دافع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن الملياردير إيلون ماسك، في خضم الجدل الدائر حول دور الملياردير الأمريكي في الحكومة الأمريكية، إلى أن الرئيس يبرز كداعم قوي لإجراءاته المثيرة للجدل، والتي تهدف إلى تفكيك بعض المؤسسات الفيدرالية.
دعم ترامب لإجراءات ماسك
ووفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية، بي بي سي، دافع ترامب عن ماسك في وجه الانتقادات التي تتهمه بتحقيق مكاسب شخصية من التغييرات التي تسعى إدارته إلى تطبيقها، مثل إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري أشار ترامب إلى أن ماسك لا يجني أي فائدة من وراء هذه الإجراءات، بل يتساءل عن كيفية تخصيص وقته لها وهو معروف بانشغاله الدائم.
لجنة الكفاءة الحكومية
يشرف ماسك في الوقت الراهن على لجنة الكفاءة الحكومية، التي أُنشئت بهدف مراجعة الإنفاق الحكومي وكشف حالات الاحتيال وسوء الإنفاق. وقد أثارت هذه اللجنة جدلًا واسعًا، حيث يرى البعض أنها تسعى إلى تقويض عمل المؤسسات الفيدرالية، بينما يرى فيها آخرون أداة ضرورية لكشف الفساد وتحسين كفاءة الحكومة.
مخاوف بشأن تضارب المصالح
ويثير دور ماسك في الحكومة مخاوف بشأن تضارب المصالح، حيث يمتلك ماسك شركات خاصة مثل منصة X، وشركتي تسلا وسبيس إكس، والتي تتعامل مع وكالات حكومية أمريكية ويخشى البعض من أن قرارات ماسك الحكومية قد تتأثر بمصالحه التجارية الخاصة.
إجراءات ماسك المثيرة للجدل
اتخذ ماسك العديد من الإجراءات التي أثارت جدلًا واسعًا، مثل محاولة إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وعرض شراء لموظفين فيدراليين، والوصول إلى نظام حساس لوزارة الخزانة. وقد أثارت هذه الإجراءات تساؤلات حول مدى سلطة ماسك في الحكومة، وحدود دوره في إعادة تشكيل المؤسسات الفيدرالية.
الدفاع عن إجراءات ماسك
يدافع ترامب عن إجراءات ماسك، ويشير إلى أنها تهدف إلى كشف الفساد وتحسين كفاءة الحكومة. ويقول ترامب إن ماسك سيقوم بتدقيق في وزارتي التعليم والدفاع، حيث يتوقع العثور على مليارات الدولارات من الاحتيال وسوء الإنفاق.
ولا يزال دور إيلون ماسك في الحكومة الأمريكية يثير جدلًا واسعًا، حيث يرى فيه البعض مصلحًا يسعى إلى كشف الفساد وتحسين كفاءة الحكومة، بينما يرى فيه آخرون شخصية مثيرة للجدل تسعى إلى تقويض عمل المؤسسات الفيدرالية. ولا يزال من غير الواضح كيف ستتطور هذه القضية في المستقبل، وما إذا كانت إجراءات ماسك ستؤدي إلى تغييرات جذرية في طريقة عمل الحكومة الأمريكية.
وبين المخاوف من إساءة استخدام السلطة، والآمال بكشف "الفساد" وسوء الإنفاق في الوكالات الحكومية الأمريكية، بات الملياردير الأمريكي، إيلون ماسك، حديث الساعة في واشنطن، وتصدر أغنى رجل في العالم العناوين الرئيسة للصحف والمواقع الإلكترونية، منذ تعيينه على رأس "لجنة الكفاءة الحكومية" التي أعلن عنها الرئيس الفائز للتو آنذاك بولاية رئاسية ثانية، دونالد ترامب.
وانقسم الرأي العام إزاء مالك شركتي "سبيس إكس" للصواريخ" و"تسلا" للسيارات الكهربائية منذ إعلان ترامب تعيينه على رأس اللجنة، وهجومه على سياسات التنوع من بين مواقف عدة، ومنذ اليوم الأول للرئاسة، أصدر ترامب سلسلة قرارات تنفيذية، كان من بينها إنشاء هذه اللجنة، التي كلفها "تعظيم كفاءة الحكومة وإنتاجيتها"، وعلى حد تعبير ماسك، فإن هدف الوكالة كان "وقف الاحتيال وإهدار أموال دافعي الضرائب" من خلال النظر في كيفية إنفاق الوكالات الحكومية للأموال المخصصة لها.
لكن وصول ماسك، وهو شخص غير منتخب، إلى البيانات لحساسة للوكالات الفيدرالية والمعلومات الخاصة لملايين الأمريكيين أثار انتقادات مسؤوليين وقانونين اعتبروا أنه ينتهك القانون، وبات يتمتع بسلطة غير محدودة، وسعى ديمقراطيون في لجنة الرقابة والإصلاح الحكومي، في مجلس النواب، إلى إصدار أمر استدعاء للإدلاء بشهادته، لكن جمهوريين في اللجنة أوقفوا المضي قدما في هذا الطلب.
وقال النائب الديمقراطي في اللجنة، جيرالد كونولي: “من هو هذا الملياردير غير المنتخب، الذي يمكنه محاولة تفكيك الوكالات الفيدرالية، وطرد الأشخاص، ونقلهم، وعرض التقاعد المبكر عليهم، وإجراء إصلاحات أو تغييرات شاملة على الوكالات دون أي مراجعة أو إشراف أو موافقة من الكونغرس؟”.
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مصادر مطلعة أن ممثلين عن لجنة ماسك أدخلوا بيانات حساسة تخص وزارة التعليم على برنامج للذكاء الاصطناعي في إطار عملهم لجمع معلومات من أجل التدقيق في حسابات الوزارة.
وقال أحد المصادر إن اللجنة استخدمت برامج يمكن الوصول إليه من خلال خدمة الحوسبة السحابية Azure من مايكروسوفت لفحص أموال المنح ورحلات العمل.
وقبل أيام، تولى ماسك وموظفون تابعون له الإشراف على نظام المدفوعات في وزارة الخزانة الذي يدير تعاملات بتريليونات الدولارات سنويا، مما أثار قلق مشرعين ديمقراطيبن باعتباره أمرا "خطيرا جدا".
وكتب ماسك، من جانبه، على منصة X: "الطريقة الوحيدة لوقف الاحتيال وهدر أموال دافعي الضرائب، هي تتبع تدفقات صرف الأموال ووقف التعاملات المشبوهة بشكل موقت لدراستها"، ولكن قاضيا فيدراليا علق إشراف لجنة ماسك على نظام المدفوعات في الوزارة.
وبعد ساعات على صدور القرار، دعا ماسك في منشور على منصته "إكس" إلى "عزل" القاضي ووصفه بأنه "فاسد يحمي الفساد"، ويؤكد البيت الأبيض أن اللجنة تعمل بشفافية شديدة، مشيرا إلى أنها ألغت عقودا لأبنية غير مستغلة، وقال جمهوريون في مجلس النواب إن الإدارة اكتشفت أيضا أن مخصصات مالية لأموال الضمان الاجتماعي كانت تُدفع لأشخاص غير مستحقين.
ويراهن ترامب وماسك على أن الشعب الأمريكي سيدعم هذه الجهود. وقال الرئيس الأمريكي إن ماسك "يجد احتيالا وفسادا وإهدارا ضخما".
وقالت وزيرة الأمن الداخلي، كريستي نويم، إنها تعمل مع ماسك لتحسين كفاءة الوزارة... ومعرفة ما يمكننا القيام به لجعل وزارتنا أكثر كفاءة. لذا فإن هذا في الأساس عبارة عن تدقيق للحكومة الفيدرالية".
ودافع وزير الطاقة، كريس رايت، عن عمل اللجنة قائلا إن موظفيها يلقون “نظرة نقدية على كيفية إدارة الأمور... هم أصدقاء في الدائرة الأوسع لإيلون وهم جيدون جدا في تكنولوجيا المعلومات وجيدون جدا في الأنظمة”.
وعبر النائب الجمهوري، جيم جوردان، حليف ترامب، في مقابلة مع "سي أن أن" عن ارتياحه للخطوات التي اتخذها ماسك، لكنه اعتبر أن الكونغرس سيتدخل في النهاية "في مرحلة ما".
وعندما سُئل عما إذا كان جوردان مرتاحا لفريق ترامب "الذي يحاول إغلاق هذه الوكالات بشكل أساسي دون موافقة الكونغرس"، أشار جوردان إلى أن المحافظين "قالوا منذ فترة طويلة" إنهم يريدون إغلاق وزارة التعليم.
وأضاف: "لدينا مخاوف حقيقية بشأن كل الهدر والاحتيال والإساءة التي يحددها إيلون ماسك وفريقه... هم يهاجمون الرجل الذي يكشف عن كل الاحتيال والهدر والأشياء السخيفة التي ننفق عليها المال".
وقال ترامب إنه يتوقع أن يكتشف ماسك عمليات احتيال ومخالفات بمليارات الدولارات في وزارتي التعليم والدفاع، خلال التدقيق الذي سيقوده.
وأضاف ترامب: "سأخبره قريبا جدا، ربما في غضون 24 ساعة، بالذهاب للتدقيق (في كيفية سير الأمور) في وزارة التعليم... ثم بعد ذلك الجيش. دعونا ندقق (في شؤون) الجيش".
وقال ترامب عن البنتاجون: "سنجد عمليات احتيال وانتهاكات بالمليارات ومئات الملايين من الدولارات"، وفي مقابلة مع فوكس نيوز، أعلن وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، ترحيبه بايلون ماسك ولجنة الكفاء الحكومية في البنتاغون من أجل إجراء عملية تدقيق في نفقات الوزارة، مضيفا أن "دافعي الضرائب الأمريكيين يستحقون أن يعرفوا بالضبط كيف وأين تنفق أموالهم".
ويقول منتقدون إن مساعدي ماسك في اللجنة يعملون خلف الكواليس، وقد دخلوا وكالات حكومية عدة دون إبلاغ مسبق، وتجاهلوا المسؤولين التنفيذين القائمين على هذه الأماكن.
ويثير ماسك مخاوف من تضارب مصالح مع وجود عقود بمليارت الدولارات بين شركاته ووكالات حكومية، مثل البنتاغون، يفترض أن يبدأ مهمة تدقيق على أنشطتها، وهو أمر قد يتعارض مع قواعد النزاهة الحكومية.
وأثارت خطوة المقترح الذي قدمه لموظفي الحكومية بالحصول على إجازة مدفوعة الأجر حتى سبتمبر 2025 مقابل تقديم استقالاتهم، إشكاليات قانونية، إذ يفترض أن الكونغرس فقط هو من لديه سلطة تخصيص الأموال الفيدرالية في مثل هذه الأمور.
وأثار قرار الإدارة تعليق عمل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أيضا تساؤلات عن مدى سلطة الرئاسة في تعليق عمل مؤسسة حكومية دون موافقة الكونغرس.
وربما يطلب ترامب من الكونغرس تمرير تشريع لحل الوكالة كليا، لكن سيكون من الصعب الحصول على دعم 60 عضوا في مجلس الشيوخ.
ويواجه ماسك انتقادات أيضا بعدم الحديث مباشرة إلى الجمهور لللإجابة على أسئلة تخص كيفية استخدام فريقه لأنظمة تتضمن معلومات حساسة عن الأمريكيين، ويقول مؤيدوه إنه يحتاج إلى الوصول إلى هذه البيانات لتحديد أوجه الخلل في الإنفاق الحكومي، لكن المنتقدين يتساءلون: كيف يمتلك ماسك الذي أبرم عقودا حكومية كبيرة حق الوصول إلى مثل هذه المعلومات الحساسة؟