اقرأ في هذا المقال
- الهيدروجين الأزرق يُستخلص من حرق الوقود الأحفوري مع احتجاز الكربون
- صناعة الحديد والصلب تبحث عن بدائل مستقبلية نظيفة لخفض انبعاثاتها
- الهيدروجين الأزرق لن يحلّ مشكلة الانبعاثات، وجدواه الاقتصادية المستقبلية مهددة
- كبريات شركات النفط والغاز الأوروبية تتخلى عن الهيدروجين الأزرق
- الهيدروجين الأخضر البديل الأكثر فاعلية على المدى الطويل
استحوذ استعمال الهيدروجين الأزرق في صناعة الصلب على اهتمام عالمي خلال السنوات الأخيرة، ضمن إطار الجدل حول بدائل الوقود الأحفوري في الصناعات الثقيلة التي يصعب خفض انبعاثاتها.
ورغم ذلك، فإن بعض الدراسات ما زالت تحذّر من أن التوسع في الاعتماد على الهيدروجين الأزرق سيواجه مخاطر اقتصادية مستقبلية مع انخفاض تكلفة البدائل المنافسة، إلى جانب ضعف جدواه البيئية.
في هذا السياق، حذّرت دراسة حديثة -حصلت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- من التوسع في استعمال الهيدروجين الأزرق في صناعة الصلب العالمية ضمن خططها طويلة الأمد لخفض الانبعاثات، واصفةً ذلك بـ"الأمل الزائف".
ويتجه بعضهم إلى الهيدروجين الأزرق نظرًا للتكلفة المرتفعة لنظيره الأخضر المنتج عبر طريقة التحليل الكهربائي للمياه المعتمد على الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المتجددة.
ضعف جدوى استعمال الهيدروجين الأزرق
استندت الدراسة -الصادرة عن معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي- في تحذيرها لاستعمال الهيدروجين الأزرق بصناعة الصلب، إلى عدّة أسباب، أبرزها: ضعف أداء تقنيات احتجاز الكربون في معدلات الالتقاط تاريخيًا بحسب سجلّها التراكمي خلال العقود الـ5 الماضية؛ ما يُضعف من جدواها المناخية.
ويُستخلص الهيدروجين الأزرق عبر حرق الغاز الأحفوري باستعمال تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه، وهو ما يميزه عن أنواع الهيدروجين التقليدية السائدة في العالم التي تُستخلص من المصدر نفسه، ولكن دون احتجاز للكربون.
وتصطدم حقائق ضعف أداء تقنيات احتجاز الكربون بما يروّجه المؤيدون عنها، إذ يدّعون أن معدلات الالتقاط قد تصل إلى 95%.
وما زالت القدرة العالمية لاحتجاز الكربون وتخزينه متواضعة، ولم تتجاوز 55 مليون طن عام 2023، بزيادة طفيفة عن السنوات السابقة، وفق ما يوضحه الرسم البياني التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة:
علاوة على ذلك، فإن مشكلة انبعاثات الهيدروجين الأزرق لا تقتصر على ثاني أكسيد الكربون، بل تمتد إلى الميثان، وهو المكون الأكبر للغاز الطبيعي، الذي أثبتت الدراسات أن مخاطر تسرّبه أقوى بكثير من ثاني أكسيد الكربون.
ولا تحظى هذه الجزئية باهتمام كبير على مستوى رصد الانبعاثات، إذ ما يزال الاتجاه السائد هو التقليل من مخاطر تسرب الميثان عند حساب إجمالي انبعاثات الهيدروجين الأزرق.
صناعة الصلب العالمية تخاطر بالمستقبل
تعتقد دراسة معهد اقتصادات الطاقة أن التوسع باستعمال الهيدروجين الأزرق في صناعة الصلب ينطوي على مخاطر مستقبلية كبيرة، قد تُعرِّض المستثمرين للوقوع في فخّ تبنّي تقنيات قد تصبح قديمة وذات قدرة تنافسية أقل خلال السنوات المقبلة.
وينصح مؤلف الدراسة، سروش بصيرات، -وهو خبير في تمويل الطاقة- الشركات والمستثمرين بعدم الاستسلام للمروّجين للهيدروجين الأزرق بوصفه حلًا لمشكلة انبعاثات الصناعات الثقيلة.
ويعتقد بصيرات أن تلبية أهداف كثافة الانبعاثات التي تزداد تشددًا عامًا بعد عام في الأسواق الرئيسة، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ستكون صعبة للغاية خلال السنوات المقبلة.
ومن المتوقع أن يؤثّر تشديد لوائح الانبعاثات سلبًا في مستقبل انتشار الهيدروجين الأزرق مع زيادة مخاوف المستهلكين النهائيين بشأن تلبية أهداف الانبعاثات، وفي القلب منها: صناعة الصلب العالمية.
وتتفق بعض الشركات العاملة في مجال تصنيع تقنيات الاختزال المباشر للحديد مع تحليل "بصيرات"، مثل شركة تينوفا (Tenova) التي ترى أن استبدال الغاز بالهيدروجين الأزرق في أفران الاختزال لن يقلل من استهلاك الغاز أو كثافة الكربون؛ ما يجعل مشكلة الانبعاثات قائمة.
في الوقت نفسه، تبدو ميزة تكلفة الهيدروجين الأزرق قصيرة الأجل، إذ يمكن لبعض البلدان التي تتمتع بموقع جيد أن تنتج الهيدروجين الأخضر بتكلفة أقل من الأزرق بحلول 2030.
علاوة على ذلك، فإن الهيدروجين الأزرق سيظل عرضة لتقلّبات أسعار الغاز المرتفعة والتكاليف المرتبطة باحتجاز الكربون وتخزينه التي ما زالت باهظة، إضافة لحاجتها إلى استثمارات أولية كبيرة في مرافق الإنتاج والبنية الأساسية للغاز واحتجاز الكربون.
الرهان على الهيدروجين الأخضر
تنصح دراسة معهد اقتصادات الطاقة شركات صناعة الصلب بتحويل أفرانها إلى العمل بالغاز بدلًا من الفحم لمدة انتقالية؛ تمهيدًا للعمل بالهيدروجين الأخضر بوصفه البديل المستقبلي الأكثر فاعلية على المدى الطويل.
ورغم ذلك، تدرس عدّة شركات كبرى في صناعة الصلب عالميًا مثل بوسكو (POSCO) في كوريا الجنوبية، وتيسين كروب الألمانية (Thyssenkrupp)، استعمال الهيدروجين الأزرق في مصانعها ضمن البدائل المطروحة للحلول محل الغاز .
كما تدعو الحكومة الألمانية إلى تعريف أقل صرامة للهيدروجين النظيف داخل الاتحاد الأوروبي؛ بهدف فتح الطريق أمام استعمال الهيدروجين الأزرق في صناعة الصلب وغيرها من الصناعات الثقيلة.
على النقيض من ذلك، تخلّت بعض شركات النفط الكبرى مثل شل وإكوينور عن مشروعات الهيدروجين الأزرق، مع إخفاقها في تأمين اتفاقيات شراء طويلة الأجل، في ظل مخاوف المستهلكين من آثار تشديد لوائح الانبعاثات الأوروبية مستقبلًا.
ملخص:
التوسع باستعمال الهيدروجين الأزرق في صناعة الصلب يتعارض مع التزامات خفض الانبعاثات، وينطوي على مخاطر مستقبلية وسط توقعات بانخفاض تكلفة الهيدروجين الأخضر وزيادة قدرته التنافسية بحلول عام 2030.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
تحليل مخاطر استعمال الهيدروجين الأزرق في صناعة الصلب من معهد اقتصادات الطاقة.