تكافح مصافي التكرير في أفريقيا لأداء مهامها بصورة تتلاءم مع موارد القارة، ورغم مواجهتها صعوبات؛ فإن الشركات القائمة عليها تسعى لتجاوزها في أغلب الأحيان.
ومؤخرًا، دخل حيز التشغيل عدد من هذه المصافي، إما للمرة الأولى وإما بعد مدة انقطاع لأغراض الصيانة أو التحديات المالية، لكن مصير مصافٍ أخرى بقي غير واضح حتى الآن.
ووفق تحديثات قطاع التكرير لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، كانت التطورات في الجزائر ونيجيريا مبشّرة إلى حد كبير، في حين تكافح ليبيا للتغلب على تداعيات الصراعات المسلحة، كما تعرّض مستقبل الوقود في السودان إلى كبوة بتوقف مصفاة الخرطوم.
وفي هذا التقرير نناقش تطورات مصافي التكرير في أفريقيا من خلال إلقاء نظرة على مستجدات المنشآت في 8 دول، هي: الجزائر، ليبيا، نيجيريا، السودان، جنوب أفريقيا، غانا، الكاميرون، زامبيا.
1) تطورات التكرير في الجزائر
أحرز قطاع التكرير في الجزائر خطوات مهمة خلال الآونة الأخيرة، في إطار يجعل منشآت البلاد بصدارة مصافي التكرير في أفريقيا.
وطرحت شركة سوناطراك الجزائرية مناقصة للإغلاق في نهاية يناير/كانون الثاني الجاري (2025)، بهدف تعزيز مصفاة "أرزيو" ببناء وحدة جديدة لمعالجة النافثا الثقيلة.
ومن خلال المناقصة، تمنح سوناطراك عقدًا للهندسة والمشتريات والبناء والتشغيل لمرافق من شأنها معالجة النافثا بالهيدروجين وتحسين إنتاجها.
وتنعكس هذه التقنيات إيجابًا على أداء المصفاة بالكامل؛ إذ تتيح لها إنتاج بنزين عالي الأوكتان.
ومن المتوقع أن تصل طاقة وحدة النافثا الجديدة إلى 1.2 مليون طن متري سنويًا؛ إذ يُطوَّر المشروع على مرحلتين.
وتعكف شركة سوناطراك حاليًا على بناء وحدة لإنتاج 200 ألف طن متري سنويًا من مادة "إم تي بي إي MTBE" -الهادفة لتعزيز إنتاج البنزين والوقود- في المنطقة الصناعية بأرزيو.
وتنتج الوحدة هذه المادة من خلال معالجة 75 ألفًا و150 ألف طن متري سنويًا، من الميثانول والبوتان، على الترتيب.
2) تطورات التكرير في ليبيا
تباين أداء قطاع التكرير في ليبيا، في خضم الصراعات الداخلية التي تعانيها البلاد منذ عام 2011.
- مصفاة الزاوية
كانت مؤسسة النفط الليبية قد أعلنت حالة القوة القاهرة، منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد تعرض خزانات تخزين مصفاة الزاوية لأضرار؛ إثر اشتباكات مسلحة بين أطراف النزاع تسببت في إضرام النيران بالخزانات.
وأكدت المؤسسة لاحقًا السيطرة على حريق الخزانات وتسرب الغاز والتداعيات التي نجمت عن الأحداث.
ولم يشهد إنتاج الوقود في مصفاة الزاوية أي تقلبات إثر الاشتباكات؛ ما دعم خطط مصافي التكرير في أفريقيا.
- مصفاة رأس لانوف
سجّل العمل في مصفاة رأس لانوف تطورًا في الآونة الأخيرة بعد 11 عامًا من خلاف تحكيمي بين مؤسسة النفط الليبية و"شركة النفط الإماراتية الليبية" انتهى لصالح الأولى في مارس/آذار 2021.
ورغم ذلك؛ فإنه لم يؤدِّ انتهاء الخلاف بين المؤسستين قبل 4 سنوات إلى إعادة تشغيل المصفاة بشكل كامل، وما زالت خارج الخدمة دون تحديد موعد مستقبلي للتشغيل.
ومؤخرًا، استأنفت المصفاة -فقط- تشغيل محطة لإنتاج الإيثيلين بعدما انطلقت مراحل تشغيلها الأولية في مايو/أيّار الماضي، عبر ضخ النافثا وتشغيل أنظمة ضواغط الغاز.
3) تطورات التكرير في نيجيريا
تلقت مصافي التكرير في أفريقيا دعمًا من نشاط مكثف في نيجيريا، التي استأنفت تشغيل مصفاة "بورت هاركورت" و"واري"، وتستعد لتشغيل مصفاتي "كادونا" و"نيو بورت هاركورت"، وفيما يلي نرصد أبرز تطورات المصافي النيجيرية:
- مصفاة دانغوتي
تشهد مصفاة "دانغوتي" -التي تصل طاقتها الإنتاجية إلى 650 ألف برميل يوميًا- استعدادات لتشغيل وحدة ثانوية لإنتاج البولي بروبيلين مطلع فبراير/شباط المقبل، في حين تعمل وحدة الإنتاج الرئيسة بصورة معتادة.
وتستعد المصفاة إلى حدث استثنائي الشهر الجاري، باستقبال واردات النفط الخام من وجهات أفريقية (يحتمل أن تكون أنغولا أو السنغال أو ليبيا) وفق محادثات رسمية جرت منتصف العام الماضي ولم يعلن بعدها وجهة محددة للاستيراد.
جاء ذلك بعدما اتفقت المصفاة مع شركة النفط الوطنية في البلاد على توريد 300 ألف برميل خام يوميًا بأسعار زهيدة، لكنها تسلمت فعليًا ثلث هذه الكميات خلال الأشهر الـ6 الأولى من التشغيل.
- مصفاة بورت هاركوت القديمة
في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعادت شركة النفط النيجيرية تشغيل مصفاة "بورت هاركورت" بعد 4 سنوات من الإغلاق لإعادة التأهيل والتحديث، وبلغ معدل تشغيل المصفاة حاليًا 80% من طاقتها التي تصل 60 ألف برميل يوميًا.
- مصفاة واري
خضعت مصفاة "واري" للتشغيل في نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي بنسبة 60% من طاقتها الإجمالية البالغة 125 ألف برميل يوميًا، بعد عملية تحديث واسعة النطاق منذ نهاية عام 2020 ولم تكتمل بالكامل حتى الآن.
وانطلقت المصفاة في إنتاج الديزل والكيروسين والنافثا، في حين من المخطط أن يلحق بهما البنزين في موعد يُحدد لاحقًا.
- مصفاة بورت هاركورت الجديدة
لم تحدد نيجيريا موعد تشغيل مصفاة "بورت هاركوت" الجديدة التي تصل طاقتها إلى 150 ألف برميل يوميًا، في حين كشفت مصادر حكومية عن أنها في طريقها للتشغيل خلال وقت قريب.
- مصفاة كادونا
تشرف شركة "دايو" الكورية الجنوبية على أعمال تطوير مصفاة "كادونا" النيجيرية، وسط توقعات بالعمل بطاقة 60 ألف برميل يوميًا خلال المرحلة الأولى من التشغيل الذي كان مقررًا نهاية العام الماضي.
4) تطورات التكرير في السودان
على عكس وتيرة نشاط غالبية مصافي التكرير في أفريقيا، باتت مصفاة الخرطوم إحدى أبرز ضحايا الحرب السودانية بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وكانت قوات الدعم السريع قد سيطرت على المصفاة في أبريل/نيسان 2023؛ ما أدى إلى توقفها عن التكرير والمعالجة بعد 4 أشهر (في يوليو/تموز من العام ذاته).
وتعرّضت المصفاة إلى قصف في نهاية مايو/أيّار الماضي، أخرجها بالكامل عن الخدمة.
5) تطورات التكرير في جنوب أفريقيا
- مصفاة سابريف
تطمح جنوب أفريقيا إلى تشغيل مصفاة "سابريف" التي يتوقع أن تصل طاقتها إلى 600 ألف برميل يوميًا، بعد إعادة التشغيل والتحديث.
وكانت المصفاة قد تعطلت عن العمل مطلع عام 2022، إذ كان يدرس مطوروها (شركة شل العالمية، وشركة النفط البريطانية بي بي) سيناريو بيع محتملًا.
واشترى صندوق يتبع حكومة جنوب أفريقيا المصفاة بالفعل في مايو/أيار العام الماضي، في حين جذبت عملية تأمين التمويل اللازم للتحديث الأنظار بعد تولي الحكومة الجديدة مهامها.
وتُشير المعلومات التي تابعتها منصة الطاقة المتخصصة إلى أن قرار الاستثمار النهائي بشأن المصفاة قد يعلن نهاية العام الجاري.
- مصفاة ديربان
أُغلقت مصفاة ديربان في ديسمبر/كانون الأول 2020، بعد اندلاع حريق أدى إلى انفجارات.
وعقب ذلك، أبدت شركة إنجين (Engen) رغبتها في تحويل المصفاة إلى محطة، وكانت التوقعات تشير إلى إعادة تشغيلها وفق المخطط الجديد خلال الربع الثالث من عام 2023.
ويبدو أن هذه الخطط واجهت تحديات، غير أن شركة "إنجين" أشارت مؤخرًا إلى دفع عملية تحويل المصفاة للأمام.
6) تطورات التكرير في غانا
تعرّضت مصفاة تيما في غانا إلى حادث أدى إلى إغلاقها في يناير/كانون الثاني 2017، بعد انفجار فرن ذي صلة بوحدة تقطير النفط.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلنت هيئة النفط المعنية في البلاد استئناف تشغيل المصفاة بطاقة تنخفض عن طاقتها السابقة، بعد سنوات من اضطراب العمل في وحدتي تقطير الخام والتكسير وتقطعه إثر الحادث.
وشهدت المصفاة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي تثبيت وحدة تقطير جديدة، لتنطلق بعدها بدء معالجة مزيج ودرجات الخامات.
7) تطورات التكرير في الكاميرون
تتطلع الكاميرون إلى إعادة بناء مصفاة "ليمبي" المتوقفة عن العمل منذ اندلاع حريق بها، في نهاية مايو/أيار 2019، الذي تجاوزت طاقتها الإنتاجية قبله المستويات المتوقعة؛ إذ سجّلت ارتفاعًا من 45 ألف برميل يوميًا إلى 72 ألف برميل.
وتدرس حكومة الدولة الأفريقية وصندوق النقد الدولي تعزيز المصفاة بوحدة تكسير هيدروجيني جديدة، خلال محاولات إعادة بناء المصفاة.
ووصلت خطة إعادة تأهيل المصفاة إلى المرحلة الثالثة، التي تشمل: تقييم الجدوى الفنية والاقتصادية، وتأمين التمويل.
وتهدف عملية تطوير إعادة تأهيل المصفاة إلى أحداث طفرة إصلاحية، سواء فيما يتعلق بقدرات التكرير أو البنية التحتية.
8) تطورات التكرير في زامبيا
يبدو إعادة تشغيل مصفاة "إنديني" في زامبيا حلمًا بعيد المنال، بعد تشكيك وزير الطاقة "بيتر كابالا" في ذلك؛ ما أصاب عامليها بخيبة أمل.
وتسعى الحكومة لجذب مستثمر للمصفاة دون التزام منها بتطويرها؛ إذ اكتفت بمنح تعويضات لما يزيد على 399 عاملًا بها، دون إجراء صيانة للمرافق.
وكانت المصفاة قد أُغلقت نهاية عام 2020 بموجب خطة الصيانة السنوية المعتادة، إلا أن صعوبات مالية وتقنية حالت دون استئناف التشغيل.
وبرّرت الحكومة استمرار الإغلاق بارتفاع أسعار الوقود عند المضخة وعدم عمل المصفاة بالكفاءة المطلوبة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر:
