنية تعد من الأصول ذات العوائد المستقرة، قد يؤدي ارتفاع التكاليف الضريبية إلى تحويل الاهتمام نحو قطاعات أخرى ذات هامش ربح أعلى وأعباء ضريبية أقل، مثل العقارات التجارية أو الصناعات التكنولوجية. وهذا التوجه يمكن أن يعطل النمو في القطاع السكني المعد للإيجار، ما يؤثر سلبا على توافر العرض وجودته”، متسائلا حول مدى امتثال الملاك لهذه الضرائب، حيث قد يفضل البعض اللجوء إلى الاقتصاد غير المهيكل وتفادي التصريح بالمداخيل، الأمر الذي يمكن أن يعمق الفجوة بين القطاع المهيكل وغير المهيكل، منبها إلى أن التهرب الضريبي قد يزداد، وبالتالي سيصعب على السلطات تتبع الدخل الإيجاري بشكل دقيق.