بلهجة قوية تحدّث عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، في تعقيبه على تفاعلات نواب ونائبات في الغرفة الأولى للبرلمان حول حرية التعبير، قائلا إن الفرق واضح بين “حرية التعبير المؤطرة قانونا”، و”الابتزاز الإلكتروني والارتشاء بغرض التشهير بالناس وأعراضهم وشتمهم”.
وأضاف وهبي، وهو يرد على ما أثاره بعض النواب في تعقيبات إضافية بعد ثلاثة أسئلة شفهية طرحتها فرق “التجمع الوطني للأحرار” و”الاستقلالي للوحدة والتعادلية” و”الحركي” حول “آليات التصدي لظاهرة الابتزاز الإلكتروني ببلدنا” و”ارتفاع الجرائم الإلكترونية” و”العنف الرقمي”، (أضاف) أن “لدينا الشجاعة لنواجه هذا الموضوع، ولا حصانة للصحافي لأنها لا توجد حتى عند البرلماني والوزير، وإذا عنده حصانة يْدير خْدمْتو عبر تقصي الحقائق والبحث عنها، وليس ابتزاز الناس والشتم”، موردا أن مقتضيات مشروع القانون الجنائي القادم ستتضمن تجريم ذلك بوضوح، بالإضافة إلى “ممتهني الربح السريع ومستغلي الأطفال في فيديوهات على مواقع التواصل”.
“درْناها في القانون الجنائي وخاصْنا نْكونو مسؤولين وماشي نجيوْ نقولو تكميم الأفواه… نُكمّم أفواه مَن؟”، يقول وهبي، مبرزا أن “الابتزاز الإلكتروني بلغَ حدّاً لا يطاق، فهناك من ينسِب الجرائم والأقوال والأفعال دون موجب حق. واش هادي هي الديمقراطية؟”، في تلميح غير خافٍ إلى وقائع وأحداث انتشرت مجتمعياً خلال الأشهر الأخيرة.
وأضاف شارحا: “حرية التعبير هي انتقاد الوزير ومتابعة عمله برقابة وتفحّص عمله في حالة قيامه بمخالفات أو جرائم في إطار وظيفته، وليس أن تأخذ فعلاً مشروعا قانونا وتحويله إلى جريمة ثم تقديمه للرأي العام”.
وكشف وزير العدل أمام النواب أن “جني مكاسب مالية ومادية هو الذي حفَّزَ هذه الممارسات الإلكترونية وجعلها تنتشر حدَّ أنها أصبحت مصائب”، وفق توصيفه: “راه المصائبْ اللي ولات في هاد البلاد كلشي ولّى فيه غي الفلوس ماكاديروش دكشي لله فابورْ… باش يديرو الفلوس، كيْدْوّْرْ هذا مع هذا باشْ يْسبّ هذا”.
“الخبر يفقد قداسته”
لفت وهبي إلى أن مجابهة هذه الأفعال قانونياً وتجريمها يدفع البعض للدفع بـ”تبرير تكميم الأفواه”، نافياً ذلك عن الحكومة الحالية. وقال: “لا يجب أن يخضع الموضوع لمزايدات بيننا حينما نصطف في المعارضة أو الأغلبية”.
واسترسل وهبي متحدثا عن “انعدام” أخلاقيات الصحافة بين عدد “ممّن يمسكون الهواتف ويصوّرون ويُشهّرون بالناس”، حسب وصفه، قائلا إن “الصحافة هي الخبر والتحليل ديالو، والخبر مُقدَّس، لكنه لم يعُد مقدَّسًا بعدما أصبح نشر الشتائم مستباحاً مقابل تلقي أموال”.
وحذّر المسؤول الحكومي، بلهجة حادة، من “التساهل مع ما وَصلنا إليه من بيع وشراء للإهانات بين المغاربة”، مؤكدا أن “للسياسيين دورا فيما آلت إليه الأوضاع لأننا لا نسمّي الأمور كما يجب، إذ يجب أن يكون السياسي قدوة في هذا الصدد”.
وزاد أن “استغلال وتصوير الأطفال في فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي بغرض الربح أو التشهير، جريمة ينص عليها القانون الجنائي”، خاتما تعقيبه بالتحذير من خطورة “تبرير الجرائم في المغرب، لأنه يوماً ما سيدفعنا (ذلك) لنؤدّي الثمن وستفقد السياسة مصداقيتها”.
وفي معرض جوابه عن أسئلة العنف الرقمي والابتزاز الإلكتروني المتزايد، لفت الوزير إلى أن “أفعال شتم الناس والتشهير كذباً وبهتاناً بهم، يمنح كامل الحق الدستوري للمتضرر في اللجوء للقضاء لإنصافه (…) لا يوجد أي شخص فوق القانون”، مشددا على أن “الجرائم الإلكترونية يجب أن تقِف وتتوقف، ولا مزايدات بحرية التعبير”.
كما أكد أنه “يجب على المغاربة أن يُحركوا دعاوى قضائية ضد كل من يمس بكرامتهم أو يتطاول على حرمتهم التي تعدّ الدولة مسؤولة عنها وعن سمعة المواطن كما هي مسؤولة عن حرية التعبير في حدود القانون”.
“لا قيمة للأحكام ضد الدولة إذا لم تُنفذ”
في موضوع آخر لا يقل جدلاً، أقرّ وهبي باستمرار “إشكالية تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الدولة” وبكون الموضوع “مطروحا بقوة”، تفاعلا مع ما أثاره نواب الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية.
وأفاد بأن “الوزارة تتوفر على منصة بقائمة مختلف الأحكام القضائية التي صدرت ضد الدولة”، مبرزا أن “الدولة قررت السنة الماضية أن تُخصّص 6 مليارات درهم لنزع الملكية غير أن قيمة التعويضات التي حُكمت في هذه القضايا بلغت 24 مليار درهم؛ أي بزيادة 18 مليار درهم، ما يعني أن الأحكام تتجاوز ما حدّدته وزارة المالية”.
“لا قيمة للأحكام القضائية إذا لم تقُم الدولة هي الأولى بتنفيذها؛ لأنها تَصدُر باسم جلالة الملك الذي هو رئيس الدولة الذي يعطي أوامر بتنفيذها، وهذا الموضوع مطروح بحدة ويجب أن نحُلّ هذا الإشكال”، يشدد وهبي، داعيا البرلمانيين إلى “الزيادة في الميزانية المخصصة لذلك حين تشريع القانون المالي”.
" frameborder="0">