بعد أن أثار كشف النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، عبد الله بوانو، خبر “إلغاء صفقات قائمة خاصة بالمناولة، تحديدا في الحراسة والطبخ، داخل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية”، نفى مصدر مطلع من داخل الوزارة قيام الأخيرة بهذه الخطوة، بل فقط “صدور توجيهات للمندوبيات الجهوية لتضمين شرط تمكين أعوان الحراسة من الحد الأدنى للأجور ضمن دفاتر تحملات أي صفقة جديدة يعاد إبرامها مستقبلا”.
وقال مصدر مطلع من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية لهسبريس: “لم نقم بإلغاء أي صفقة مناولة متعلقة بالحراسة والنظافة كما يتم ترويجه، ولن نقوم بطرد أي شركة لديها مع المندوبيات الجهوية صفقة لم ينته تاريخ صلاحيتها بعد”، مبرزا أن “المندوبيات هي من تتعاقد مع الشركات لا الوزارة”، مؤكدا أن “الأخيرة بالفعل صدرت عنها توجيهات إلى المسؤولين الجهويين بتشديد الشروط داخل دفاتر تحملات أي صفقة جديدة يتم إبرامها”.
وأوضح المصدر نفسه أن “هذه التوجيهات لم يتم إصدارها عن طريق sms من قبل الوزير”، مفيدا بأنها “تشمل العمل على إعداد دفاتر التحملات الخاصة بالصفقات التي سوف تنتهي صلاحيتها، بما يكفل تضمنها لشرط احترام تقديم الحد الأدنى للأجور لأعوان الحراسة وشروط من شأنها تحسين جودة الاستقبال داخل المستشفيات العمومية؛ كل ذلك بغرض تلبية حاجيات المواطنين”.
وشدد مصدر هسبريس،على أن “الوزارة تريد أن تستجيب أي صفقة جديدة متصلة بأعوان الحراسة للمعايير القانونية الموضوعة من طرف الدولة، خصوصا احترام الحد الأدنى للأجور”، فيما لم يؤكد صحة وجوب “التوفر على مستوى دراسي ضمن الشروط التي وجهت الوزارة المندوبين الجهويين لتضمينها في دفاتر التحملات الجديدة”.
وطمأن المسؤول العليم نفسه بأنه “لن يتم إلغاء أي صفقة قائمة أو طرد العناصر البشرية المتعاقدين مع شركات الحراسة في إطارها”، مشددا على أن “غرض الوزارة ينحصر فقط في تحسين جودة خدمات الاستقبال داخل المستشفيات”.
جدل الصفقات
وكان عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، قد عبّر عن تفاجئه “هذه الأيام، بممارسة غريبة وغير مسبوقة داخل وزارة الصحة، تتعلق بإلغاء صفقات قائمة، خاصة بالمناولة، وتحديدا الحراسة والنظافة”، مفيدا بأن “هذا الإلغاء تم عن طريق sms وُجِّه إلى مديري الوزارة على المستوى الجهوي، أُخبروا من خلاله بأن دفاتر التحملات سيتم تغييرها في اتجاه تعديل بعض الشروط”.
وقال بوانو، ضمن تدوينة مطوّلة على حسابه الرسمي بـ”فيسبوك”، إن ذلك “يفيد بأن كافة الصفقات التي تم إبرامها على مستوى المراكز الاستشفائية والمندوبيات الإقليمية يتعين إلغاؤها وإبرام صفقات جديدة على مستوى المديريات الجهوية”.
وأوضح أن “هذا في لغة الصفقات يعني أن المبالغ المالية ستكون كبيرة وكبيرة جدا، خاصة أن هناك إشارة في تعليمات الـ sms أن من شروط الحراسة التوفر على مستوى دراسي معين، وأن الأجرة ستكون معادلة للحد الأدنى للأجر”، معتبرا أن “هذا الشرط هو فقط لتبرير المبالغ الكبيرة التي سيتم تخصيصها لصفقات المناولة في الحراسة”، بحيث يتعلق الأمر، وفقه، “بتخطيط لتمكين شركات بعينها”.
“خطوة منتظرة”
في هذا الإطار، قالت لبنى نجيب، الكاتبة العامة للنقابة الوطنية لأعوان الحراسة والنظافة والطبخ، إن “التشديد على احترام الحد الأدنى للأجور مسألة مهمة، طالما ناقشتها النقابة مع الوزارة المذكورة، فأكدت أنها ستعمل على إلزام الشركات بها في أي صفقة جديدة”، مشيرة إلى أن هذه النقطة “حضرت كذلك ضمن المطالب الموجهة إلى وزارة الشغل، وأعطى الوزير تعليمات بفسخ عقود مع الشركات التي لا تحترم هذا المقتضى القانوني”.
في المقابل، اعتبرت نجيب، ضمن تصريح لهسبريس، أنه “إذا تم فرض توفر حارس الأمن الخاص على مستوى تعليمي، فإن الكثير من المهنيين الذين لا يستجيبون لهذا الشرط سوف يتم إقصاؤهم، رغم أنهم بحكم اشتغالهم لسنوات طويلة راكموا خبرة مهمة في حراسة المستشفيات”، مؤكدة أنه “عوض ذلك، تقترح النقابة على الأقل أن تقوم الشركات بمواكبة مستخدميها بتكوينات من أجل رفع مستوى الخدمات”.
وكشفت المتحدثة نفسها أن “خطوة وزارة الصحة تأتي بالتزامن مع شروع لجنة موفدة بتعليمات من وزارة الشغل في حملات ميدانية لمعاينة أوضاع حراس الأمن الخاص بالمدن الجنوبية للمملكة حيث تعمل على استقصاء مدى احترام حقوقهم، خصوصا تقاضي الحد الأدنى للأجور والتصريح لدى الضمان الاجتماعي”.
وينتظر حراس الأمن الخاص “أن تعمل كافة القطاعات الحكومية على توجيه مندوبياتها الجهوية والإقليمية نحو التشديد على احترام تمكين المهنيين من الحد الأدنى للأجر في جميع الصفقات التي تبرمها مع شركات المناولة”، وفق عبد العزيز الملالي، الكاتب العام الإقليمي للنقابة الوطنية لأعوان الحراسة والنظافة والطبخ بفجيج.
وأكد الملالي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “غالبية حراس الأمن الخاص على المستوى الوطني يشتغلون دون الحد الأدنى للأجور؛ إذ يتقاضون ما بين 2000 و2400 درهم”، مؤكدا أن “الشركات المواطنة التي تحترم هذا الحد قليلة”.
وأوضح الفاعل النقابي أن “أعدادا كبيرة من أعوان الحراسة لا يتوفرون على شرط المستوى الدراسي الذي تنادي به القطاعات الحكومية، ما يهدد بأنه عند تطبيقه سوف يتم تسريحهم”، مؤكدا أن “النقابة مبدئيا لا تعارض توفر حارس الأمن الخاص على مستوى دراسي على الأقل لكي تسهل عليه عملية التواصل الجدي والسليم”. وأكمل: “هي فقط تشدد على ضرورة توفير بدائل للمعنيين حتى لا يصبحوا عرضة للبطالة”.