بسبب تطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني، من غير المتوقع أن يرتفع الطلب على الطاقة في المستقبل بشكل كبير، بينما لن يكون في مقدور كثير من دول العالم الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، بدلًا من الاعتماد الحالي على النفط والغاز والغاز المسال والفحم.
ويوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة، الدكتور أنس الحجي، أن الدول الأوروبية لن تتمكن من إحلال الطاقة المتجددة محل الغاز، بينما دول أخرى مثل الهند والصين لن يمكنها إحلال المصادر المتجددة محل الفحم.
وأضاف: "أحد الأسباب الرئيسة لنمو الطلب على الطاقة بشكل هائل، هو الذكاء الاصطناعي، والآن انقلبت الطاولة تمامًا، إذ إن هناك انخفاضًا بما يتراوح بين 60 و80% في استهلاك الطاقة، بسبب تطبيق "ديب سيك" الصيني الجديد".
ولفت إلى أنه بفضل تطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني الجديد، سيكون هناك نمو في الطلب على الطاقة، ولكن هذا النمو الكبير الذي يجري الحديث عنه منذ نحو عام تقريبًا لن يحدث.
جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها الحجي عبر مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، تحت عنوان "مستقبل أسواق الغاز المسال والذكاء الاصطناعي.. هل يقلب ديب سيك الطاولة؟".
زيادة إنتاج الطاقة عالميًا
قال خبير اقتصادات الطاقة، إن كل التوقعات تشير إلى النمو الكبير في الطلب على الطاقة، من ثم فإن كل زيادة إنتاج الطاقة المتوقعة كان مخططًا لها من قبل -بدورها- لن تحدث، لأن الاستهلاك الضخم نفسه لن يحدث.
وأضاف: "بناءً على ذلك، لو نظرنا إلى أمازون أو ميتا وفيسبوك، أو غوغل، نجد أنها كلّها كانت تخطط لبناء مفاعلات نووية، ولكن أعتقد أن هذه الخطط ستُلغى الآن بالكامل، إذ إن موضوع العودة إلى الطاقة النووية بالشكل الكبير، خاصة بالمفاعلات الصغيرة المعيارية، لن يحدث".
وأوضح أنس الحجي أن الشركات لن تفكر في الطاقة النووية بينما توجد كميات هائلة من الغاز، لا سيما في الولايات المتحدة، ما ينفي حاجتها إلى دفع تكاليف بمليارات الدولارات لبناء مفاعلات نووية، لأن الطلب المتوقع لن يحدث.
لذلك، يرى الحجي أن إعلان قدرات تطبيق الذكاء الاصطناعي "ديب سيك" يعدّ حدثًا تاريخيًا، على الرغم من أن كثيرًا من المعلومات ما يزال غير معروف حتى الآن، ولكن سيتّضح ذلك مستقبلًا.
وتابع: "سنحرص على وجود الدكتور زياد يوسف خبير الذكاء الاصطناعي، للاطّلاع على كل ما يصدر من معلومات جديدة عن الموضوع، ليحدّثنا عنها ويشرحها لنا بشكل مبسّط كما عودنا، ولكن الفكرة هنا أنه علينا الآن أن نجلس ونغيّر كل التوقعات والاستشراف السنوي لعام 2050 بالكامل".
توقيت إعلان "ديب سيك"
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، إن هناك أمرًا سياسيًا يحدث، مرتبط بتوقيت إعلان تطبيق الذكاء الاصطناعي ديب سيك، إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب تسبَّب في ضجة كبيرة، بعد إعلان تكوين شركة برأس مال 500 مليون دولار.
وأضاف: "هذه الشركة ستكون متخصصة في الذكاء الاصطناعي، لذلك انتظرت الصين حتى بعد نهاية الأسبوع لتعلن تطبيق ديب سيك، الذي يعدّ ضربة لمشروع ترمب، وقد يؤثّر طبعًا في الاستثمارات بهذا المجال".
وتابع الدكتور أنس الحجي: "كما تعلمون، نشرَ الإعلام أخبارًا من السعودية عن استثمارات بقيمة 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، وجزء كبير من هذه الاستثمارات سيكون في الذكاء الاصطناعي، وهذا أيضًا قد يتغير".
ولفت إلى أن هذا يُثبت أمرًا مهمًا بالنسبة لسياسة دول الخليج، خاصة السعودية، مع الصين، لأنه بالرغم من الضغوط الأميركية الشديدة على المملكة لتخفيف التعاون مع الصين، فقد أصرّت السعودية على زيادة هذا التعاون، سواء في مجال التجارة الخارجية، أو الاستثمار داخلها.
والآن، وفق الحجي، مع إعلان تطبيق الذكاء الاصطناعي "ديب سيك"، فقد تأكّدت صحة هذا التوجه، وخلاصة الأمر أن هناك حاجة لإعادة التوقعات الخاصة بعام 2050، ومراجعة الحسابات مرة أخرى.
أسهم الطاقة النووية والغاز المسال
أشار أنس الحجي إلى أسهم الطاقة النووية وشركات اليورانيوم، التي انخفضت بشكل كبير على مدى الأيام التالية لإطلاق برنامج الذكاء الاصطناعي ديب سيك، وكذلك الانخفاض الذي شهدته أسهم شركات الغاز المسال التي كان هناك تفاؤل كبير بها.
وأضاف: "هناك استثمارات من الصناديق الاستثمارية الكبرى في العالم بقطاع الغاز المسال، ولهذا السبب الآن بدأت الأسهم تنخفض، وربما نرى أن بعض المشروعات لن تتحقّق على الإطلاق، وتتوقف بسبب هذا التطور المهم".
لذلك، وفق أنس الحجي، فإن إطلاق الذكاء الاصطناعي الصيني -بعبارة أخرى- إذا كان كل ما يتعلق به من معلومات صحيحًا، فإنه سيمثّل ثورة ستغيّر العالم بالكامل، وستغيّر أشياء كثيرة.
وتابع: "كما رأينا، ستُلغى مشروعات نووية ومشروعات غاز مسال، وقد تُلغى بعض المشروعات الطاقية في أماكن عديدة، بينما الإشكال الذي قد نعانيه مستقبلًا، أنه سيكون هناك فائض في الغاز المسال، على عكس المتوقع، وهو ما قد يؤدي إلى كارثة لكثير من المشروعات والدول".
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر: