أخبار عاجلة

هل تكفي هزيمة "الدعم السريع" لعودة الأمن والاستقرار للسودان؟

هل تكفي هزيمة "الدعم السريع" لعودة الأمن والاستقرار للسودان؟
هل تكفي هزيمة "الدعم السريع" لعودة الأمن والاستقرار للسودان؟

يرى مراقبون سودانيون أن النصر الحقيقي ليس في اندحار قوة عسكرية لأن البندقية وحدها لا تصوغ مصير الأمم، وطرحت صحيفة ذا إندبندنت البريطانية على مراقبين هذه الأسئلة: ما الذي ينتظر السودان بعد الحسم العسكري للمواجهة بين الجيش وقوات "الدعم السريع"؟ وما مستقبل الوضع في البلاد إذا تحققت هزيمة الميليشيات؟

ةمع تسارع التطورات الميدانية وإعلان السلطات السودانية عن قرب تحرير العاصمة الخرطوم وفي ظل نتائج سياسية غامضة لمستقبل الوضع في السودان إذا هُزمت قوات "الدعم السريع" وبسط الجيش سيطرته الكاملة على السلطة في البلاد، فيما تزداد حدة الصراع والانقسامات السياسية ويغيب التوافق بين الأحزاب والفصائل المختلفة، وما أفرزه ذلك من فراغ سياسي وتداخلات إقليمية ودولية في الأزمة السودانية، كيف يرى المراقبون والسياسيون مرحلة ما بعد الحسم العسكري للحرب؟ وهل تكفي هزيمة "الدعم السريع" لاستعادة الأمن والاستقرار؟

في السياق يشير الباحث القانوني والسياسي الهادي أبو ضفائر إلى أن "الواقع الذي يوحي به انهيار ’الدعم السريع‘ في السودان يبدو أكثر تعقيدًا مما يتوقعه بعضهم، إذ لا يمكن تحقيق الاستقرار على أنقاض أزمة لم تعالج من جذورها، كما أن السلم والاستقرار ثمرة لتصالح وطني عميق وليسا نتيجة الغلبة العسكرية وحدها. ويتحقق ذلك عبر مشروع يعيد صياغة مفهوم السلطة كمسؤولية تمارس بعدل وإنصاف وليس باعتبارها مغنمًا يُدار بمنطق القهر والإكراه".

ويعتبر أن "ما قد يعد انتصارًا في مرحلة ما بعد توقف الحرب قد لا يكون سوى هدنة قصيرة لصراع مقبل ما لم يكُن مصحوبًا بوعي جديد لأن الحروب ليست لحظات عابرة تنتهي بوقف إطلاق النار، وقد تعيد إنتاج نفسها في ظل استمرار غياب العدالة وانعدام التوافق الوطني".

ليست النهاية

أبو ضفائر يرى أن "النصر الحقيقي ليس في اندحار قوة عسكرية لأن البندقية وحدها لا تصوغ مصير الأمم وأن أي حرب لا تنجب عدلًا ستخلف صراعًا جديدًا، والوطن لا ينبغي أن يكون مجرد ساحة صراع على الحكم أو غنيمة يتنازعها الأقوياء".

لذلك بحسب أبو ضفائر، فإن "هزيمة ’الدعم السريع‘، مهما بدت فاصلة في المشهد العسكري، لكنها لن تكون هي نقطة النهاية ما لم تتبعها يقظة وطنية تعيد تعريف السلطة باعتبارها مسؤولية وليس امتيازًا وتؤسس لدولة تبنى على مصالحة حقيقية وتتخلص من ميراث القهر والتمييز، حتى لا يعيد التاريخ المشهد ذاته بوجوه جديدة وسلاح مختلف وربما بجراح أعمق وأشد خطرًا".
ويعتبر أن "الاستقرار الشامل يحتاج إلى أرضية من الحرية والعدالة والتوافق الوطني، وليس ظلًا تلقائيًا يتحقق بمجرد انتهاء الحرب، فغياب تلك الأرضية سيجعل من حرب اليوم بذرة لفصل جديد من الصراع مستقبلًا يعيد المأساة ذاتها بأقنعة جديدة وثوب مختلف".
تسوية شاملة

من جانبه يرى أستاذ العلوم السياسية محي الدين أبو العز أنه "بافتراض هزيمة ’الدعم السريع‘ فإنها قد توقف الحرب في شكلها النظامي الحالي وتقلل كثيرًا من مستويات العنف، لكنها لا تعني بأي حال عودة الأمن والاستقرار للسودان بصورة تلقائية بالنظر إلى ما تعرضت له البلاد من هزات عنيفة على مستوى نسيجها السياسي والاجتماعي وكامل بنيتها التحتية الخدمية والاقتصادية".

ويشير إلى أن "البلاد في حاجة ماسة إلى مشروع سياسي اجتماعي اقتصادي جديد عبر تسوية سياسية شاملة تتمكن عبرها من تجاوز آثار الحرب وإعادة هيكلة وبناء مؤسسات الدولة بصورة تؤهلها لحل مشكلات البلاد الأمنية والاقتصادية التي عمقتها الحرب".

ويلفت إلى أن "توقف الحرب بهزيمة ’الدعم السريع‘ قد يكون خطوة مهمة نحو استعادة الأمن في السودان، لكنها لا تكفي وحدها لتحقيق الاستقرار الكامل، فهناك كثير من التحديات السياسية الأخرى التي تجعل الوضع أكثر تعقيدًا، بخاصة بعد التعديلات التي أجرتها السلطة على الوثيقة الدستورية بكل ما أثارته من جدل وخلافات لافتقارها إلى أي ضمانات في شأن التحول الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة".

الحكم المدني

يتوقع محي الدين أبو العز أن "يؤدي حسم الجيش للحرب عسكريًا إلى التخلص من قوات ’الدعم السريع‘، لكن البلاد ستحتاج إلى فترة انتقالية مهمتها الأولى تكريس هيمنة العسكريين على إدارتها بحجة فرض الاستقرار الأمني، بخاصة في ظل الانتشار الكثيف للسلاح بوجود ميليشيات مسلحة متعددة تقاتل الآن إلى جانب الجيش قد تشكل خطرًا يهدد بنشوب صراعات جديدة مستقبلًا".

ويقول إنه على رغم أن السودان يحتاج بشدة إلى حكومة مدنية شرعية تحظى بدعم محلي ودولي وإقليمي واسع، وتستطيع أن تتعاطى مع واقع ما بعد الحرب وقضايا الإعمار، ما زال يبدو أمرًا صعب التحقق في ظل الصراع السياسي والعسكري متعدد الأطراف المحتدم داخل البلاد الذي يهدد بالقضاء على أي أمل في الانتقال المدني الديمقراطي ومخاوف تفرغ الجيش في حال تمكنه من القضاء على ’الدعم السريع‘ لمعاركه مع القوى المدنية الديمقراطية المناهضة للحرب".

التأسيس والانتقال

بدوره أشار رئيس مجلس التخطيط الاستراتيجي السابق محمد حسين أبو صالح إلى أن "الحرب العسكرية ستنتهي لتبدأ المعركة الناعمة للإعمار والسياسة والاقتصاد والاجتماع في وقت تنشغل الساحة بالخلافات والصراع السياسي على رغم استشراء الدمار والموت والمعاناة".

ولفت إلى أن "البلاد في حاجة إلى فترة تأسيسية وليس انتقالية فحسب، مطالبًا بفرض هيبة الدولة وسيادة حكم القانون وتطوير العقل الاستراتيجي للدولة وبلورة التحدي الوطني واستيفاء الترتيبات الأمنية وتأمين مراكز صناعة القرار". وأضاف، "بما أن الشعب هو من دفع الثمن الفادح في هذه الحرب، فلا يمكن أن تُسلَّم السلطة والبلاد إلى جهة غير مؤتمنة"، مبينًا أن "الدور المنتظر من الحكماء الراشدين لتكوين سلطة كفاءات من أصحاب الجدارة المهنية والأخلاقية. ولا توجد أي جهة مفوضة من الشعب السوداني بينما يسعى الجميع إلى الحديث باسم الشعب"، وأردف أن "الآن نحن أمام المحك الحقيقي لسيادة الإرادة السودانية".

الرؤية الاستراتيجية

من جهة أخرى أكد المتحدث ذاته خلال مؤتمر صحافي ببورتسودان حول منهجية وآليات الحل لأزمة السودان وفقًا لاستراتيجية 2040، أهمية وضع رؤية استراتيجية مستقبلية تقود البلاد بعد توقف الحرب، وإنشاء منصة لتوحيد الجهود والرؤية للمشاريع المشتركة وإنتاج مسودة الرؤية المستقبلية للبلاد فضلًا عن وثيقة المصالح الوطنية.

وقال إن "البلاد تواجه هشاشة سياسية واجتماعية واقتصادية وإن عددًا من التنظيمات السياسية أصبحت لها أذرع عسكرية، فضلًا عن أن الانقلابات العسكرية غالبًا ما تقف وراءها تدخلات سياسية، وعلى الصعيد الخارجي هناك مسرح للصراع الاستراتيجي في أعلى تجلياته وتفشي الفوضى الخلاقة"، محذرًا من استمرار استخدام أدوات ونظرية الردع الناعم إلى جانب استلاب الإرادة الوطنية عن طريق التمويل والملفات الحمراء، خصوصًا أن السودان يعاني تخلفًا تنمويًا قد ينتهي بتقسيمه واستباحة موارده ومزاياه الجغرافية".

أخطاء الماضي

أبو صالح دعا أيضًا إلى "تجاوز أخطاء الماضي ومراراته والمصالح الضيقة وإعلاء المصالح الوطنية وخلق أفكار جديدة والابتعاد من التكتيك والحلول الآنية نحو التفكير الاستراتيجي وبلورة إرادة وطنية تعبر عن تطلعات الشعب السوداني، والتعاون والتنسيق مع العلماء والخبراء لإنتاج الرؤية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتنظيم حوار استراتيجي مختلف وشامل".

وأردف أن "البلاد تواجه تهديدًا لأمنها الديموغرافي وحربًا اقتصادية مخططًا لها من خلال التدمير الممنهج للبنى التحتية في المناطق الآمنة، لذلك لا بد من استعجال عملية إعادة الإعمار المتكامل وعودة دولاب العمل والحياة الاجتماعية والنفسية ومحاربة الفساد والبيروقراطية وتهيئة المسرح الداخلي وضبط الوجود الأجنبي".

ولفت إلى ضرر ما أسماه "الميليشيات المدنية" التي تعمل على تعطيل التنمية، مقترحًا إنشاء مفوضية لمعالجة المسائل الاجتماعية وإعادة تموضع التنمية وإقرار برامج إنتاجية محددة لتعويض إيرادات الحكومة

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق ”الحمصانى”: حصر اللاجئين لتقدير التكلفة وضمان دعم المانحين
التالى المحكمة تحسم مصير زوج إعلامية شهيرة نصب على أفشة في 13 مليون جنيه| تفاصيل