الهيدروجين الأخضر في أفريقيا ينتعش بـ41 مشروعًا.. 4 دول عربية بالقائمة

يُظهر قطاع الهيدروجين الأخضر في أفريقيا مؤشرات نمو واعدة بفضل الموارد المتجددة المتاحة في القارة، التي تؤهّلها لتبوُّء موقع الريادة عالميًا في إنتاج هذا الوقود منخفض الكربون.

وتُوفر أفريقيا أرضًا خصبة لتوسيع نطاق إنتاج الهيدروجين الأخضر المنتَج باستعمال مصادر الطاقة المتجددة مثل طاقتي الشمس والرياح، مستفيدةً من مواردها الوفيرة وتكاليف الإنتاج المنخفضة.

ووفق بيانات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تمتلك أفريقيا 61.1 غيغاواط من سعة الطاقة المتجددة العاملة حاليًا بدعم من استثمارات ضخمة في مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وتقود بلدان عربية -وهي مصر والمغرب والجزائر وموريتانيا- الجهود المبذولة لتطوير العشرات من مشروعات الهيدروجين الأخضر في أفريقيا على مدى السنوات الـ5 المقبلة.

لكن، على الرغم من تلك الصورة الوردية لصناعة الهيدروجين في أفريقيا، تظل هناك تحديات قائمة تتمثل في غياب الإطار التنظيمي وقنوات التمويل والحاجة إلى تأسيس بنية تحتية قوية إذا كانت حكومات القارة ترغب في الاستفادة من مقوماتها الضخمة في تلك الصناعة.

41 مشروعًا تقودها مصر والمغرب والجزائر

تتأهب صناعة الهيدروجين الأخضر في أفريقيا لأن تصبح لاعبًا رئيسًا في السوق العالمية، مع توقعات بدخول 41 مشروعًا حيز التطوير خلال السنوات الـ5 المقبلة، وفق تقرير حديث صادر عن مجلس صناعات الطاقة (Energy Industries Council)، وهي الرابطة التجارية الرائدة للشركات التي تورّد السلع والخدمات لصناعات الطاقة.

وتقود بلدان شمال أفريقيا، بما في ذلك مصر والمغرب والجزائر، الجهود المبذولة لدعم مشروعات الهيدروجين الأخضر في أفريقيا؛ إذ تمنح ميزة وفرة السطوع الشمسي في تلك الدول طوال العام إياها فرصًا جيدة للاستثمار في إنتاج الهيدروجين النظيف والبنية التحتية للتصدير، وفق تقرير مجلس صناعات الطاقة المعروف اختصارًا بـ إي آي سي (EIC)

وتقع البلدان الـ3 المذكورة على طول ساحل البحر المتوسط الواصل إلى أوروبا، حيث تقترح ألمانيا والنمسا وإيطاليا إعادة استعمال 3300 كيلومتر من البنية التحتية لخطوط أنابيب الغاز القائمة حاليًا في شمال أفريقيا بتصدير هيدروجين أخضر سعة 4 ملايين طن سنويًا إلى القارة.

وتستهدف الإستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر التي تتبنّاها مصر الاستحواذ على 8% من إجمالي سوق الهيدروجين العالمية، وإنتاج 10 ملايين طن من هذا الوقود منخفض الانبعاثات، مع تخصيص حصة كبيرة للتصدير.

وتُظهر مصر والمغرب نموًا في سعة الطاقة المتجددة المرتبطة بإنتاج الهيدروجين الأخضر؛ إذ تقود القاهرة والرباط تطوير طاقة الرياح، مع إضافة 9 غيغاواط من سعة الرياح إلى الشبكة بدءًا من عام 2024.

أمّا جنوب أفريقيا، فتقود سعة الطاقة الشمسية في القارة عبر 59 محطة شمسية عاملة في البلاد، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ويستهدف تحالف الهيدروجين الأخضر -الذي أُطلِق في عام 2022، وتقوده مصر وكينيا وموريتانيا والمغرب وناميبيا وجنوب أفريقيا- منح موقع الريادة العالمية إلى قطاع الهيدروجين الأخضر في أفريقيا.

قرار الاستثمار النهائي

قال مدير استخبارات السوق في مجلس صناعات الطاقة نيل غولدينغ: "بينما تبدو الآفاق على المدى الطويل إيجابية بالنسبة لقطاع الهيدروجين في أفريقيا، لم يصل مشروع تجاري بَعد إلى مرحلة قرار الاستثمار النهائي".

وأضاف: "هناك حاجة ماسّة إلى إبرام اتفاقيات شراء الهيدروجين، وأن يصبح الطلب على المشروعات ذات الجدوى من الناحية التجارية".

وتابع: "في الوقت نفسه نرى حاجة إلى وضع أُطر تنظيمية وتطوير بنية تحتية قوية، ويتضح أن شمال أفريقيا في وضع جيد يؤهلها لدعم طموحات الهيدروجين في أوروبا، ومن الممكن أن تصبح المنطقة موردًا مهمًا للقارة العجوز في المستقبل".

وواصل: "الدعم المالي يأتي أيضًا في شكل منح أوروبية لبعض الدول الأفريقية، أبرزها ناميبيا وجمهورية جنوب أفريقيا، عبر سلسلة قيمة الهيدروجين، التي تشير إلى آفاق إيجابية لصناعة الهيدروجين الأخضر في أفريقيا".

أفريقيا جنوب الصحراء

تمتلك منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى كذلك مقومات كبيرة في قطاع الهيدروجين الأخضر؛ إذ تمتلك دول مثل ناميبيا مشروعات ضخمة، أحدها بقيمة رأسمالية تلامس 10 مليارات دولار، ويوفر 15 ألف فرصة عمل في قطاع البناء، إلى جانب 3 آلاف وظيفة دائمة.

وفي موريتانيا يُتوقع أن يلامس إنتاج مشروعَي آمان ونور 40 غيغاواط من الكهرباء اللازمة لإنتاج الهيدروجين، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ويتيح القرب الجغرافي لمشروع نور للهيدروجين من ميناء نواذيبو على ساحل المحيط الأطلسي ومن الأسواق الأوروبية الكبيرة، خيارات تصدير مناسبة، مع إمكان جعل موريتانيا واحدة من المنتجين والمصدّرين الرؤساء للوقود منخفض الكربون في العالم.

تحديات قائمة

على الرغم من الآفاق الإيجابية للقطاع، يسرد التقرير العديد من التحديات التي تحتاج إلى معالجة لتحقيق طموحات الهيدروجين الأخضر في أفريقيا، بما في ذلك الحاجة إلى استثمارات كبيرة في البنية التحتية -مثل خطوط الأنابيب والموانئ ومرافق التصدير- ووضع أطر سياسية واضحة ودعم تنظيمي لجذب الاستثمارات.

ووفق تقرير "إي آي سي"، فإن التكاليف الأولية لمشروعات الهيدروجين الأخضر تتطلب تعاونًا ومبادرات تمويل دولية.

وتُعدّ خطة الاتحاد الأوروبي المعروفة باسم ري باور إي يو (REPowerEU) علامة على الجهود المبذولة في هذا الخصوص، وهي تستهدف خفض اعتماد القارة على الغاز الروسي، واستيراد 10 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا من أفريقيا.

لكن أكد التقرير أن الهيدروجين الأخضر في أفريقيا يحتاج إلى مزيد من التمويل والتعاون من أجل تعزيز معدلات الإنتاجية.

وفي هذا الصدد قالت رئيسة الشؤون الخارجية في مجلس صناعات الطاقة ريبيكا غراوند ووتر، إن هذا التقرير، مثل العديد من التقارير الأخرى الصادرة عن المجلس، هو حالة واضحة لشركات سلسلة الإمدادات الباحثة في جميع أنحاء العالم عن الفرص بدلًا من تقييد نفسها بالأسواق التي تنشط فيها تقليديًا.

وأضافت: "ولكي تنتقل الشركات في أوروبا ومناطق أخرى إلى أفريقيا، يستلزم أن يكون هناك إطار تنظيمي سليم وظروف تمويل مواتية تساعد على تحفيز نمو الهيدروجين الأخضر في أفريقيا، وهو ما لن يتأتى إلّا بتعاون دولي لفتح قنوات تمويل جديدة في القارة".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

1.تقرير صادر عن مجلس صناعات الطاقة.